facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




معضلة الاعتراف باستقلال كوسوفو .. هواجس من انفراط عقد دول قائمة


رنا الصباغ
24-02-2008 02:00 AM

بين مطرقة التحالف الاستراتيجي مع واشنطن وسندان العلاقات السياسية الاقتصادية المتنامية مع موسكو تجد عمّان نفسها مرّة أخرى في مأزق دبلوماسي يتعلق بمقاربة إعلان استقلال كوسوفو الأحادي عن صربيا قبل أسبوع.

فأمريكا التي تؤيد غالبية سكان الإقليم من الألبان المسلمين - حوالي 90 في المائة من عدد سكانها المليونان- تضغط على حلفائها عربا وأجانب لتسريع اعترافهم رسميا بالدولة الوليدة. وهي تريد منهم أن يعينوها على ترسيخ الحياة الطبيعية وتحقيق الاستقرار والتسريع في استصدار قوانين " تظهر الإنجازات" وتوفر ثقة لمواطني كوسوفو بأن دولتهم تسير باتجاه الديمقراطية والرفاه والتزام المعايير التي تؤهلهم للانضمام إلى الاتحاد الاوروبي.

في المقابل, تخوض روسيا- المؤيدة لدولة الصرب والأقلية الصربية في كوسوفو (10 في المائة من عدد سكان), معركة دبلوماسية شرسة لثني المجتمع الدولي عن الاعتراف بهذه "الدولة المفتعلة" التي تعتبرها "باطلة ونهايتها قريبة" لأنها أعلنت من قبل "مصالح خارجية معادية للصرب" من دون أن تتمتع بأي سند قانوني محلي أو دولي.

في هذه الأثناء, أعلنت أكثر من عشرين دولة اعترافها بدولة كوسوفو الجديدة من ضمنها أمريكا وغالبية دول أوروبا ما عدا أسبانيا واليونان وبضع دول أخرى عندها مشكلة قوميات وأقليات. وأصبحت بريطانيا أول دولة ترسل سفيرا.

عمان, بحسب دبلوماسيين ومسؤولين, حريصة من جهة على أن لا تتخلخل علاقاتها الاقتصادية-السياسية-العسكرية-الأمنية مع أمريكا. لكنها في الوقت نفسه لا تريد غرس شوكة في خاصرة علاقاتها المتناسلة مع موسكو بعد انفراط عقد الاتحاد السوفياتي مع انتهاء الحرب الباردة. في نهاية المطاف, ستعترف باستقلال كوسوفو, لكن ربما بعد أسابيع ضمن الفوج الثالث او الرابع من دول العالم, وفي حال نجحت المنظومة الدولية بناء توافق حول الطريقة التي انتزع فيها الألبان استقلالهم في عالم شديد التوتر بعد انتهاء الحرب الباردة.

ففي عالم القطبين كانت العناوين معروفة: كان التفاهم بين البيت الابيض والكرملن كافيا لمحاصرة أي نزاع ووضعه على طريق الحل. اليوم انقلب الوضع رأسا على عقب وأصبحت الأمم المتحدة خاتما في الأصبع الأمريكي ومرفوضة كوسيط في بعض النزاعات. اليوم الكل يبحث عن مخارج مدعومة أمريكيا حتى لو كان على حساب مسار التاريخ أو المعادلة الجيو-سياسية التقليدية.

حتى الآن لم يصدر أي بيان رسمي أردني يخاطب ولادة آخر دولة في العالم - وآخر دولة "قومية" من الدول السبع التي انسلخت عقب انهيار يوغسلافيا عام 1992 مع استقلال جمهورية سلوفينيا. ومن مفارقات التاريخ أن سلوفينيا بالذات تتولى الآن رئاسة الاتحاد الأوروبي الذي يرعى اليوم استقلال كوسوفو ويشرف على بعثة أمنية- قانونية تساعد الحكومة الكوسوفوية على تخطي مصاعب الشهور الأولى للاستقلال.

موقف الأردن, شأنه شأن عدد كبير من الدول العربية وغيرها من دول العالم, قائم على الخشية من الإقرار الجديد بما فيه قبول سابقة في القانون الدولي ومجلس الأمن قد تستفيد منها أقليات أخرى قومية ودينية حول العالم تريد الاستقلال. وفي البال إقليم كردستان شمالي العراق, وملف الصحراء الغربية, ومستقبل جزيرة قبرص المقسومة على نفسها, والحركات الانفصالية في جورجيا والفلبين والصين, ورغبة الشيشان في الاستقلال, وطموح أقليات عرقية في اندونيسيا وأسبانيا واليونان الخ...

سابقة كوسوفو ستعطي دفعة قوية لحلم الاستقلال الذي يراوح هذه الأقليات لعقود ويغلق الباب على ازدواجية التعاطي مع مسعى بعض الشعوب والأقليات في التمتع بالاستقلال. والأخطر على الأمن القومي الأردني هو تغيير في الإقليم يؤدي إلى شرعنة انسلاخ كردستان عن العراق مستقبلا وبدء بلقنة الشرق الاوسط, بدءا بتقسيم العراق فعليا إلى ثلاث مناطق: دولة شيعية موالية لإيران, سنية قد تجد عمقها الاستراتيجي والأمني والحياتي في الأردن, ودولة الأكراد الموالية لإسرائيل. ثم تنسحب على سورية ولبنان وغيرها.

لكن سابقة قيام دولة كوسوفو بهذه الطريقة قد تعطي حجة للأصوات الفلسطينية التي بدأت تفقد الأمل من غياب التقدم في المفاوضات مع إسرائيل, والتي من المفترض أن تفضي إلى إنشاء دولة فلسطينية. ومن هنا, يجد الأردن مصلحة في قبول الاعتراف بما قامت به كوسوفو من باب الاحتياط وتوسيع الخيارات المستقبلية. فلماذا تقوم كوسوفو على أنقاض فدرالية يوغوسلافيا بينما يبقى الشعب الفلسطيني بلا دولة مستقلة?

قبل أيام رأى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه أن على الفلسطينيين إعلان استقلالهم من طرف واحد " وبالوسائل السلمية, كما فعلت كوسوفو, قائلا :"من حق شعبنا إعلان استقلاله كشعب كوسوفو... وعلى العالم أن يتولى إزاحة الاحتلال عن أرضنا".

وعبر الناطق باسم حركة فتح محمد الحوراني والامين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية, الدكتور مصطفى برغوثي ومراقبون فلسطينيون عن تأييدهم الضمني لخطوات من هذا النوع في حال استمر التعنت الإسرائيلي في سياق مباحثات السلام, واضعين بعض الحيثيات الواجب توفرها لتحقيقه ومن ضمنها ضمانات دولية. صحيح أن الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي بينما كوسوفو أصلا تتمتع بحكم ذاتي منذ عقود وهناك تواجد لقوات من حلف الناتو يقدر قوامها بـ "15 ألف جندي" على حدودها تحمي هذا الاستقلال. والأهم أن لا قوات عسكرية صربية داخل كوسوفو وهو ما يختلف تماما عن الأراضي الفلسطينية.

من جهته يستبعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أي خطوة لإعلان دولة من جانب واحد رغم تلويحه بخيارات ربما تكون شبيهة, وتأتي في سياق عربي موحد. وفي بيان صادر عن الرئاسة الفلسطينية يوم الأربعاء حيث يؤكد عباس: "اننا نسير في المفاوضات من اجل الوصول إلى اتفاق سلام عام 2008 يشمل تسوية كافة قضايا الحل النهائي بما فيها القدس, وهو ما اجمع عليه المجتمع الدولي". بالتزامن أعلن الرئيس عباس غداة لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت أن السلطة ترفض "الحلول الجزئية" مع إسرائيل كما ترفض "الحدود المؤقتة" للدولة الفلسطينية المنشودة. وفي ذلك تماثل كامل مع الموقف الاردني والعربي الذي يدعم المبادرة العربية للسلام على أساس عودة كافة الأراضي العربية التي احتلت عام 1967 مقابل الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود وتوفير الأمن لها.

إعلان الاستقلال الأحادي على طريقة كوسوفو قد يكون ضمن الخيارات المستقبلية "الخلاقة" التي قد يستفيد منها العرب مع تنامي استبعاد تحقيق وعد الرئيس الامريكي جورج بوش بقيام دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل مع انتهاء ولايته الرئاسية مطلع ,2009 بحسب مسؤولين ودبلوماسيين.

وفي خلفية المشهد ذكرى إعلان رمزي لميلاد دولة فلسطين من الجزائر على لسان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات عام 1988 وترك أمر تطبيق ذلك للمفاوضات التي تدور في حلقة مفرغة منذ انطلاقها عام .1991

إذا قرر الرئيس عباس مدعوما بغطاء عربي أن المفاوضات الجارية قد ماتت بالفعل بعد ن دخلت مرحلة الغيبوبة بعد مؤتمر انابوليس, فعندها قد يصلح استلهام درس كوسوفو الأخير الذي نصح به مارتي أهاتسي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن وضع مستقبل كوسوفو.

بعد تعيينه في تشرين الثاني ,2005 أجرى السيد أهاتسي مفاوضات مكثفة مع زعماء صربيا وكوسوفو خلال 2006 و 2007 وتوصل إلى نتيجة مفادها أن جميع السبل الممكنة للتوصل إلى تسوية تفاوضية استنادا لقرار مجلس الأمن 1244 قد استنفدت وأن الطرفين ليسا قادرين على التوصل إلى أي اتفاق بشأن مستقبل هذا الإقليم الملتهب. كما نبه إلى أن الوضع الراهن غير مستدام ومن الممكن ان يتحول الى حالة من عدم الاستقرار, وعليه, يجب ايجاد حل مختلف.

توصل أهتيساري إلى نتيجة مفادها أن الخيار الوحيد الممكن لكوسوفو هو الاستقلال الذي يشرف عليه المجتمع الدولي لفترة أولية لتحقيق كوسوفو مستقرة سياسيا وقابلة للبقاء اقتصاديا بدلا من مقترح الاندماج في صربيا أو استمرار الإدارة الدولية من خلال بعثة الأمم المتحدة للإدارة المؤقتة فيها والتي حققت إنجازات باهرة. وينص اقتراحه الشامل بشأن تسوية وضع كوسوفو على تحديد هياكل الإشراف الدولية, استنادا للأسس القابلة للاستمرار والمستدامة والمستقرة التي سيبنى عليها الاستقلال في المستقبل, والذي يمكن جميع الطوائف وأفرادها أن يعيشوا في ظلها في سلام وكرامة وبضمان حقوق الجاليات وحماية الكنيسة الصربية الكاثوليكية وسيادة القانون.

وفي حال يئس الفلسطينيون من خيار المفاوضات, بإمكانهم اللجوء إلى خيارات من بينها الإعلان عن قيام الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية عاصمة بالتنسيق مع وبضمانة دول الجوار العربي, وتطلب وضعها تحت وصاية الأمم المتحدة لمرحلة انتقالية لحمايتها من الاعتداءات الاسرائيلية بينما تكسب اعتراف العرب والمجتمع الدولي تدريجيا, ضمن اقتراحات كالتي وضعها اهتساري?

لكن يبقى التساؤل حول وجود إرادة دولية بهذا الاتجاه لاسيما لدى الولايات المتحدة التي تمتلك مفاتيح الأمم المتحدة- القابلة التي بعثت إسرائيل إلى الحياة بقرار أممي غير مسبوق عام 1948?
العرب اليوم





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :