facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الجندي والسفير .. !!


أ.د عمر الحضرمي
18-05-2014 03:02 AM

صنفان من مجموعة المحاربين والمدافعين عن حمى أية دولة، عادة ما يبرزان على الساحة في أية معركة تخوضها الشعوب ضد المعتدين القادمين من الخارج، وهما الجندي والسفير. إذ أن كليهما يقفان متقابلين على مسافات واحدة من الثغور التي تحيط بالدولة. وبالرغم من أن اللغة التي يستخدمها كل منهما والتي تفرضها طبيعة المهمة الموكولة إليه مختلفة، إلا أنها في النهاية توصل إلى ذات المكان، وهو حماية الدولة،لأن ما يجمعها هو أن حجم التضحية عند الجندي وعند السفير ونوعها هما واحد. لذلك فإن تكريم الأمة لهما دائماً يقع في ذات الدائرة، إذ يصبح الجندي ممثلاً للقدرة على الدفاع عن الوطن، على أحد أطراف الحدود، ويصبح السفير ممثلاً لكل مفاصل الدولة على الطرف الآخر من هذه الحدود. والجندي يمثل حالة الالتزام بتأدية الواجب الذي كان الإيمان به هو الدافع نحو انخراطه في سلك العسكريّة وخدمتها، والسفير كذلك فهو ما أنْ يضع قدمه على أوّل سلّم العمل الدبلوماسي فإنه يُدْرك ويُدرَّس ويُنبّه إلى أنه في حالة مستمرة من الدفاع عن بلده، لذلك فإنه يذهب إلى أداء هذا الواجب وهو يعلم مدى خطورته وصعوبته وحجم الجهد والولاء وتناسي الذات اللذين يجب أن يحتاط لهما وأن يتحلى بهما.

الجندي والسفير يسوقان أمامهما، في كل لحظة، استشرافات الأمن والأمان، ويتعاطيان، في كل من مناسبة، نفس النوع من التصدي والمواجهة، ويجدان نفسيهما في كل مرّة، في الساحات التي تتطلبها مصلحة البلد واستقراره ومستقبله، وحتى وجوده. لذلك فإنها مُوكّلان بأن يدافعا عن الناس بكل ما يملكان من قوّة واقتدار، وبالتالي فإن على هؤلاء الناس أن يرفعوا قبعاتهم احتراماً وتقديراً للرجلين، وأن يعملوا كل ما يمكن للمحافظة عليهما لأن في ذلك اعترافاً بالجميل وحفظاً له.

إن المواجهة الخطرة التي يتولاّها الجندي والسفير تجعل منهما مشروع مقاتل ومشروع شهيد، لا يغفل عن سلاحه سواء كان سيفه أم كانت دبلوماسيته، وأنها تقتضي منهما أن يكونا واعيين لما يجري حولهما، فالغفلة غير مسموع بها على أي صعيد أو على أي مستوى.

أسوق ذلك كلّه بعد أن عاد إلينا سالماً السفير الشاب فواز العيطان الذي قضى قرابة الشهر بين يدي خاطفيه. ومن المثير ليس الحادثة، فهذا أمر متوقع، بل وحدث للعديد من دبلوماسيينا، ولكن المثير أن فوّاز العيطان لم يخرج ، لحظة واحدة، من حالة كونه جندياً سفيراً، فكانت ردوده وردود أفعاله كلها ملمومة تحت عباءة المحافظة على التماسك والهدوء، وكان واعياً تماماً لكل ما يجري حوله، هذا لأنه في الأصل، وعندما أسندت إليه سفارتنا في لبيبا، كان يُدرك أنه ليس من واجب الجندي أن يقاسم قيادته الرأي فيما يتعلق بالساحة أو بالتوقيت أو باختيار القبيل. لذا فإنه ما أن قالوا له اذهب إلى ليبيا حتى حزم أمتعته وامتطى جواده ولم يغب عليه قرص الشمس إلا وهو يدير عمل سفارة بلاده هناك، غير مكترث بالضباب والغبار والسديم الذي كان يحيط به. كان همه أن يُنجز مهمته بنجاح. وحتى وهو يتعرض للمحنة كان يُدرك أن هذه صفحة من صفحات سِفْرِ العمل في وزارة الخارجيّة، وأن عليه أن يتحمل كل الصّعاب وهو يسكن وراء الحدود في سبيل حماية بلده وعزته وكرامته ومصالحه.

الجندي والسفير رجلان سكنت أقدامهما مستنقع الردى، وتصلبت شرايين قلوبهما على تراب الوطن، وأغمضا جفونهما على الرفعة والمجد للبلد.

الحمد لله على السلامة فوّاز، وأنا أعلم أنك عند كلمتك عندما قلت إني لم أقلق وأنا في المحنة لأني من "الربع" الذين لا يعرفون الهوان، وأنهم بقيادة فتى هاشمي لم يغب الجهاد عن دياره وديار أجداده، وعندما قلت أنك مستعد اليوم قبل غدٍ أن تعود إلى سفارتك إذا ما طلبت منك دولتك ذلك.
شكراً لك فوّاز باسم كل الرجال الذين صَنَعَتْهم الجهادية الأصيلة في الأردن.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :