يبدو أن وزارة الزراعة تذكرت أخيرا أن الأراضي الزراعية تقلصت كثيرا بعد أن زحف عليها العمران وصارت بعض هذه الأراضي الخصبة عبارة عن غابات من الاسمنت والحديد وخسر بلدنا انتاج هذه الأراضي الخصبة لذلك فقد أعلنت هذه الوزارة بأنها تفكر في اصدار تشريعات لحماية هذه الأراضي.

التشريعات التي تحمي الأراضي الزراعية كان يجب أن تصدر منذ سنوات عديدة ففي كل بلاد العالم التي تهتم كثيرا بالانتاج الزراعي أصدرت تشريعات صارمة تمنع التعدي على هذه الأراضي وخصصت للأراضي التي لا يستفاد منها في الزراعة من أجل البناء عليها لذلك نجد هذه البلدان تنتج المواد الزراعية المتنوعة وخصوصا الحبوب وتصدر من هذا الانتاج بسبب وفرته وكمياته الكبيرة التي تنتجها.

في بلدنا مع الأسف الشديد نجد أن العمران قد أكل مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة وأفضل مثل على ذلك مناطق عمان الغربية فقد زحف العمران على هذه المناطق التي تعتبر من أفضل المناطق الزراعية وهذا ينطبق أيضا على مناطق الشمال والجنوب والوسط فصارت هذه الأراضي الخصبة عبارة عن غابات من الاسمنت والحديد وفقدنا مساحات شاسعة من هذه الأراضي الخصبة وهذا أدى إلى تقلص انتاجنا خصوصا من القمح والشعير وأصبحنا مضطرين إلى استيراد كميات هائلة من هذين الصنفين اللذين لا يمكن الاستغناء عنهما أبدا وبالطبع فاننا ندفع بدل ما نستورده بالعملة الصعبة وهذا يؤثر على احتياطياتنا من العملة الصعبة الموجودة في البنك المركزي.

اصدار تشريعات لحماية الرقعة الزراعية مسألة مهمة جدا ويجب الاسراع في اصدار هذه التشريعات لأنها تأخرت كثيرا لكي نتمكن من حماية ما تبقى من الرقعة الزراعية حتى لا تصبح ايضا غابات من الاسمنت والحديد وهنالك مساحات واسعة من الأراضي التي لا تصلح للزراعة يمكن استغلالها في البناء واقامة المشاريع المختلفة ولو فعلنا ذلك منذ سنوات النهضة العمرانية لكانت رقعتنا الزراعية سليمة وظل انتاجنا من القمح والشعير وباقي المنتجات الزراعية كما هو ولما اضطررنا إلى الاستيراد ودفع ملايين الدنانير بالعملة الصعبة.

لقد كان الأردن دولة زراعية ويعتمد عدد كبير من سكانه في معيشتهم على الزراعة لكن نسبة من هؤلاء الناس باعوا أراضيهم أو جزءا منها نتيجة للاغراءات المادية أو أنهم حولوها إلى زراعات أخرى مثل زراعة أشجار الزيتون حتى أن بعض المزارعين الكبار أصبحت أراضيهم عبارة عن غابات من الزيتون وصرنا نعاني من فائض كبير في انتاج الزيت ولا نعرف كيف نصرفه لأننا نفتقر إلى المصانع وإلى أساليب التعبئة الحديثة التي تساعدنا على التسويق سواء في الداخل أو الخارج.

على كل حال فنحن بانتظار التشريعات الجديدة ونتمنى أن تكون تشريعات واضحة لا لبس فيها ولا غموض وفي نفس الوقت أن تكون تشريعات صارمة خالية من الاستثناءات حتى لا يكون هناك أي مجال يمكن أن يستغله البعض للتعدي على رقعتنا الزراعية.
(الدستور)