عمون - أقامت مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري بالتعاون مع مكتبة الإسكندرية في مصر الأربعاء حفلاً ثقافياً بمناسبة توزيع معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين في طبعته الثالثة التي أصدرتها المؤسسة أواخر شهر مارس الماضي.

وأقيم الحفل في مقر مكتبة الاسكندرية، مصحوباً بندوة أدبية يشارك فيها مجموعة من الأكاديميين المتخصصين والنقاد، كما سيجري توزيع المعجم على عدد من الشعراء الذين سوف ينشدون أشعارهم في ثلاث أماسٍ شعرية يشارك فيها نخبة من الشعراء الذين أضافتهم الطبعة الثالثة من مختلف بلدان الوطن العربي.

وقال رئيس المؤسسة الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين إن هذه الاحتفالية تأتي ضمن مسعى المؤسسة للاحتفاء بالشعراء وإبراز دورهم الإبداعي في تأصيل حركة الشعر العربي في العصر الحالي.

وأضاف البابطين: إن الشعراء الذين يتضمنهم المعجم في طبعته الجديدة بلغ عددهم 2514 شاعر بزيادة ملحوظة عن المعجم في طبعته الثانية التي صدرت عام 2002 حيث ضم آنذاك 1946 شاعر. على حين صدرت الطبعة الأولى من هذا المعجم عام 1995، مشتملة على 1640 شاعر.

وتابع البابطين:إن إصدار المعاجم الشعرية هو احد أهم أهداف المؤسسة التي أصدرت أيضا معجم البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين، كما تستعد حالياً لإصدار معجم البابطين لشعراء العربية في عصر الدول والإمارات (656-1215–هـ= 1258-1800م).

وأعرب البابطين عن تقديره لتعاون مكتبة الاسكندرية في هذه الاحتفالية، مشيداً بالدور الكبير الذي تقوم به، وبالعمق التاريخي لهذه المكتبة، ومثمناً الجهود التي يبذلها القائمون على المكتبة وعلى رأسهم مديرها اسماعيل سراج الدين.


وأشار البابطين أيضاً إلى أن إصدار المعاجم من قبل المؤسسة حقق خدمة علمية كبيرة للدارسين والباحثين ولمتذوقي الشعر، حيث قدمت المؤسسة عبر هذه المعاجم شعراء يظهرون لأول مرة بعد رحيلهم، حيث كانت أعمالهم طيّ الأدراج، وبعضهم يقطن في مناطق نائية يصعب الوصول إليها، وحصل ذلك في شعراء العربية على وجه الخصوص.

واكد الأمين العام لمؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري عبدالرحمن خالد البابطين أن المؤسسة تحولت إلى بيت لكل المثقفين العرب تحتضنهم وتستعين بهم وتتعاون معهم، معتبراً أن استمرار المؤسسة في عملها خلال نحو ربع قرن يؤكد أنها ناجحة بكل المقاييس العلمية والأكاديمية.

ونفى البابطين في لقاء مع -عمون -أن تكون المشاريع الثقافية للمؤسسة عبارة عن مدخل لمشاريع تجارية، مؤكداً أنه لا يوجد خلط بين النشاط الثقافي والاقتصادي، مضيفاً أن «العمل التجاري شيء، والعمل الثقافي شيء آخر تماماً، وليس ضمن أجندتنا أبداً أن نقوم بعمل ثقافي من أجل مكسب مالي».

وتابع أن المؤسسة لا تتلقى اي دعم مالي من اي طرف في تمويل نشاطاتها، مشيرا الى ان الدعم مرفوض، موضحاً أن المؤسسة لديها شراكات معنوية لا مالية مع جهات رسمية في الاحتفاليات الخارجية الكبرى.

وكشف أن هناك أعمالاً مسروقة ترسل إلى المؤسسة للمشاركة في الجوائز التي تقدمها، مشدداً على مصداقية لجان التحكيم العاملة في المؤسسة والجميع يثق بها ويشهد لها. وقال: «يحدث أن البعض قد يرسل عملاً مسروقاً ليس له، وعندما تأتينا معلومة ويحصل نوع من الشك نحجب الجائزة حتى لا نقع في إشكالية».
وفي ما يلي نص اللقاء:
كثيرون يتساءلون عن المردود الذي تجنيه مؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين للإبداع الشعري من النشاطات التي تقيمها؟

- بداية يجب أن أوضح أن العم عبدالعزيز البابطين لديه رسالة، وهذه الرسالة هي التي نسير عليها منذ عام 1989 عندما انطلقت الجائزة للمرة الأولى، إذ تتركز على كيفية المحافظة على اللغة العربية الفصحى باعتبارها لغة القرآن الكريم ودعمها وحمايتها من الاندثار، فكما هو معروف فإن اللغة العربية بدأت تتأثر ودخلت عليها مفردات غربية وعبارات مختلفة وتداخلت مع اللهجات المحلية، حتى أصبح الجيل الجديد لا يعرف أساس اللغة وضاعت هويتها، لذلك كان توجه المؤسسة الحفاظ على اللغة العربية وحمايتها وإبراز جمالها، وهذا بالنسبة إلينا هو أفضل مردود نسعى إليه. نحن مؤسسة ثقافية غير ربحية، هدفنا بالدرجة الأولى العناية بالشعر واللغة والثقافة والأدب. والجانب الآخر الذي نسعى إليه من خلال المؤسسة هو إبراز اسم الكويت عالياً في المحافل الثقافية والمشاركات الخارجية. فمن خلال نشاطنا الثقافي نتحدث باسم الكويت كمؤسسة ثقافية كويتية لها إسهامات ثقافية وأدبية، وهذا لاشك يمثل رصيداً لبلدنا.
لكن هذا العمل مكلف مادياً؟

- نعم مكلف مادياً، لكن هذه هي رغبة عبدالعزيز البابطين في تأسيس هذه المؤسسة لدعم الأعمال الإبداعية والشعرية، فهو شاعر ومثقف ويدرك أثر الثقافة والشعر في حياة الشعوب، وعندما قرر إنشاء المؤسسة للعناية بالشعر العربي كان يعلم أنها ستكلفه مالياً، لكنه كان يعلم أيضاً قيمة الشعر وأثره في بناء الأمة ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.

هل تتلقى المؤسسة أي تمويل أو دعم مالي من جهات معينة للمساهمة في نشاطاتها وأعمالها الثقافية؟
- أبداً لا يوجد أي دعم للمؤسسة من أية أطراف، فتمويل المؤسسة بالكامل وبشكل مئة في المئة من عبدالعزيز البابطين، لأنه يرى أن هذه مسؤوليته ومهمته، فكل ما يقدم من رعاية أو دعم هو مرفوض ولا نقبله نهائياً، لكن لدينا شراكات معنوية وليست مالية مع جهات رسمية قوية خصوصاً في الاحتفاليات الخارجية الكبرى، إذ نشترك مع بعض الجهات في إقامة مشاريع مختلفة، لإبراز نشاطنا رسمياً بشكل أكبر في الخارج.

دعم معنوي
هل تحظون بدعم ومساندة من الجهات الحكومية عند إقامة نشاطاتكم؟

- نعم، هناك دعم كبير نجده من قبل الكثير من الجهات في الدولة، وهو دعم معنوي لا مادي، فعندما تصبح مكتبة البابطين المركزية للشعر العربي في أجندة الديوان الأميري وديوان مجلس الوزراء، بحيث كل ضيف يزور الكويت يتم إحضاره لزيارة المكتبة، فهذا دعم كبير لنا من الدولة، وتأكيد على المكانة التي باتت تحتلها المؤسسة ودورها البارز، وهذا أمر كاف بالنسبة إلينا. كذلك هناك تعاون كبير مع وزارة الخارجية، فعندما يكون لدينا احتفال أو نشاط خارجي ونحتاج إلى تعاون "الخارجية" فهم يبذلون جهدهم معنا. وفي الاحتفالية الأخيرة التي أقيمت في بروكسل، طلبنا من وزارة الخارجية ترشيح أسماء لشخصيتين من كل بلد من الشخصيات الثقافية المعروفة في بلدانها، وقد تم إرسال قائمة لنا بالأسماء المطلوبة الذين شاركوا معنا في الاحتفالية.

أحياناً النشاط السياسي يختلط بالاقتصادي، فهل ينسحب الأمر على النشاط الثقافي، بمعنى هل المشاريع الثقافية لمؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين عبارة عن مدخل لمشاريع تجارية؟
- عبدالعزيز البابطين يفصل بين هذين الأمرين تماماً. صحيح انه تاجر ورجل أعمال ومثقف وشاعر وأديب، لكنه لا يخلط بين الاثنين نهائياً، فالعمل التجاري شيء، والعمل الثقافي شيء آخر تماماً، وليس ضمن أجندته أبداً أن يقوم بعمل ثقافي من أجل مكسب مالي، عموماً الآن البابطين ترك الأعمال التجارية لأبنائه وتفرغ لرسالته الثقافية والعمل الأدبي والشعري، وقد وضع كل تركيزه في هذا الجانب. لكن ما كسبه البابطين من هذه النشاطات الثقافية هو العلاقات الطيبة الكثيرة مع شخصيات كبيرة ومختلفة من رؤساء دول وحكومات ومسؤولين ومثقفين وغيرهم. بيت المثقفين

هل بقاء المؤسسة مرتبط بشخص عبدالعزيز البابطين؟
- المؤسسة ومشاريع البابطين الثقافية كلها أصبح لها صدى في الخارج وحضور في الكثير من الدول، وعبدالعزيز البابطين لا يعتبرها خاصة به فقط، إنما بيت لكل المثقفين العرب تحتضنهم وتستعين بهم وتتعاون معهم. مؤسسة البابطين أصبحت معروفة عربياً وعالمياً وبدأنا نخرج لأوروبا وأميركا، وبالتالي فهي مستمرة في مسيرتها وأهدافها.

بعض الجوائز الثقافية تظهر ثم تختفي بينما جائزة البابطين مستمرة منذ نحو 25 عاماً ما الأسباب؟
- جائزة مؤسسة البابطين كانت من أوائل الجوائز التي ظهرت في الوطن العربي وبعدها خرجت جوائز أخرى، صحيح ان هناك جوائز ظهرت وبرزت سنوات قليلة ثم توقفت واختفت، لكن نحن منذ عام 1989 مستمرون في عملنا بلا توقف. وهناك عدة أسباب لهذه الاستمرارية أولا نحن يدفعنا العامل الثقافي البحت، صحيح أن هناك جائزة مالية تقدم للفائزين، لكن الكثير من المثقفين والشعراء ينظرون إلى جائزة البابطين باعتبارها شهادة يتفاخرون بالحصول عليها، لأن آليات العمل لدينا دقيقة جداً، فلجان التحكيم سرية ولا أحد يعرفها، والأعمال التي يتم اختيارها قوية ومميزة، ولا نعتمد على المجاملة والعلاقات الشخصية في توزيع الجوائز، فعملنا علمي وأكاديمي، في الجانب الآخر، مؤسسة البابطين لم تتوقف على مشروع معين، بل تنوعت أفكارها وأعمالها لتشمل الكثير من المجالات الثقافية والفئات العمرية. وبرأي الشخصي من يستمر كل هذه السنوات من العمل ناجح بكل المقاييس العلمية والأكاديمية.

مصداقية اللجان

هل واجهتكم اعتراضات على جوائز تم منحها لشخصيات معينة؟
- طوال فترة وجودي في المؤسسة خلال 14 عاماً لم أشهد مثل هذا الأمر، بل بالعكس الجميع يثق ويشهد بأن هناك مصداقية للجان التحكيم العاملة، كما أنه بالإضافة إلى لجان التحكيم يوجد أيضاً مجلس أمناء لديهم رأي في هذه الأمور، الاختلاف في التصويت بين لجان التحكيم يحصل، ويحدث أيضاً أن البعض قد يرسل عملاً مسروقاً ليس له، وعندما تأتينا معلومة ويحصل نوع من الشك نحجب الجائزة حتى لا نقع في إشكالية، نحن حريصون جداً على الدقة.

على أي أساس يتم اختيار عناوين الندوات والفعاليات وأماكن إقامتها؟
- هناك دعوات تصل إلينا في بعض الأحيان من دولة ما أو جهة معنية تقترح إقامة فعالية لديهم، فنقوم بدراسة الأمر وعلى ضوئه نحدد المكان وعنوان الموضوع، خصوصاً أن لدينا جانبين في عملنا هما الجائزة التي نحرص دائماً على أن نقيمها في الوطن العربي، وحوار الحضارات نقيمه في أوروبا، فقد اخترنا البرلمان الأوروبي في بروكسل واليونسكو في فرنسا.