facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جبارة في "حكاية صورة" .. عذابات الكاتب


ابراهيم السواعير
13-07-2014 03:27 PM

حين تتلازم الصورة الفوتوغرافيّة مع نقش الأديب تتوافر أدمغة القراء على تكامليّة مهمة، وربما فتح الكاتب لعين متلقي النص البصري نوافذ يرى من خلالها نفسه المريرة وما تنطوي عليه من آلام تجاه البشر ونوازع الخير والشر وإنسانية الكون.

من هؤلاء يبرز الزميل جهاد جبارة وهو يكتب نقشاً على صورٍ، أو حكايةً لصور التقطها بوجدانه قبل عدسته وفاضل لأجلها بين عشرات الحكايا والإرهاصات وقد سمعنا أنّه كان ترافقه مستلزماته وينام في الكهوف والمغارات وبين الذئاب ولا يحسّ إلا بما تنضجه النار، ليخالف بإخلاصه المستمر الكلام العابر الذي تنشره الصحف والمجلات، فلا يمس الموضوع بل لا يقترب منه، هذا إن أحسنا الافتراض؛ فلا تكون الصورة في وادٍ وما يكتب عنها أو حولها في وادٍ لا قنوات فيه أو جداول لديه، أو يكون شديد الواقعيّة حدّ السذاجة في التوليف.

يعتمد جبارة، الذي كتب (صهيل الصحراء)، بما في الصهيل من حركة والصحراء من غموض واتساع وموت وربما صداقة، على مادّة استوفت شروط النص المثقف المتنافذ على سير الأولين والتالين والموروث الديني في الكتاب المقدس، وكلّ ذلك يخدم الفكرة التي يودّ الناصّ توصيلها؛ إذ دائماً ما نقول إنّ نصاً لا ثقافة فيه نصٌّ جامدٌ محدودٌ مهما استطال.

كيف يرمي الكاتب نفسه في النص، وكيف يتخذ من متاح اليومي في السهل والجبل والسماء والزواحف والأشجار العارية أو النضرة ما يتكئ عليه لتبرير وجوده أو لنقد محيطه أو للخروج من شرنقة اليومي والمقيت؟!.. وتلك سماتٌ نجدها في نصوص جبارة التي تنشرها (الرأي) في صفحتها الثقافية بعنوان (حكاية صورة).

لا يتخلى جبارة عن استعاراته وجمله النافذة وما يسوقه من ديموغرافيات يلبسها ثياباً تعافت في تركيزها وبلاغتها وتكثيفها، وربما دخل نصَّه متأهباً بقوة يصدم قارئه ويحثّه على مقابلة الضديّات أو ثنائيات الموت والحياة والجلاد والضحيّة، وربما نسج من رأسه أسطورةً تصل اليقين لتلطّفه وبراعته في إدخال عنصر الخيال متغيراً شائقاً يصنع به علاقةً حميمة أو تعاطفاً من غير انقطاع.

يركّب جبارة على نصّه أبيات شعر وموروثاً شعبياً ليصل مبتغاه، وكثيراً ما نكون أمام ثقافة بيولوجية أو كيميائية أو نسير مع كلّ ذلك التاريخ. إنّ براعة الناصّ، عدا أنّه يكتب ذاته أو يصهل في النص فلا تباريه إلا أنفاسه الحارّة وعاطفته المشبوبة، هي في أنّه يجعلنا نحسّ بجوانياتنا من خلاله أو أحاسيسنا المنطفئة بشرارة المفتتح أو المختتم لديه.

في نصوص جبارة أنسنة عالية المزاج، ولنا أن نتخيّل مرارة النفس أمام حبات من الرمل لها يدٌ تلطم وقلب تشرّب بالجفاف وشمس تصبّ جام غضبها على آماد لا تنتهي من صحراء النفوس المتعبة من سنين. أو نتخيّل زاهداً يجد في الذبح جوراً على قطيعٍ فرّقته المدى والسواطير وأمعنت من بعد في العذاب الذي من ورائه عذاب.

النقش على الصورة أو كتابة النصّ على النص- الصورة- أمرٌ لا يجوز الاستهانة به أو الحديث عنه باصطناع أو بإيهام القارئ بعذابات لا تقنع الكاتب نفسه، أو بإسقاطٍ ضعيف يبرد أمامه دفقٌ حارٌ لا يكون إلا بين ضلوع المبدعين، ومن هؤلاء جبارة الذي أدمن العذاب واحترف الإبداع.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :