facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




د. محمد جويدان الجمل .. وداعاً!


محمد خروب
13-04-2014 09:14 PM

هاتفني د. محمد الجمل يوم الخميس الماضي ليؤكد على موعدنا يوم السبت (امس) كي نتناول طعام الافطار في قاع المدينة مع حسن ابو علي, على وعد مني بأن يكون في عيادته قبل العاشرة والنصف، بعد ان انتهى الى ترتيب جديد, فرضته عليه الوعكة الصحية التي ألمّت به قبل نحو من اربعة اشهر، ثم ما لبثت ان تفاقمت كي تُجبر هذا النطاسي البارع والمثقف, الباحث ابداً عن المعرفة وطارح الاسئلة الذي لا يملّ, والمُعْترِف لغيره بالدور والأهمية، بعيداً عن نزعة الاستعلاء واحتكار الحقيقة وإصدار الأحكام المسبقة المستندة الى ثقافة تصفية الحسابات، والتي غذتها كثيراً وطويلاً, صالونات النميمة وتلك التي لا تتقن غير المماحكة والتصويب على الآخرين واغتيالهم معنوياً.. لم يتحقق الموعد مع هذا الانسان الطيب المتواضع، لأن وعد الحق كأن أسبق، وغدا كل شيء «سابقاً» ولم يَتقدم في مشهد ليل الجمعة الذي لفظ فيه ابو فارس أنفاسه الأخيرة، سوى الحقيقة التي لا تتقدم عليها اي حقيقة في الكون، وهي الموت، بكل ما تحمله هذه «الكلمة» التي تعلم كل نفس انها ذائقتها، إلا أننا نكابر ونشتري الوقت ونهرب الى الامام في محاولة للنسيان أو التناسي أو الزعم بأن الاخرين–اي آخرين–هم الذين يُصابون ويَمْرَضون ويتوعّكون ويموتون، اما انا (اي واحد من الذين يُكابرون او تستهويهم لعبة الإنكار) فليس من المرشحين لنكبات أو أعراض كهذه.

الى ان يقف الواحد منا امام مرآة نفسه، ويدخل في عالم «الذكريات» او استدعاء الذين «سقطوا» على الطريق وابتلعتهم المقابر، يتساوى في ذلك «الكبار» وهم إما كبار في المواقع والوظيفة والثروة او الجاه المصطنع والمفبرك–الا مَنْ رحم ربي–مِنَ الذين امتلكوا السجايا الرفيعة والاخلاق الحميدة والقلوب الكبيرة، والطوية الحسنة والصدور الواسعة، والتواضع، واحسب ان محمد جويدان الجمل، الطبيب والانسان والمثقف، كان احد هؤلاء، بما توفر عليه من حُب للناس وكرم وابتسامة, تحسب ان صاحبها لم يعرف الالم او الطعن في الظهر أو إنقلاب بعض الاقربين, أو الذين صنّفهم ذات يوم في خانة الاصدقاء, فاذا بهم أول من شحذ له السكاكين ورغبوا في «اردائه», لكن رحمة الخالق أنقذته وزهده في الحياة والمناصب اسهم في تكوين قناعاته التي شكّلت له (ذات يوم الى ان وافاه الاجل), زاداً وفيراً يقيه تقلّب الاصدقاء والاعدقاء وخذلان الذين لا يعرفون من الابتسامة غير إطار اسنانهم الصفراء, فإذا بها ابتسامات صفراء, لا يحتاج الحصيف–والراحل صاحب مرتبة راقية في الحصافة وقراءة ما بين السطور–الى كبير عناء لمعرفة لونها واكتشاف نيّات اصحابها.. في عيادته كما في حضرته, تشعر بالدفء عندما تجالس د. الجمل الذي إن كنت تراجعه في عارض ما, يأخذك بعيداً وطويلاً نحو ملفات وقضايا يكاد المرء من فرط ما يورد «ابو فارس» من معلومات وتواريخ واسماء كتب وشخصيات وبخاصة عن ملابسات وفاة جمال عبدالناصر حيث لم يتزحزح للحظة واحدة عن قناعاته بأن الزعيم الخالد قد تم تسميمه, يظن أن آخر اهتماماته هي تخصصه الذي أفنى عمره معالجاً ومحاضراً ومتابعاً فيه ومن أجله, لكنه وقد شعر أن ثمة من ينتظر في ردهات العيادة, بحاجة الى مشورته, يفاجئك بآخر ما كُتب أو انتهت اليه الابحاث في شأن العارض الذي جئت من أجله.. واذا كانت القراءة والبحث الذي لا يتوقف عن المعرفة وطرح الاسئلة التي ما فتئت تقلق راحلنا الكبير, هي التي اجبرته أو دفعته أو وجدها خياراً, كي يستثمر الوقت, الذي يفصل بين دوامه الصباحي في عيادته وذلك المسائي الذي يمتد بين الرابعة والسادسة, كي يَبْقى في عيادته قارئاً ومضيفاً لاصدقائه (مع وجبة متواضعة أم دسمة), فإنما كي يواصل طرح الاسئلة وتحويل الجلسة الى منتدى صغير وقصير نسبياً, يمكن ان يمتد ليوم أو أيام تالية, حتى لكأن الذي قد بات يعرف الطبيب الذي يلتهم الكتب عن قرب, لا يمل من طرح السؤال عليه, أي نوع من الرجال (وليس الاطباء).. انت؟

خسرنا هذا الرجل الطيب الذي كان مشواره في هذه الحياة الفانية, سجلاً حافلاً بالانجازات والنجاحات على المستويين الشخصي العائلي كأب بار وجدّ حنون, كما على المستوى الوظيفي/ الوطني, سواء في الخدمات الطبية الملكية أم في قوة الامارات المتحدة (أبو ظبي) أم في كلية الطب بالجامعة الاردنية, ودائماً في عيادته بجبل الحسين, ناهيك عن عضويته في مجلس امانة عمان الكبرى.. لترقد روحك في سلام... يا ابا فارس, وليرحمك الخالق برحمته الواسعة.
kharroub@jpf.com.jo

الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :