facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زحام وزحمة


د. ماجد الخواجا
26-02-2008 02:00 AM

لست أدري إن كان الموضوع له أبعاد نفسية واجتماعية أكثر من الأبعاد البيئية والحكومية.. أذكر في الماضي ليس البعيد أن اختلاف أوقات النهار كان له معنى وقيمة وتذوّق.. كان للصباح مذاقاً ولوناً يختلف عن الظهيرة أو العصر أو المغرب وطبعاً المساء.. كانت تفاصيل الحياة اليومية تستند إلى زمنٍ محددٍ من اليوم.. فما يصلح أن يعمل به صباحاً، لا يمكن بأيّ حالٍ أن يعمل به مساءً.. بل كانت السنة بفصولها الأربعة تتمايز بطبيعة النشاطات والمهام وحتى المشاعر التي ترتبط بالفصل السنوي.. فما ينفع بالربيع ليس هو ما ينفع بالخريف وهكذا.. كذلك كانت المراحل العمرية تتباين في متطلباتها وأعبائها وأحلامها.. فما يحمله فتى المراهقة، ليس هو ما يحمله شاب العشرين..

وبالتأكيد ليس ما يحمله رجل الثلاثين فالأربعين.. كانت هناك أحاديث ومتعلقات خاصة بالنساء لا يحق للرجال أو الأطفال الخوض فيها أو معرفتها أو السؤال عنها.. كان للرجال مجالسهم ومقاعدهم.. كان للأطفال شؤونهم.. كان للصبايا مشاغلهن.. كان هناك وقت كافٍ للعمل، ثم للراحة، ثم للقاء الجيران، ثم للسهر، ثم للعلاقات العائلية والاجتماعية.. كان هناك مساحة واسعة من الوجدان للتعاطف ومشاركة الآخرين أفراحهم وأتراحهم..

كان للنخوة ساحتها الرحبة.. كان للرجولة هامشها الواسع والواضح.. كان التأمل والتذوّق للحياة وتفاصيلها المجال الرحب.. كان الاستعداد للمساعدة وتقديم العون سمة جماعية وعامة.. فكيف هي الصورة الآن: إنها صورة قاتمة باهتة لا ملامح فيها سوى للعجلة والإسراع واللهاث المتواصل دون غاية ودون نهاية.. صورة لم تعد تحمل سوى لون واحد وطعم واحد.. صورة لا يمكن تبيان هويتها أو ترجمة معانيها..

إنها صورة مزدحمة بالإزدحام.. الكلّ يركض وهو في مكانه.. الكلّ مستعجلّ وهو لم ينجز شيئاً بعد.. الكلّ منهمك بالعمل الذي لا ينتهي.. لننظر فقط إلى شوارعنا لندرك حجم الخواء المزدحم الذي نعيشه.. كلنا نسرع، لكن لا أحد منا يصل إلى مبتغاه.. ما هذه الزحمة الخواء.. من يستطيع الإدعّاء أنه يميّز بين الصبح والمساء.. الصيف والشتاء.. العريّ والكساء.. الجوع والغذاء.. الداء والدواء.. التلوّث والنقاء.. الشرفاء والعملاء.. الطيبة والدهاء.. المجانين والحكماء.. من يستطيع الإدعّاء بأن هناك ما يستحق التوقّف عنده.. أقولها كما قلتها مراراً: هذه الزحمة.. هذا الزحام.. لا شيء..
Majedkhawaga9@yahoo.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :