الحقيقة لفت انتباهي التبرير الذي تم سوقه في حادثة العجوز " المغدور " رحمه الله رحمة واسعة وألهم آله وذويه الصبر والسلوان, والذي وجد متوفيا بعد ثلاثة أيام من البحث, حيث قيل أنه نقل بواسطة أحد العاملين إلى " غرفة أشعة مهجورة! " وبقي بها طوال مدة ثلاثة أيام, حتى تم ( بما بالصدفة ) اكتشاف الجثة, داخل تلك غرفة أشعة مهجورة !.هذه العبارة لوحدها كافية كي يتدخل سعادة النائب العام, والسادة في ديوان المحاسبة, والسادة في دائرة مكافحة الفساد, وكل المؤسسات والدوائر المختصة والمعنية والمكلفة بالحفاظ على المال العام.
لماذا أقول ذلك:
أولا - لأن عبارة " غرفة أشعة مهجورة " يعني أنها غرفة مؤثثة ومجهزة لتكون غرفة أشعة ما يعني أن بها أجهزة بكلفة تصل إلى عشرات الآلاف من الدنانير, فكيف لغرفة تحتوي على مثل هذه الأجهزة وتوصف بـ " المهجورة " ؟ فإذا لم يكن المستشفى بحاجة إلى غرفة أشعة فبدلا من هجرها يمكن نقل الأجهزة إلى مستشفى آخر في محافظة نائية ربما أكثر حاجة من مستشفى الأمير حمزة الذي يقبل أن توصف غرفة الأشعة لديه بأنها مهجورة.
ثانيا - إن الغرفة لو لم يكن بها أجهزة أشعة لما سميت بغرفة أشعة مهجورة, إذن هي غرفة كما قلت مجهزة, فأين دور الرقابة والتفتيش ودور ديوان المحاسبة خاصة وأن في ذلك إتلاف للأجهزة التي لم تستعمل لهجرها داخل الغرفة, وهذا يعني أن هناك هدر للمال العام وإهمال يتطلب فتح تحقيق حقيقي حول هذا الموضوع, ما يعني أن لدائرة مكافحة الفساد دور كبير في هذه القضية, كما أن للنائب العام الدور الأساسي للتحقيق في مثل هذا الهدر الذي يكبد خزينة الدولة آلاف الدنانير, والتي نحن بأمس الحاجة لتوفيرها كي لا تضطر الحكومة إلى رفع الأسعار كلما ارتفع سعر برميل البترول.
ثالثا - لأن الأردن يتمتع بسمعة طبية عالية جدا, جعلت منه مقصدا للأشقاء من المرضى العرب, ما أنعش الاقتصاد الوطني الأردني, حيث أثبتت السياحة العلاجية كما يقول رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري بأنها " نفط الأردن ", وكانت نسبة عائدات قطاع السياحة العلاجية للاقتصاد الوطني نحو 10% وهي مرشحة للمزيد, وهذا يعني أن حادثة من هذا النوع إذا لم يتم معالجتها ومعاقبة المسؤولين عن هذا الإهمال فإن سمعة الطب في الأردن ربما تتأثر, وهذا ما لا نرجوه.
ومن هنا فإن المطلوب هو الضرب بيد من حديد على كل من تخول له نفسه العبث بمقدرات الوطن, ومن هو غير مؤهل لتحمل المسؤولية عليه أن يرحل ويترك موقع لمن يستحق.