facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




كلنا عائد

أسماء أبوجبارة
07-03-2007 02:00 AM

أيار -2006

كتب الطبيب عائد إلى آخر مرضاه وصفة علاجية غير معتادة في الطب ، قرأها المريض باستغراب :" رغم تكاثر الأقلام كالأنام، وانقراض المندهشين مما "يجري و يمشي" على بسيطة الإنسانية ،وتفشّي انفلونزا الاحتلال ، أدعوك أخي العليل إلى الكتابة الليلية بعد مشاهدتك لنشرة الأخبار مرة واحدة يوميا ً لمدة أربعة أيام" .
و كأن المريض استوعب استغرابه في بداية الأمر أملا ً منه في خوض تجربة الكتابة كعلاج جديد لمرضه القديم، و سأل الطبيب: " عن أي شيء أكتب؟" أجابه:" اسأل نفسك" ... .و تابع مشيرا ً إلى باب العيادة " اعذرني يا عمي على عجلتي...! إذا أحسنت الكتابة ربما أسألك الاستمرار فيها و نشرها في الصحف اليومية ".
و لكن المريض أصر على متابعة استيعابه أملا ً في نجاح هذه التجربة، فقال موضحا ً:"لا ننتظر هنا الليل أو النهار، وغير مرّخص هنا تلفاز أو مذياع ". و لكن عائد لم يجب لأنه لا يصدق مريضه. ورحل المريض بعد أن عاد إلى قراءة الوصفة و عرف أنه نسي قراءة الملاحظة في آخرها:" عدم السؤال شرط ٌ لنجاح العلاج ".
***

كتب المريض في الليلة الأولى بعد تخيّله لنشرة الأخبار : " استشهد ثمانية من إخوتي، و سقط ثلاثة و أربعين جريحا ً من أقاربي. وسُجن أربعة من أبنائي ومازال الجاني طليقا ً يبحث عن والدي لينفذ فيه حكم الإعدام بتهمة إنجاب أمثالي..!"
***

و في الليلة التالية تناول قلمه من تحت فرشته و حصل على ورقته- أخيرا ً -بعدما قرأها جميع نزلاء هذه الزنزانة و كتب:" بقي لي شقيق واحد، و قريب واحد، و ابن واحد، و قد عثر الجاني على والدي، و غدا موعد تنفيذ حكم الإعدام فيه."

أمست وصفة العلاج الكتابية شائعة بين أصدقائه في عالمه . وبينما كان الجميع في الليلة الثالثة يتخّيل نشرة الأخبار ليكتب عن إجابة سؤاله لنفسه ،انقطع تيار الخيال فجأة،و انطفأ نور الزنزانة الشحيح... ، و بعد ثوان جاء حارس الزنزانة بشمعة مضيئة، و كأنه على علم مسبق بانقطاع التيار الكهربائي ووضعها على باب الزنزانة ورحل، دون أن ينطق بكلمة سوى ضحكة خبيثة يحاول إخفائها.
صاح المريض(9 ): أخافتهم أقلامنا؟ فقطعوا التيار.
أضاف المريض(10): و الطبيب عائد أيضا ً... .
تدخل المريض (11): سيزورنا بعد غد.
ثم انطفأت الشمعة وساد ظلام مصطنع في الغرفة... و أشعلت ضحكة مصطنعة من المريض عائد و سأل: كيف سنكتب اليوم ؟
أجاب المريض (9):سنكتب في الظلمة، ألسنا نعيش منذ سنوات هنا في الظلمة؟
جاء صوت الحارس من مكانه البعيد - حيث لم يبارحه قط: مريض...! .
ضحك المريض (10) باستهزاء و قال : دعونا نرسم في هذه الليلة .
قال المريض (9) : سأرسم ابنتي ريم.
قال المريض (11) محدقا بدخان سيجارته أمامه: و أنا سأرسم دارنا.
اعترض عائد : ولكن لا بد أن نتابع كتابة الوصفة.... .
تدخل المريض (10) : لنرسم الأمل ... .
علق المريض (9): و لكن الأمل بحاجة لألوان و لا نملك ألوانا ً.
همس عائد متسائلا ً : و الوصفة؟
***

بعد مضي الليلة الرابعة انتظر الطبيب عائد مريضه في الغرفة العلوية من السجن، و طال انتظاره دون أن يظهر. نزل يتفقد الزنزانة الثلجية فوجدها تذوب قطعة قطعة و يظهر في وسطها ورقة كتب عليها تحت عنوان" الليلة الرابعة":الى الطبيب عائد ،
حاولنا جاهدين انتظار الليلة الرابعة و لكن الحارس أبى إلا أن ينقلنا إلى مستشفى المجانين متهما ً إيانا بالمجانين ، وقبل نقلنا اتفقنا على كتابة هذه الرسالة لك ، فهل تصدق يا دكتور عائد أن المجانين يتفقون على أمر واحد ؟ .....

نادى الطبيب عائد الحارس إسماعيل ، أراد أن يكمل قراءة الورقة، و لكنه لم يفهم منها شيئا ، كلمات و جمل متقطعة ليس لها معنى ، ورسومات هي أقرب إلى الخربشات، بدت عليها آثار الزمن واضحة .
جاء إسماعيل السمين بروبه الأبيض النظيف منتعلا ً حذاءه الأبيض الطبي واضعا ً يديه في جيبه ووقف ساندا ً ظهره إلى الحائط : نعم .
سأله دون أن ينظر إليه و هو يعيد الورقة إلى جيبه: أين مريض هذه الغرفة؟
أجاب و كأنه يتلو درسه الأسبوعي: لم يدخل مريض إلى هذه الغرفة غيرك منذ سنتين عندما تركت العمل بعد انتحار مريضها عائد قبل عامين .
عائد: و كيف حصلت أنا على المفاتيح؟
إسماعيل :هل نسيت؟ لأنك عائد.



الكاتبة محررة في دائرة العلاقات العامة
جامعة اليرموك
smellcofe@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :