facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الاردن و"فافو" .. لغة الأرقام لكشف حجم مأساة العراقيين في المهجر


رنا الصباغ
04-03-2007 02:00 AM

يشرع معهد العلوم التطبيقية "فافو", الذي يتخذ من أوسلو مقرا له, في عملية مسح قريبا لتحديد أعداد العراقيين المقيمين في الأردن, وذلك بموجب مذكرة تفاهم مع الحكومة الأردنية- وبالتالي ستكشف الأرقام حجم المأساة الانسانية التي تعصف بالعراقيين وسط تفاوت كبير بين الأرقام الرسمية وواقع الحال. تحدد مذكرة التفاهم الإطار المرجعي للوائح المهاجرين بعد الحصول على تمويل خارجي لتغطية تكاليف التعداد المقدر ب¯ 300.000 دينار.

يصر أصحاب القرار الأردني على أن المسح المرتقب لا يعني مطلقا منح مئات آلاف العراقيين المقيمين في الأردن صفة "لاجىء بحكم الأمر الواقع", لضمان عدم ملاحقتهم ثم تغريمهم فترحيلهم لأن الحكومة تعاملهم معاملة مهاجرين غير شرعيين بعكس مطالبات بعض منظمات حقوق الانسان الدولية.

بل على العكس تماما, المسح سيعين المملكة على التعامل بجدّية ومنهجية مع تحدي اللجوء العراقي منذ سقوط بغداد في ربيع العام 2003 بعد سنوات من الصمت الرسمي والشعبي في بلد يعاني أصلا من "عقدة اللاجئين". إذ استقبل هذا البلد, الواقع على مفترق طرق صراعات وحروب, موجات هجرة ونزوح منتظمة من دول الجوار, كانت أكبرها لجوء غالبية الشعب الفلسطيني عقب قيام دولة إسرائيل على أنقاض فلسطين التاريخية العام .1948

هذا المسح سيساعد أولا على فك "لغز الألغاز": عدد العراقيين في الأردن الضائع بين التقديرات الحكومية والأجنبية في زمن بات فيه الوضع السياسي والاقتصادي والامني لبلاد الرافدين غير قابل للاستشراف. سيحدد أيضا حجم الوافدين من العراق منذ أولى موجات التهجير مطلع العقد الماضي.

المفوض السامي لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيرس يقدر بأن الأردن يؤوي زهاء 750 ألفا, أي ثلاثة أضعاف السجلات الرسمية التي تتحدث عن ربع مليون فقط, في بلد قنّن دخول العراقيين إلى أراضيه منذ قدح ثلاثة عراقيين أحزمة ناسفة في فنادق عمانية أواخر العام 2005 ما أودى بحياة ستين شخصا. قبل تلك الكارثة غير المسبوقة, كانت المملكة تبدي تسامحا ازاء العراقيين. لكنها بعد احداث الفنادق اتجهت لاعتقال ثم ترحيل من لا يتمتع باقامة قانونية من العراقيين.

"تشير لوائح المفوضية السامية للاجئين إلى أن أكثر من 25 الف عراقي تقدموا خلال السنوات الثلاث الماضية بطلبات لجوء سياسي إلى بلد ثالث, إلا أن المفوضية اعترفت بأهلية 600 طلب فقط".

ثانيا, سيساعد المسح الدولة المضيفة على التعرف عن كثب على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وخصائص التقسيم الطائفي والعرقي والاجتماعي والتعليمي والتنوع الاجتماعي "الجندر" المرتبطة ب¯ "الجالية العراقية" التي لجأت إلى المملكة بحثا عن نعمة الأمن والاستقرار هربا من تداعيات الاحتلال الأمريكي, أو من القمع السياسي والانهيار الاقتصادي في عهد نظام البعث السابق بقيادة صدام حسين.

بعد تحديد الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية والمالية لتواجدهم, يستطيع الأردن أن يحدد الاحتياجات الواقعية والفعلية لهؤلاء العراقيين لجهة خدمات الإغاثة والصحة والتعليم والعمل والبنى التحتية. وبعدها يستطيع الأردن تقديم مساعدة لهم بناء على طلب إسناد ودعم من المجتمع الدولي المتقاعس أصلا. "جنيف ستستضيف مؤتمرا دوليا في نيسان حول اللاجئين العراقيين"

المسح بحسب مقربين من الملف, لن يعتمد على طرق أبواب جميع العراقيين المقيمين في الأردن. إنما سيعتمد على مقابلات شخصية لعيّنات مختارة بناء على عنقودية تمثيلية في أماكن تواجدهم في المملكة مدعومة بقاعدة إحصائية.

في خلفية المشهد السياسي والاجتماعي والاقتصادي الملتهب أردنيا وعربيا بسبب الأزمات الإقليمية في فلسطين والعراق, يصر الأردن الذي لم يوقع على الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين لعام 1951 والبروتوكول الملحق بها لعام ,1967 على رفض توطين أي لاجئ من أي جهة كانت.

ويقول المسؤولون إن الأردن لن يتراجع عن مسألة التشديد على دخول العراقيين إلى الأردن لأسباب تتعلق بالأمن الوطني "الارهاب" والمجتمعي, سيما وان العراق أصبح مفرخة للإرهابيين, أكانوا من تنظيم القاعدة أو غيرهم. لذلك ترفض عمان الإذعان للضغوط الأمريكية والأوروبية لكنها تحاول في المقابل تسهيل دخول وإقامة العراقيين من باب احترام وتفعيل حقوق الإنسان. وفي الذاكرة الحية قضية تفجيرات الفنادق الثلاثة في عمان قبل 14 شهرا.

بعدد سكان يناهز خمسة ملايين و600 ألف نسمة, يتحدث الأردن قليل الموارد لا سيما بمصادر المياه- عن استنزاف موارده الطبيعية واقتراب بنيته التحتية وقطاعات الصحة والتعليم إلى حد الإشباع. وتزداد شكوى الاغلبية في الاردن, لا سيما الطبقة الوسطى المتآكلة, من ارتفاع كلف المعيشة, وتضاعف كلف شراء واستئجار السكن.

إضافة إلى تحديات تغيير الشخصية الديمغرافية لمدينة مثل عمان التي أصبح سائقو التاكسي فيها يطلقون ألقابا جديدة على بعض المناطق والأحياء في عمان مثل "الكاظمية" و"الكرادة" و"الاعظمية" تيمنا بأسماء مناطق عراقية بسبب كثافة الوجود العراقي فيها.

أضف إلى ذلك تحد أخر يتمثل في أن المملكة لم تحسم بعد أمر هويتها الوطنية بسبب استمرار الصراع العربي- الإسرائيلي وتداعيات ذلك على حق العودة للاجئين الفلسطينيين في بلد نصف عدد سكانه تقريبا من أصول فلسطينية وأغلبهم يحمل الجنسية الأردنية ويتمتع بكافة الحقوق والواجبات المدنية التي نص عليها الدستور. الأردن أعطى الجنسية لأعداد كبيرة من المهاجرين والنازحين لا سيما من فلسطين, لبنان, سورية, مصر والعراق ممن وفدوا إليه هربا من القمع السياسي أو الأوضاع الاقتصادية بعد الاستقلال, والضغوطات قائمة بصورة مستمرة.

قد يتعاطف الأردن مع بعض قضايا اللاجئين بسبب طبيعتها الإنسانية. لكنه لا يستطيع أن يفتح الباب لدخول المزيد من العراقيين لأنه ليس المتسبب في معاناتهم خاصة وأن أمريكا ومن بعدها بريطانيا تتحملان المسؤولية الأكبر بالنسبة للكارثة الإنسانية التي حلت بالعراقيين بسبب تدهور الأمن والأمان وتفاقم الاحتراب الأهلي وتدمير البنية التحتية وتصاعد معدلات الفقر والبطالة منذ الاحتلال.

على هذه الدول يقع عبء منح حق اللجوء للعراقيين, خاصة الذين تعاونوا مع الاحتلال ليجدوا أنفسهم بين مطرقة المجتمع وسندان المقاومة كالفيتناميين الذين نُبذوا في بلادهم لأنهم تعاونوا مع القوات الأمريكية الغازية خلال سبعينيات القرن الماضي.

ثمة أسباب عدّة تقف ضد فتح الحدود مع العراق أو إصباغ صفة "لاجئ أمر واقع" على أتباع هذا البلد.

- سيغضب الكثير من العراقيين لا سيما ميسوري الحال الذين اندرجوا بصورة شبه عضوية في دورة الحياة الاقتصادية ويعتبرون إقامتهم في عمان بأنها مؤقتة ضخوا خلالها استثمارات لها مردود على الأردن. "هناك اكثر من 70 الف عراقي يقيمون في الاردن بصورة مشروعة, اغلبهم بسبب استثماراتهم اضافة الى مئات من رجال الاعمال حصلوا على جوازات سفر مؤقتة لتسهيل سفرهم".

- السماح بدخول المزيد من العراقيين سيعني بالتأكيد فتح الباب أمام هجرة كبيرة خاصة من السنة, الفئة الأكثر تذمرا وشكوى من الاضطهاد وسوء المعاملة والاستهداف من الشيعة والأكراد بعد إزاحة نظام صدام حسين. هذا الأمر سيفرغ بغداد من أهل السنة, وبالتالي يتعارض مع موقف الأردن الرسمي الذي يدعو باستمرار إلى ضمان وحدة العراق وحماية تجانيس مكونات شعبه. يقف الأردن مع العراقيين على أساس عراقيتهم وليس على أساس طائفي أو عرقي.

- سيعني ذلك أيضا تغييرا في البنية الديمغرافية في العراق وسيعمق من خلل التركيبة الديمغرافية للمملكة وقد يفرز تناحرا بين الشيعي-السني في بلد اغلبيته من السنة.

- سيجلب المزيد من المخاطر الأمنية- الأردن في غنى عنها- بسبب قضية تزوير الجوازات في العراق, ومخاطر دخول عناصر من تنظيم القاعدة أو من الميليشيات الشيعية والسنية التي تضمر شرا للأردن بسبب مواقفه السياسية أو لأنها تريد الثأر من شخصيات عراقية مقيمة هنا. "مؤخرا أحبطت عدة عمليات لضرب شخصيات عراقية مقيمة في الأردن لأسباب سياسية أو مالية لكن لم يعلن عن حيثياتها".

الحل الأمثل يأتي من خلال رفع طاقة مكاتب المفوضية العليا لشؤون للاجئين في عمّان واستمرار جمع الأموال لتقديم المساعدة للمهجرين والنازحين داخل العراق, حيث تعمل المفوضية السامية من خلال 20 منظمة غير حكومية, وتفعيل الضغوط باتجاه إعادة توطين من يرغب في بلدان ثالثة, لاسيما أوروبا وأمريكا.

لا بد أن يقترن ذلك بإقامة ملاجئ أمان أو محميات داخل الحدود العراقية, لاسيما لإيواء الفلسطينيين المقيمين في العراق- وبعض الأقليات مثل المعارضين السوريين الذين لجأوا للعراق هربا من حكم البعث السوري قبل عقدين- إذ تواجه هذه الفئات خطر التقتيل والتشريد اليومي.

انجاز تعداد دقيق للعراقيين المقيمين في الأردن سيحدد حجم وأبعاد المشكلة كما ستفيد لغة الأرقام في رسم السياسات الأمنية والاقتصادية وحتى المجتمعية في بلد يئن تحت أفواج اللاجئين من كل حدب وصوب..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :