facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حكاوي بنت/ خزانة بمساحة حياة


17-02-2008 02:00 AM

ذلك الضوء المنسرب من جوانب الباب الموصد على فتياته كان يثير فضوله في الاقتراب أكثر من صغيراته والتعرف الى تفاصيل أيامهن.. وعبارة صديقه التي تشعره بأن الرجل قد لا يكون محكماً سلطته في بيته لم تفارقه منذ زمن ومازالت ترن في أذنيه:" انقطاع الرجل عن تفاصيل بيته بسبب عمله وعدم ممارسته للحنان اليومي الذي يحتاجه الابناء, كل ذلك يخلق في بيته مواضعاً تستحيل الى قلاع من العصي اختراقها بفعل المحرمات التي يفرضها الاب والمجتمع على بيته".

وأثناء توجهه لسلاسل الضوء المنسرب استذكر أنه لم يدخلها الا مرات قليلة طيلة 27 عاماً مما بعث شيئاً من التوتر في نفسه لكن ماتشي به سلاسل الضوء المتدافع الممتلىء بكلمات غير مفهومة كان أقوى من توتره فطرق الباب.. انتظر ثوان معدودة تكفي لترتب الفتيات أمورهن قبل أن تجيب إحداهن

- ادخل

أثارت المفاجأة شكوك الفتيات.. فلم يسبق للأب أن دخل الى غرفتهن الا في حال ضبط ممنوع, فأخذت الوسطى التي تجعل من النافذة متنفساً لدوائر الدخان المتدافعة من سيجارتها قاعدة لها نفساً عميقاً, وكأنها تود أن تبتلع الهواء المحيط بها خوف ان يكون حاملا لرائحة السيجارة التي اضطرات للتخلص منها عندما طُرق الباب. وحالما وقعت انظار والدها عليها بادرته بابتسامة تخفي توترها, اما الصغرى فقد كانت عيناها تدور في محاجرها وكأنها ترغب الفرار من مكانهما لرؤية وجهها والتأكد من اختفاء دمع الألم الذي كانت تبذله وهي تشكو لشقيقتها حكاية حب انتهت.. وعندما باغتها والدها بنظرة فاحصة بادرته ببسمة أثقل كاهلها استسفار عينيه عن حزن يلوح في ملامحها.

وتصدى لذلك الصمت المربك صوت الكبرى التي دخلت وهي تدندن, ولم يهدأ صوت الدندنة الا عندما وقعت انظارها على والدها, وبحركة تلقائية توجهت أنظارها الى خزانة الثياب الداخلية وقد نفرت قطعة ثياب منه. وتبع الاب أنظار ابنته ليقع نظره على قطعة الثياب, لكنه سرعان ما أبعد أنظاره عنها معتقداً أن ابنته احرجت لأجل نفور القطعة من الخزانة, وأطرق مفكراً:

- لم يعدن صغيرات.. لقد كبرن.

وأسعده أن يرى الحياء وهو يظلل وجه ابنته, دون أن يعلم أنها في حقيقة الامر تخشى أن يكون حضور الاب بناء على اخبارية كشفت أمر القلعة الحقيقية التي تحوي أسرارهن.

وعلاقته السطحية بفتياته لم تمكنه من متابعة أنفاس الصغرى المترقبة والقابعة خلف بسمة متحفظة تستر هلعاً من توجه الاب لفتح الخزانة واكتشاف رسائل الحب التي تبادلتها أثناء علاقة لفظت انفاسها الاخيرة اليوم. إلا أن الوسطى تمكنت أن تستشعر حياء الاب عندما لمح قطعة الثياب فأمنت على سجائرها.. وباقي الممنوعات.

في تلك الاثناء لم يكن الاب يفكر فيما ذهبن اليه.. كان يبحث عن القائد في هذه القلعة.. فاستبداده لم يصور له أن الحكم في هذه الغرفة من بيته ديمقراطياً.. يقوم على احترام ما تحويه خزانة الثياب الداخلية من اسرار, مع التزام الجميع بتقديم النصح إن رآى ما يضر بعيداً عن الالزام والتهديد والقمع.

ولم تفتر شفاه الفتيات عن بسمة راحة إلا عندما قال الاب بعد صمت مربك:

- أتيت لزيارتكن.

فلم تشعر الابنة لكبرى وهي تجلس على كرسي المكتب بالفرحة التي أُعلن ميلادها على ملامحها.
- أهلا بك يا ابتي

اعتقاده بأن سبب هذه الفرحة زيارته بعث في نفسه الراحة, وتسرب اليه شعور بانه يجلس في بيته فعلاً, ودفعته تلك الراحة البادية على الكبرى والهدوء الذي لم يفارق الوسطى الى اطالة مدة الزيارة والحديث عن الدراسة والعمل مؤكداً أن الهم الوحيد الذي يجب أن يشغل الانسان هو العمل والدراسة.

ولم يتمكن وهو يحاضر في بناته أن يلمح نظرة شفقة من ابنته الصغرى على حاله, فقد أدركت أن والدها يرغب في التقرب منهن لكنه يجهل الكيفية.. وبعد محاضرته الطويلة في الاخلاق والتي اعتقد انها تكفي لتقريب المسافات استأذنهن للخروج.

حال خروجه اجتمعن وقررن تغيير مكان اسرارهن مؤقتاً ليتمكنَّ من دراسة نوايا الزيارة التي قام بها الوالد على مهل ودون مجازفات. فخلدن للنوم تلك الليلة وعدم الراحة في أنفاسهن يرافق أنظارهن التي تتجه بين الفينة والاخرى الى الخزانة.. فأسرارهن تبيت للمرة الاولى خارج ذلك المكان الاكثر أمناً والمكان الوحيد الذي يحرم على الرجال الاقتراب منه.

في حين أن الاب الذي لم يسمع صوت فتياته خلال الزيارة ولم يتمكن من الدخول بلطف إلى أسرارهن حتى انه لم يكتشف بعد القلعة الحقيقية التي يمارسن فيها الحرية المسلوبة منهن, اعتقد أنه بدأ يمد جسور التواصل وقريباً وبعد جلستين وعظيتين سيلغي الحدود التي تفصل قلعة الفتيات عن بيته.
hakaweebent@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :