facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




رغيف من عجين الورد


خيري منصور
02-06-2014 03:22 AM

إذا كان الإنسان لا يعيش بالخُبز وحده، فهو أيضاً لا يعيش بالورد وحده ولا بالذهب الذي حصل عليه ميداس الأسطورة الذي مات جوعاً لأن كل ما كان يلامسه يتحول إلى معدن بارد وصلب.

وهذه ليست عودة إلى ماري انطوانيت والبسكويت بقدر ما هي رغبة في التذكير بأن الإنسان يعيش بين حدي أو قوسي الضرورة والحرية، وأحياناً تنافس حاجته إلى الأمن غرائزه الأخرى لأنه ما من أي اشباع مع الخوف.
وقد حولت الثقافة الرأسمالية الإنسان إلى بُعْدٍ واحد فقط هو البُعْد الاستهلاكي، كما يقول هربرت ماركيوز وبالتالي أفرغته روحياً وحولته إلى سلعة أو رقم أصم.

فقدان الشعور بالأمان قد يفرض على الإنسان أن يتنازل ولو قليلاً عن حريته، لكن هناك من يرون عكس ذلك، ومنهم ذلك الأمريكي العادي الذي قال من خلال السي. إن. إن عشية أحداث الحادي عشر من أيلول أنه إذا تنازل عن نصف حريته من أجل نصف أمنه، فسيفقد الاثنين معاً لأنه لا يستحقهما وقد يرى البعض في هذا الموقف راديكالية لا تنسجم مع واقع الحال، وأذكر أن حواراً قصيراً جرى ذات يوم في أحد المطارات بيني وبين الكاتب «سونيكا» الحائز على جائزة نوبل، فقد اضطر مثلي أن يخلع حزامه وحذاءه ويحملهما وهو يعبر من بوابة التفتيش، ولم يكن غاضباً لأن فهمه للحرية ليس مطلقاً أو رومانسياً وقال إنه لكي يحافظ على ما تبقى من حريته عليه أن يدفع الثمن.

واختزال الأزمات التي نعيشها على تعقيداتها وتداخلها إلى الرغيف به إهانة للبشر فالاقتصاد رغم أهميته ومحورية نفوذه ليس كل شيء.

وهناك من جرَّبوا التُخمة في الطعام والأنيميا في الوجدان والإبداع لأنهم صدقوا أن الإنسان يعيش بالخبز وحده، مقابل آخرين شيدوا يوتوبيا من أحلام يقظتهم ثم اكتشفوا أنها أشبه بشجرة اللبلاب لا تستطيع الوقوف لحظة واحدة دون الارتكاز إلى جدار أو أي شيء آخر لأنها بلا عمود فقري.

وهناك ملاحظات من صميم علم النفس نادراً ما يهتم بها الباحثون وراصد الأزمات، منها أن الجائع لا يرى في العالم كله غير الرغيف الذي يسيل عليه لعابه، لكنه سرعان ما يكتشف أن حاجاته أبعد من ذلك بكثير.

والمكبوت جسدياً تحجب المرأة العالم كله عن وعيه لكنه أيضاً عندما يصحو يكتشف أن الأمر غير ذلك تماماً.
إن من يكتبون عن أزماتنا أشبه بالعميان الذين سقطوا على الفيل فوصف كل منهم العضو الذي سقط عليه من جسد الفيل.

والحل هو الإصغاء إليهم جميعاً لأن الفيل هو حاصل جمع شهاداتهم!
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :