facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الشيخ المعلم المرحوم الدكتور عبد الكريم الغرايبة و مفهوم الاخلاق


السفير الدكتور موفق العجلوني
17-06-2014 03:53 AM

بينما كنت اشارك بحفل وفاء الشيخ المعلم الدكتور عبدالكريم الغرايبة رحمه الله في المركز الثقافي الملكي و قد تفضل مجموعة من رجالات الاردن و اصدقاء و طلاب و زملاء و محبي الفقيد يذكرون مناقبه كان يجلس بجانبي رجل التقيته لاول مرة و كان بجانبه سماحة الدكتور عبد الناصر ابو البصل رئيس جامعة العلوم الاسلامية العالمية . حيث دار حديث بيني و بين الدكتور عبد الناصر عن اخر لقاء تم في الجامعة الاسلامية بحضور الفقيد , سألني الجار الذي التقيه اول مره عن لقائي بالفقيد , ومن خلال حديثه اكتشفت ان الجار هو رائد عبد الكريم الغرايبة الابن الوحيد للفقيد ,و علق قائلاُ الشكر موصول للدكتور عبد الناصر على اعداده لحفل التكريم حفل الوفاء لوالدي. و عندها تذكرت السنه الحسنة التي سنها الدكتور عبد الناصر بتكريم ليس فقد من قضوا نحبهم و لكن ممن هم على قيد الحياة و قد حضرت عدة مناسبات لتكريم رجالات نعزهم و نقدرهم قامت الجامعة الاسلامية العالمية بتكريمهم اثناء حياتهم الحافلة بالعطاء . و يا حبذا لو يتم تكريم من يستحقون التكريم اثناء حياتهم ليس فقط بعد وفاتهم .

في هذه الندوة و التي حضرها دولة الرئيس الدكتور عبدالله النسور و اصحاب الدولة عبد الرؤوف الروابدةه و الدكتور عدنان بدران و فيصل الفايز و اصحاب معالي و عطوفة و سعادة و علماء واساتذة و سيدات و سادة كرام و طلاب علم ومعرفة و صحفيين و رجال اعلام اجلاء .فقد جذب انتباهي الكلمات التي القيت من اساتذة كبار ابتداءاُ من شيخ الشيوخ الاستاذ عبد الرؤوف الروابدة و انتهاءاُ بشقيق الفقيد الدكتور فيصل الغرايبة .

هذه الندوة اخذتني في جولة تذكارية في بداية دراستي في الجامعة الاميركية في بيروت و جامعة دمشق و الجامعة الاردنية , وسرني صدور كتاب ذاكرة وطن : عبد الكريم الغرايبة مؤرخاُ عربياُ من تأليف الدكتور عبد المجيد الشناق .و قد توقفت عند بعض المحطات في هذا الكتاب . و اني اوصي الجميع بقراءته لما يحمله من سيرة للفقيد ومسيرة تاريخية حافلة بالعطاء يفيد منها المؤرخين و الباحثين و الدارسين و طلبة العلم و المثقفين .

و من هذه المحطات حوار الشيخ المعلم مع احد الجميلات في بيروت والتي نالت لقب ملكة جمال الجامعة الاميركية و سألت الشيخ رايه بحقوق المرأة و كيف يمكن للمراة نيل هذه الحقوق حيث قال : استحليت حديثها اكثر من شكلها و حاولت اعطاء جواب مثير فقلت لها " على المرأة ان تشن حرب عصابات في المطبخ لتجبر الرجل على احترامها و كلما ضعف تذوق الرجال للطعام الجيد و تقديرهم له , كلما توسع هامش الحرية للنساء . فالمراة اكثر حرية و اقرب الى نيل حقوقها في البلاد التي تعتمد على الجنك فود , و على الكلاب السخنة " هوت دوق " و ساندويشات .... " الشاورما " و الوجبات السريعة . و يخسر الناس مقابل ذلك متعة كبرى هي حديث المائدة الحلو . و لكن هذه الحرية و الحقوق تفقد المرأة و الرجل امران مهمان , هما متعة الحديث و النقاش و الزعل و الرضاء , ومتعة ثانية متع الاحترام و الالفة و يخسر الرجل متعة معرفة طعم فمه أي الطعام الجيد . فهل الحياة هي للعمل و النوم و جمع المال ؟ و هل المتع المادية كافية لتعويضنا عن المتع المعنوية و العاطفية ؟

و جذب انتباهي لقاء الشيخ الفقيد في الجامعة الاردنية بثلاثين حاذقة و ثلاثة رجال و و توقفت هنا عند الحاذقات لان الحاذقات يذكرنني بامهاتنا و شقيقاتنا و زوجاتنا و بناتنا و عماتنا و خالاتنا و مربياتنا و معلماتنا و كل فتاة و امرأة شريفة في مجتماتنا . وكلمة حاذقة ليست مستقلة بذاتها بل هي الاحرف الاولي لتسع كلمات كما يقول شيخنا المعلم رحمه الله , فالحاء تعني حلوة و حنونه , و الالف ادمية و اديبة , و الذال ذكية و ذربة اي طلقة اللسان , و القاف قهرية و قوية , و الها للتأنيث , و هذه الصفات افضل ما توصف به سيدة و هذا هو اسمى معاني الاحترام .

و جذب انتباهي محطة اخري هي حوار الشيخ مع حفيده كريم ابن السبع سنوات حيث يقول : قال لي كريم ابن السبع سنوات " انا احبك يا جدو لانك تحترمني و تشعرني بأهميتي ...و فكرت بالامر طويلاُ ثم عدت اسأله عن معنى كلامه , فلم يشفي غليلي . هل الاحترام مهم الى هذه الحد ؟ و هل يعرف ابن سبع سنوات معنى الاحترام ؟ و هل ينقصنا في تعاملنا مع الاخرين مزيد من الاحترام ؟

و هنا وجدت نفسي في حالة ضياع بين سؤال كريم ابن السبع سنوات و جواب جده الشيخ المعلم ابن التسعين عاماُ , و سارعت الى مكتبتي ابحث في المعاجم المتوفرة عندي باللغات العربية و الانجليزية و الفرنسية و الاسبانية و الايطالية والروسية واليابانية , اضافة الى الشبكة العنكبوتية عن معنى الاحترام . و بالرغم من ان لغتي الام هي العربية و احسب نفسي من عشاقها واللغات الاخرى اكتسبتها من خلال دراستي في سبع جامعات و عملي في السلك الدبلواسي مدة ثلاثين عاماُ متنقلاُ بين خمس قارات , الا انني واجهت تناقضاُ رهيباُ بين مفهوم الاحترام بلغتي العربية الام و ما يدور داخل المجتمع العربي و معنى الاحترام في اللغات الاخرى و ما يدور داخل مجتمعاتهم و خاصة المجتمع الياباني . و ما زادني الماُ ان اللغة العربية هي لغة القران و تذكرت البون الشاسع بين الاحترام لغة و بين الاحترام تطبيقاُ على ارض الواقع سواء على المستوى الاجتماعي او المستوى الرسمي .

و كلمة احترام في العمل الدبلوماسي وفي العلاقات الدولية أساس مهم في التعامل بين الدول و الشعوب – و الدبلوماسية الاردنية التي قادها الهاشميون و يقودها جلالة الملك هي مثال حي في هذا المجال - ومن أمثلة الاحترام بين الدول احترام الحدود الدولية، واحترام رعاياها واحترام قوانينها. ومن مظاهر الاحترام بين الدول إعلان الحداد العام وتنكيس الأعلام عند وفاة حاكم البلد الآخر.وأهم مظاهر الاحترام بين الدول عقد الاتفاقات الثنائية وتبادل المصالح في كل مظاهر الحياة , وتؤكد الامم المتحدة و المنظمات التابعة لها على احترام مختلف القيم وعلى رأسها حقوق الإنسان واحترام المرأة و احترام حقوق الطفل , وهناك الكثير من الأمثلة الأخرى.

فالاحترام يقوم على المساواة في الحقوق و الواجبات , والاحترام يقوم على العدالة و الانصاف , والاحترام هو أحد القيم الحميدة التي يتميز بها الإنسان ويعبر عنه تجاه كل شيء حوله أو يتعامل معه بكل تقدير وعناية والتزام , فهو تقدير لقيمة ما أو لشيء ما أو لشخص ما، وإحساس بقيمته وتميزه، أو لنوعية الشخصية ، أوالقدرة، أو لمظهر من مظاهر نوعية الشخصية و يتجلى الاحترام كنوع من الأخلاق أو القيم كما هو الحال في المفهوم الشائع "احترام الآخرين" أو مبدأ المعاملة بالمثل واحترام الرتب الأصغر للرتب الأكبر وتلبية الأوامر والطاعة تعبيرا عن هذا الاحترام. كما يترجم احترام الرتب الأكبر للرتب الأصغر عدم استهتار القادة بأرواح مجموعات الجيش تحت إمرتهم. ومن مظاهر هذا الاحترام أداء التحية العسكرية، واحترام الأقدمية وإطلاق المدافع، وإطلاق البنادق، واستعراض حرس الشرف وعزف السلام الوطني ومظاهر كثيرة أخرى مثل استعراض حرس الشرف، والاستعراضات العسكرية،و تقليد الأوسمة و النياشين و الدروع و الميداليات، في المناسبات و حفلات التخرج من الدورات العسكرية.

اما مظاهر الاحترام فهي عديدة وقد تختلف تبعا للعادات والتقاليد من بلد لاخر و في مقدمتها احترام الصغير للكبير واحترام المجالس واحترام الضيف إلى درجة التكريم واحترام المرأة. وحتى هذه لها تفاصيل في التعامل منها ما بقي حتى يومنا هذا ومنها ما تبدل ومنها ما أستحدث تبعا للحالات الاجتماعية. وقد تأثر مضمون الاحترام عند العرب بصورة كبيرة بالدين الإسلامي، إذ جعل ثقافة الاحترام جزءاً أساسيا من منهج الحياة اليومية بل وجزءً كبيرا من العبادات نفسها. وعلى سبيل المثال قرن الله سبحانه و تعالى عبادته باحترام الوالدين، إذ ورد في القرآن الكريم (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا), صدق الله العظيم .

المواطنة والولاء للوطن لا يتممهما المواطن دون احترام الوطن بمكوناته جميعها ، كالعلم والأرض ورأس الدولة والشعب وما ينظم العلاقة بينها كالدستور ومجموعة القوانين الصادرة عن السلطة التشريعية والتعاون مع السلطة التنفيذية لضمان تنفيذها والحفاظ على استقلالية السلطة القضائية. كل هذا يترجم قولا وفعلا إلى احترام الدولة من خلال تأدية الواجب وبالتالي الحصول على الحقوق .

والاحترام هو اسلوب حياة فيه انضبادية و التزام و عدم التعدي على حرية الاخرين , وعليه ان نحترم النظام في حياتنا اليومية في الشارع العام و اثناء قيادة المركبة و ركنها في الاماكن المخصصة لذلك , الاحترام عدم رمي الاوساخ و القاذورات و اعقاب السجائر من النوافذ و على الطرقات و في مداخل و درج البيانايات و المكاتب و المؤسسات , الاحترام عدم ازعاج الاخرين بمنبهات السيارات و التشحيط والالتزام بالدور و عدم تجاوز الاخرين , الاحترام المحافظة على المال العام و الممتلكات العامة للدولة و المؤسسات الرسمية و غير الرسمية , الاحترام ان نعرف ما لنا و ما علينا , الاحترام ان لا نبخس الناس اشيائهم و لا نكن من المطففين , الاحترام ان لا يستغل الوزير او المدير العام او المسؤول وظيفته و يسلط سيفه و يقرب فلان و يبعد علان , الاحترام التقيد بالانظمة و العليمات ومنظومات السلوك الوظيفي , الاحترام ان لا يستقوي القوي على الضعيف و الغني على الفقير , الاحترام ان لا يستقوي صاحب السلطة و الجاه و الجبروت على من لا يملكها و ان يتقي ربه في مسؤولياته , و الاحترام ان يتقي الله الراعي في رعيته .الاحترام ان يعطى الاجير اجره قبل ان يجف عرقه و ان يعامل الخدم و المستخدمين كما امرنا رسول الله .الاحترام ان يحترم الجار جارة و ان يحترم خصوصيته , الاحترام ان يتم التستر على عورات الناس , الاحترام الصفح و المسامحة و العفو عند المقدره . الاحترام الولاء للوطن و العمل على رفعة شأنه . الاحترام التحلي بالروح الرياضية و احترام جمهور الملاعب و المحافظة على الملاعب والمقاعد و الممتلكات الرياضية و الحدائق و الفرح مع الفرحين و مواساة الخاسرين , والحياة الرياضية غالب و مغلوب, و الاحترام ان تطغى الايجابيات على السلبيات و عوامل الخير على عوامل الشر و ان نكون ايجابين لا سلبين ومتفائلين غير متشائمين و متوكلين غير متواكلين , و ان ندافع عن الحق بالحكمة و العقلانية لا بالعنف و العصبية , وان نلجاُ الى العدالة و القضاء في تحصيل حقوقنا لا باللجوء الى عصبيتنا و جاهليتنا .

ان من اولى ما ينبغى التذكير به احترام السباقون بالخير و السباقون باستقبال اشقائهم في سراهم و ضراهم في لجوءهم و نزوحهم فقد كان من وصية الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل وفاته : اوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الاولين خيرا ان يعرف لهم حقهم وان يحفظ لهم حرمتهم واوصيه بالانصار خيرا الذين تبؤوا الدار والايمان ان يقبل من محسنهم ويعفو عن مسيئهم "فتجاوز عمن زله من سبقوك في ميدان الدعوة والجهاد واحفظ لهم قدرهم ولا تنس لهم فضلهم .

ومن صور الاحترام المحمودة اكرام الصغير لمن هو اكبر منه سنا او اكثر منه فضلا و كما جاء على لسان عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "البركه مع اكابركم"والكبير في قومه لا يليق ان يقابل بغير اكرام وكما جاء في حديث الحسن "اذا اتاكم كريم قوم فاكرموه . فهناك قيادات وشخصيات اردنية لحقت بالرفيق الاعلى وتمنينا ان لا تموت و عاشت الف سنه " كما قال لي دولة الدكتور عبد السلام المجالي في احد اللقاءات اطال الله في عمرة " . و هناك شخصيات اردنية بيننا " كبائع المسك " قمة في الخلق الكريم , نجلها و نحترمها و ندعو الله لها بالعمر المديد لانها قناديل تشع علينا علماُ و حكمة ومحبة , و نقاءاً و صفاءاُ و سياسة و دبلوماسية وولاءاُ و وانتماءاُ ووطنية , ووجودها بيننا مرجعية نعود اليها في الشدائد و الملمات .

واحيانا يكون الاحترام الشكلى حتى مع من لا يستحق الاحترام لهدف سياسي او دبلوماسي او لمصلحه شرعية كما كان من مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم لهرقل بـ "عظيم الروم " . و احياناُ يكون الاحترام لمصلحة التألف كما جاء على لسان ابن حجر:" كثيرا ما يحتاج المسلمون للتعامل بالاحترام والتوقير لمصلحه وحدة الصف وتوفير الجهود وتاليف القلوب وازله الضغينة واغاظه العدو , وبقدر ما يحترم بعضنا بعضا نكون في نظر الناس محترمين ".

و اخيراُ و ليس اخراُ اتمنى ان يعم الاحترام و المحبة و المودة و الحوار الهادىء البناء بين ابناء و بنات مجتمعنا الاردني الطيب و خاصة في جامعاتنا و معاهدنا , تلك المحبة و المودة و الابوة و الصداقة التي منحها الشيخ المعلم لطلابه و زملائه واصدقائه و احبائه و احفاده . و نتمنى ان يكون الحوار بين ابناء الاسرة الاردنية الواحدة مبني على العقل والحكمة و المصلحة الوطنية و خاصة في ايامنا هذه و نحن نحتفل بأعياد الاستقلال و عيد الجلوس الملكي على العرش الخامس عشر حيث تحيط بنا المخاطر و الازمات من كل صوب . و ان نبني على الايجابيات و نصحح الاخطاء و نتجنب السلبيات و نأخذ العبر و الدروس و ان نكون يد واحدة خلف قيادتنا الحكيمة و نعزز جبهتنا الداخلية تجاه اي طارىء لا قدر الله .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :