facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




معان .. لغة النار والبارود


سمير حجاوي
27-04-2014 12:13 PM

يمكن اعتبار مدينة معان الجنوبية في الأردن قصة فشل لكل الحكومات الأردنية، فهذه المدينة سجلت 3 انتفاضات كبيرة خلال ربع قرن، الاولى عام 1989 عندما انتفض المعانيون ضد الفقر والبطالة ورفع الاسعار والشظف والاهمال، والثانية عام 1996 عندما ثاروا لنفس الاسباب، لتثور مجددا الان في 2014، وبين هذه الاحداث الكبيرة عدد من الاحتجاجات الصغيرة.

مرجع فشل الحكومات الاردنية المتتالية يعود إلى اهمال معان التي يحب فلاسفة النظام ان يطلقوا عليها وصف "المناطق الاقل حظا"، وفي الحقيقة انها لم تعرف الحظ يوما ولا عرف طريقه اليها، مما أغرقها، بل ومحافظة معان كلها، وهي الاكبر في الأردن من حيث المساحة الجغرافية، في الفقر والفاقة وضيق اليد، دون تطبيق اي استراتيجية للارتقاء بها وانتشالها مما هي فيه.

للانصاف، جرت بعض المحاولات المتأخرة جدا للاصلاح، ولكن دون جدوى، فبقيت معان غارقة في الفقر، رغم الخطط الوهمية والوعود والتنظير، مما جعلها تثور في نهاية الثمانينيات، وكانت السبب في اعادة الديمقراطية إلى الأردن عندما اقدم الملك الراحل حسين بن طلال على اقالة حكومة زيد الرفاعي، وابعاد "صديقه" عن الواجهة واخراجه من المشهد لتهدئة الامور هناك، وسمح باجراء اول انتخابات ديمقراطية حقيقية.

كان المنتظر ان يتم العناية بمدينة معان المهملة، ومعها كل المناطق الاقل حظا، ولكن للاسف فان سياسة الاهمال استمرت، ولم يقبض اهل هذه المناطق الا "الريح" والوعود والاستقبالات الجوفاء، فكان من الطبيعي ان تثور مرة ثالثة كما يحدث الان، ولكن هذه المرة وخلافا لما قام به الملك حسين عام 89 عندما اقال الحكومة مباشرة وتفاعل مع التغيرات على الارض، فان الحكومة الحالية تتعامل مع الوضع بطريقة بائسة تفتقر للمهنية والحرفية السياسية وفهم الخارطة الاجتماعية والتبدل في المزاج الجماهيري، وبدلا من الاعتراف بمطالب الناس، استعار وزير الداخلية في حكومة الدكتور عبد الله النسور مصطلحات بن علي ومبارك والقذافي وصالح والاسد لوصف ما يجري مثل " الخارجون على القانون" و "مثيرو البلبلة" و"المطلوبون امنيا" وتوعد المدينة ب"حل امني نوعي" ونسب اليه التهديد بحصار المدينة وهو ما تم نفيه، مما الهب الوضع، وحول المظاهرات إلى مواجهات مسلحة وتم استهداف كل المباني الامنية وبعض الدوائر الحكومية في المدينة، ورفع الناس مطالبهم من تغيير الحكام المحليين إلى المطالبة باقالة وزير الداخلية والحكومة كلها، وهو ما سيحدث لا محالة.

التهديد بـ"حل أمني نوعي"، حول الحكومة إلى خصم لاهالي معان، فالشعب الأردني يقوم على بنية عشائرية اقوى من اي حكومة، وهذا ما دفع نائباً ينتمي الى عشيرة كبيرة هو غازي الفايز إلى المبادرة بمحاولة حول الازمة في معان "عشائريا" مع وجهاء الأردن، والذهاب إلى معان في "جاهة" لوقف الاشتباكات بين الدرك والاهالي، فالفايز يعلم كما يعلم وزير الداخلية، انه لن يستطيع حسم مواجهة عسكريا مع معان التي تحولت من "مدينة إلى عشائر" بعد التهديد بالحل الامني النوعي، فالعشيرة اقوى من الحكومة والوزارت والمؤسسات مجتمعة، وشيخ عشيرة قادر ان يفعل ما لا تستطيع ان تفعله الدولة، وهذا ما يعلمه وزير الداخلية الأردني حسين المجالي، فهو ابن عشيرة كبيرة ويعلم ان شيخا واحدا في عشيرته يحكم ويرسم اكثر من الحكومة بكل وزرائها ووزاراتها واكثر من كل الاجهزة الامنية مجتمعة.

الأردن بلد جميل، والأردن شعب جميل وطيب، واهل معان صبروا على ما لم يصبر عليه احد ومن حقهم وحق اهالي الطفيلة والغور والمفرق ان يودعوا الفقر والبطالة وهذا لا يحتاج إلى "حل امني نوعي" بل يحتاج إلى دولة تخدم مواطنيها، فهذا الشعب، وعشائره، عصي على الترويض والتدجين "والحلول الامنية النوعية"، فهم شم الانوف، وهذا ما خبرته الدولة العثمانية التي دوختها عشيرة وزير الداخلية وعشائر الأردن وكانت سببا في سقوطها، وهم الذين قصفتهم القوات البريطانية بالطائرات ايام احتلالها للاردن اهل معان ومعهم الشعب الأردني، لا يطلبون الا ان يعيشوا بكرامة وحرية وهذا حقهم، واستعير هنا ما قاله رئيس الوزراء الأردني يوم امس خلال لقاء مع جمع من شيوخ ووجهاء قبائل بني حسن بان الحل ليس بـ"النار والبارود"، معترفا بوجود اخطاء قائلا: "نعم هنالك أخطاء، لكن يوجد هنالك ايجابيات ومنجزات.. وطالب بتعظيم الإنجازات"..

هذه اللغة من رئيس الوزراء الأردني مقبولة فلا حل بالنار والبارود، وهو ما يناقض ما ذهب اليه وزير داخليته بتوعده "بحل امني نوعي"، وهذا يعكس ان لدى رئيس الوزراء رايا مخالفا لوزير داخليته.

التضحية بوزير الداخلية حسين المجالي هي الحل لانقاذ الحكومة وتهدئة الوضع بشكل مؤقت، اما الحل الدائم فهو رفع المستوى المعيشي لمحافظة معان والمناطق الفقيرة ومساعدتها على مغادرة مستنقع الفقر، مما سيجلب الهدوء لكل الأردن الذي يبقى الملاذ الوحيد لكل الهاربين من النار والبارود والحروب والقمع والاحتلال في بلاد الشام والعراق.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :