facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فصول من خطاب الانحطاط .. !!


حسين الرواشدة
14-03-2014 01:52 AM

لم يعد لاخواننا الفقهاء من قضية سوى قضيتين : ارتداء المرأة للنقاب، يجوز او لا يجوز: سنة ام بدعة؟ واختلاط المرأة مع الرجل : لماذا وكيف؟ وهكذا يبدو ان عقلنا الاسلامي منشغل تماما بالمرأة من هذا الجانب على اعتبار انها عورة (اجاركم الله؟؟!) لدرجة ان من يتابع اخبارنا يتصور اننا انتهينا من كل مشكلاتنا: السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، واننا حررنا عقولنا من التخلف ، وحرياتنا من الاستبداد ، وبلادنا من القتل والانقسام و الفساد ، وبقي ان نحرر وجوه نسائنا من النقاب .. وذلك هو الفتح المبين.

هل اصبح خطابنا الديني بائسا الى هذا الحد؟ نعم - للاسف - ويكفي ان نفتش وسط مئات الفتاوى والتصريحات التي يتسابق اليها علماؤنا ومرجعياتنا عن واحدة تتناول القضايا الكبرى التي تهم الناس في هذا العصر لندرك هذه النتيجة ، من سمع منا عن فتوى ضد الفساد الذي غطّى رؤوس مؤسساتنا العربية والاسلامية واصبح اخطر من اي نقاب تضعه امرأة على وجهها ، او عن فتوى تمنع الاستبداد الذي تحول الى اقنعة سميكة على وجوه الكثيرين لمحاربة أية دعوة للمشاركة والديمقراطية؟ ولو قلنا: دعك من ذلك ، ففقهاؤنا لا يريدون ان يتشابكوا مع السياسة: اين هي الفتاوى التي تتعلق بتحرير عقولنا من الجهل ، وكرامتنا من الفقر ، وضمائرنا من السكوت عن الخطأ ، وتعليمنا من رأس المال الذي انقض على حق ابنائنا فيه ، وايضا تحرير مجتمعاتنا من الظلم والعنف والانتقام.

من المفارقات الغريبة ايضا ان قضية” النقاب و منع الاختلاط وبالتالي مصادرة كل ما يتعلق بالمرأة من حقوق - قد ارتبطت في اذهاننا بمسألة الانحطاط وقد سمعت اكثر من مرة من فقهاء معتبرين ان الاختلاط من اهم اسباب الانحطاط الذي اصاب امتنا ، وان ما حدث من فساد في المجتمعات الغربية لم يكن ليصل لهذا المستوى لولا الانفلات الذي اتاح للمرأة ان تمارس حريتها بدون ضوابط ، وبالتالي فان الخوف المبالغ فيه احيانا دفع الكثيرين من الفقهاء وغيرهم الى معاملة المرأة كفتنة وتقييدها بما يلزم من قيود لدرء انتشارها ، وحماية المجتمع مما قد يصيبه من انحطاط جرّاء ممارستها بعض ما اقره الشرع لها من حقوق.

في هذا الاطار ، حدثت التباسات كثيرة في المفاهيم فالاختلاط المنضبط مثلا يختلف عن الخلوة غير الشرعية ، والاحتشام في اللباس يختلف عن النقاب ، وممارسة المرأة لعملها خارج البيت قد لا يتضارب مع التزامها بتربية ابنائها ، وطهارتها وعفتها وحفاظها على كرامتها لا علاقة له - احيانا - ببقائها في البيت او خروجها الى السوق ، ولا احيانا اخرى بلباسها او اختلاطها بالرجال او غير ذلك.. بمعنى ان اختزال العفة والطهارة والالتزام بالدين بالشكليات فقط ، يبدو غير صحيح ، فمواصفات التدين الصحيح تحتاج الى معايير تحاسب الجوهر والسلوك والأثر الطيب ، وهي - من حسن حظنا - موجودة في النصوص الصحيحة ولا تحتاج الا لمراجعات واعية من قبل فقهائنا وعلمائنا.. كما فعل محمد عبده الافغاني وابن بني.. والريسوني والقرضاوي في عصرنا الحاضر.

كل ما اتمناه ان ننتقل من سؤال النقاب والاختلاط الى سؤال الانحطاط لا لانه لا يوجد رابط بين الاثنين ، وانما - ايضا - لان ما قاله شكيب ارسلان قبل اكثر من قرن عن سبب تقدم غيرنا وانحطاطنا كمسلمين ما زال يقرع آذاننا بقوة ، واذا كان البعض قد تصور - وربما ما يزال - ان سبب الانحطاط هو اباحة الاختلاط.. او عدم الالتزام بالنقاب او غيرهما مما يتعلق بالمرأة كفتنة فان قرونا طويلة قادمة ستأتي علينا وسؤال ارسلان ما زال كما كان.. بدون اجابة.

لا بأس ، نريد ان نضم صوتنا الى اصوات الذين يطالبون بتحرير وجوه نسائنا من النقاب ومؤسساتنا وشوارعنا من الاختلاط ونريد ان نقول لصديقنا الفقيه : افترض ان النقاب من العادات وان وجه المرأة ليس عورة ، واختلاطها بالرجال ليس ممنوعا ، وتنازل - يا سيدي - هذه المرة ، لكن من يعدنا بان خطابنا الديني سيتحول الى مناطق اخرى اكثر خطرا على ديننا واوطاننا وانساننا ، مناطق يتوالد فيها التخلف ، ويتنامى فيها التطرف ، وتشتعل فيها نيران الظلم والفساد ، من يعدنا بان تحريرنا من النقاب سيكون مقدمة لتحريرنا من الخوف ومن التغطية بأشكالها ومن الانحرافات التي تخدش حياءنا العام ، وتحرير وجوهنا من الكآبة والجهامة وتحرير اوطاننا المحتلة من الغزاة وتحرير نسائنا من الجور والعذاب.. من يعدنا بذلك؟
كنا - دائما - نشكو من انحدار خطابنا السياسي ، ونتندر على فضائحنا السياسية ، لكن يبدو ان ثمة انحدارا ابشع قد اصاب خطابنا الديني ، وان ثمة الكثير مما يمكن ان نتندر عليه فيما يصلنا من قضايا ينشغل بها فقهاؤنا هذه الايام هل تتذكرون فتاوى الارضاع من الكبير ، وفتاوى الزواج من الجن ، وفتاوى جلد الصحفيين؟ وفي كل حال ، نقول ذلك ونحن نشعر بالمرارة والحزن لما وصلت اليه بلادنا العربية والاسلامية من تخلف ، ولما آلت اليه احوالنا من تردْ وانحدار ، ولما انتهت اليه امتنا من مصائب وكوارث.. ولا حول ولا قوة الا بالله.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :