لا تنتهي الحكاية ... تتوالد من تزواج الألم مع الأمل ... في تفاصيل باتت مُنهَكة لأنها لم تصل هاوية الثرثرة الفائضة عن الحاجة ... الخير يتصارع مع الشر منذ بدء الخلق يخرج أحدهم منتصرا حتى لو كان الشيطان يقف في الجانب المظلم من الحكاية المكشوفة للفضيلة الكبرى في النضال من أجل أن تكون حرا ... لا أخاف الفقد ... لا أخشى المغامرة ... أنا حرٌ إن أردت ذلك .

كانت منى تذكر وجه ذلك الرجل ... رغم أناقة بدلته وتصفيقه الباذخ لكلماتها عن وطن يُباع للسياح على شكل ميداليات وقلائد تذكارية لعشاق قبلة واهنة تُنسى عند مفترق مكالمة عابرة .

كان وقوفي أمامه في ذلك الصباح كانتظاري في غرفة التحقيق التى التهمت ما فاض من عمر قضيته بحثا عن عمل في الحقوق في بلد لم يعرف الحقوق ... انتظرته حتى فاض صوتي عن همهمة أنا هنا .. رفع رئيس التحرير رأسه وطلب مني التعجيل بطرح مشكلتي عليه ... فقلت معتذرة : سيدي لا مشكلة لدي ... اسمي منى خريجة حقوق وكاتبة مقالات وكل الذي أريده منحي زاوية في صرحكم الإعلامي بنشر ما أكتبه ...

هزّ الرئيس رأسه وأمسك قلمه وعاد لمزاولة توقيع أوراق قدمتها له السكرتيرة ... طال صمته حتى سئم انتظاري من انتظاري ... ولأني تألمت كثيرا منذ وداعي لتغريد وهي تذرف الفرح على عتبات خروجي من سجن عسقلان ... ما عاد للحزن متسع لدي .

تحسست كلماته بعيني وهو يذيبها كقطعة سكر وضعها في فنجان قهوته ... لا مجال للهواة في صحيفتنا فليس كل من أمسك قلما صار كاتبا .. وليس كل من تغنّى بليلى صار شاعرا .

في اليوم التالي كتب عن حرية الأسرى ... وعن إضرابهم ملح وميّ وماذا بعد يا رئيس التحرير ... أقلام عارية ترقص طربا أمام العقول الفارغة .

أمام هذا الحشد الكبير كانت منى تُلقى كلمتها عن تجربتها في سجون الاحتلال الصهيوني ... لتحرقوا أقنعتنا .. لتحرقوا أمتعتنا ... فلن نحني وسنظل كحرف الألف نستقيم لا ننكسر بل ننتصر .

صفق الجميع لتاريخ يُعيد سيرته الأولى ... ظُلم الأقوياء للضعفاء ... وظُلم ذوي القربى مُشبع بالسكوت ... يتزيّن بالرضا البائس لقرف نواصل العيش فيه ونُسمّيه حياة .

موت هادئ أهون ألف مرة من كتابة واقع يخبرنا عن سقوط مدوٍّ لمستقبل ننتظر حدوثه الحتمي . صفق رئيس التحرير بعدما باع قلمه للشيطان .