جولة تاريخية في معاناة الدبلوماسيين الأردنيين
21-04-2014 11:36 AM
عمون - كتب: الدكتور سعد ابودية - عجبتُ من بعض الآراء التي تتهم الحكومة بالتقصير في موضوع اختطاف السفير الأردني في ليبيا فواز العيطان، بل على العكس؛ فقد أظهرت الحكومة اهتماما غير مسبوق..
صحيح أن الحكومة اخطأت في اماكن اخرى ولكن هنا تميزت عن كل الحكومات في هذا الموضوع لدرجه خشيت فيها ان ترتكب هذه الحكومة اخطاء تحت تأثير الاندفاع والضغط الشعبي.
وللعلم هذه ليست اول مرة يخطف دبلوماسي اردني. ومن ذاكرة التاريخ وفي مطلع الثمانينيات تم اختطاف الدبلوماسي الاردني هشام المحيسن في بيروت وكانت علاقة الاردن مع القوى المؤثرة في لبنان مثل سوريا غير قوية ومع ذلك ساهمت الدبلوماسية الشعبية مع الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد في اطلاق سراح المحيسن فورا وقد اغدق المحيسن بالشكر للرئيس السوري اكثر مما شكر اي جهة اخرى وبعدها بقليل من السنوات عام 1984هوجمت واخترقت السفارة الاردنية في ليبيا وتم الاستيلاء على الوثائق وجوازات السفر الفارغة وكانت مأساة للاردن وغادر السفير سامي الشمايلة ليبيا وظل في السفارة دبلوماسي واحد هو ابراهيم الصافي قبل ان يغادر ايضا..
ومن الملاحظ أن هذه الحوادث وقعت في فترة لم تكن علاقات الاردن مع ليبيا او سوريا قوية، ولكن الوضع الآن يختلف اذ ان علاقتنا مع النظام الليبي الجديد قوية والحمد لله والعلاقات الثنائية بين البلدين واعدة جدا واختطاف السفير يمكن ان يتم استيعابه وحله ولكن يجب ان نكون حذرين جدا لان بعض الاخبار التي تنشر تضر بالقضية، مثلا الحديث عن استخدام قوة عسكرية اردنية لتحرير السفير لا تصب في صالح الموضوع. وكان حرياً بالأردن نفي هذه الأحاديث نفياً قاطعا اذ يذكرني هذا الخبر المغرض بعملية الكوماندوز المصريين الذين طاروا الى لارنكا في قبرص 1978لتحرير الوزير المصري والكاتب الكبير يوسف السباعي الذي اختطف من منظمة فدائية فلسطينية بعد ان بدأت مصر عملية السلام مع اسرائيل ويومها قتل السباعي وفشل الكوماندوز المصري وغضبت قبرص ولم يتحقق اي هدف لمصر العزيزة.
هناك عمالة أردنية في ليبيا يجب ان تبقى وألا نعيد اخطاء 1990 يوم حلت بنا كارثة بخروج العمالة من الخليج لان قراراتنا لم تأخذ هذه الناحية بالاعتبار ويومها دفعت العمالة الاردنية الثمن.
نحن في موقف تفاوضي جيد حتى الآن بخصوص السفير فواز العيطان والحكومة والشعب الليبي في جانبنا وكل ما يلزمنا هو القرار الصحيح واقول لكل من يتهم الحكومة بالتقصير انه على خطأ وان الحكومة الحالية تصرفت افضل بكثير مما تصرفت حكومات الثمانينيات يوم كان يقتل الدبلوماسيون واحدا تلو الآخر في اوروبا على يد جماعة ابي نضال مثل المرحوم زياد الساطي الذي قتل في تركيا وعزمي المفتي في بوخارست وغيرهما من الشهداء مثل بلقز في مدريد والقرالة (عسكري) والذي استشهد في مرحلة مبكرة 1978 في أثينا وهناك جرحى مثل محمد علي خورما (سفير في الهند) وتيسير طوقان (سفير في روما) وكتبت النجاة لعاصم قطيشات (اثينا), ومرت فترة هدوء حتى استشهد نائب المعايطة في بيروت 1994 وكان التقصير في التعامل مع تطورات القضية لاحقا واضحا كما اخبرني المرحوم محمود المعايطة والذي اطلعني على الملف الذي كان قد حصل عليه كاملا.
رحم الله الشهداء وافرج كربة الاخ فواز وان شاء الله يعود، واني على ثقة ان لكل اردني مكانة عزيزة في قلب أي ليبي وهم من اقرب الناس الينا وبعد الحرب العالمية الثانية عندما ارادت بريطانيا ادارة ليبيا ارسلت البريطاني ترايب للاردن وجلس مع وزير الداخلية سمير الرفاعي وكتب ملاحظات جاءت في عشرات الصفحات وقد احضرتها من اكسفورد وفيها معلومات عن طريقة الادارة في الاردن حتى تستخدم في ادارة الجزء الشرقي من ليبيا القريب من ثقافة الاردن.