facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أمين عمّان برداء "سوبرمان" .. مثال بوغوتا .. *راما جميل النمري

28-08-2014 02:50 PM

لاعتقاده بأن الكولومبيين يخافون تعرضهم للسخرية أكثر من تعرضهم لدفع غرامة مالية, قام "انتاناس موكوس" خلال تسلمه منصب عمدة العاصمة الكولومبية "بوغوتا" بتوظيف "مهرّجين" في الشارع ليسخروا من مخالفي قواعد المرور. وبالرغم من العناد الذي قابل به الناس تلك الخطوة في البداية ، إلا أنها أثمرت فعلا و قلّلت نسبة ضحايا الحوادث المرورية في المدينة إلى النصف.
تضمنت أساليب موكوس الثورية دائما اللفتات الأكثر غرابة، فمثلا يظهر العمدة في بداية تسلمه المنصب متجولا في شوارع العاصمة الكولومبية مرتديا زيا يشبه زي "سوبرمان" ملقبا نفسه بال "سوبرمواطن" وفي فترة الجفاف التي مرت بها العاصمة يظهر في إعلان تلفزيوني تحت "الدش" و يطلب من المواطنين الحفاظ على المياه!! وحدث فعلا بغضون شهرين أن قل استهلاك المياه بنسبة ١٤٪ ثم لاحقا بنسبة ٤٠٪ مما كان عليه قبل أزمة الجفاف. وفي بدايتها واجهت أساليب موكوس السخرية و تعرض للهجوم من أهالي المدينة و كان له أعداء كثر، لكنه تدريجيا استطاع تغيير مجتمع بوغوتا وكسب محبة و تأييد أهالي مدينته بطريقة مرحة ومبدعة.
في السنوات الثلاث التي قضاها كعمدة 1995-1998، أعاد موكوس بناء اقتصاد بوغوتا، من خلال التشديد على جمع الضرائب بطريقة منظمة و إحكام القبضة على الفساد. كانت بوغوتا لا تزال تعاني من المشاكل الرئيسية بالطبع حين أنهى العمدة ولايته ، لكن على الأقل كان هناك المزيد من الموارد لحلها. و حيث لا يسمح القانون الكولومبي للعمدة بفترتين متتاليتين في منصبه، تسلم المدينة من موكوس العمدة "آنريكي بنيالوزا" وهي في حالة مادية جيدة. وبنيالوزا لم يكن بغرابة موكوس, لكنه استمر في سياساته الناجحة وغير التقليدية.
اطلع بنيالوزا على دراسات تهدف إلى بناء سبعة جسور و طرق علوية للسيارات قدمت له من استشاريين عالميين لحل المشكلة المرورية. وتقدير كلفة تلك المشاريع وصلت إلى خمسة مليارات من الدولارات (أغلبها ستكون قروضا من البنك الدولي و غيره). لكن العمدة الحكيم رأى في ذلك إهدارا للمال العام و ظلم للأغلبية من سكان المدينة الذين يفتقدون لوسائل مواصلات كريمة و مرافق عامة. وإذا صرفت الدولة خمسة مليارات على طرق سريعة و جسور فمن اين تصرف على باقي احتياجات المدينة ومرافقها؟ من هذا المنطلق وصل بنيالوزا إلى رؤيته لإصلاح المدينة: أن يجعل بوغوتا مدينة البشر اولاً وليس السيارات.
بديلا للمشاريع الكبرى باهضة الكلفة بدأ العمدة بعدة تغيرات جذرية على عدة جبهات في شؤون النقل. فتح مثلا شبكة مسارات للدراجات الهوائية في المدينة ووضع أنظمة تحد من حركة السيارات "الخاصة". وكانت فكرته الرئيسية تخصيص اغلب الموارد المتاحة لخدمة الأغلبية الفقيرة من سكان المدينة بدل الذهاب الى الاستثمارات الضخمة والمكلفة مثل مشاريع الطرق السريعة ( الهاي واي) و الجسور الكبرى .
قصة بوغوتا هي قصة اثنين من رؤساء البلديات أصحاب الكاريزما والعقلية الابتكارية الذين تمكنوا بأساليبهم غير التقليدية في أقل من 10 سنوات من تحويل واحدة من العواصم الأكثر فوضى وخطورةً و عنفاً وفساداً في العالم إلى مدينة حديثة نموذجية مأهولة بمواطنين منتميين و مهتمين. والأكثر إبهارا في النموذج الكولومبي أنه قدم مثالا حيا على إمكانية التغيير في المجتمع حين يأخذ القادة على عاتقهم مهمة المواجهة وعدم الاستسلام للأمر الواقع وتحدي الفساد والعادات والأساليب السائدة بأفضل الأفكار الإبداعية الصديقة للسكان لتحديث المدينة والوصول بها من واحدة من أسوأ المدن مطلع التسعينيات إلى مدينة عالمية ناجحة اليوم.
عودةً إلى عمّان, هل يمكن الالتفات إلى الأفكار والاستراتيجيات التي تكمن وراء التغييرات في بوغوتا والتي يجري الآن تصديرها إلى المدن في جميع أنحاء العالم؟ تذكرت أمين عمان وهو يلبس البرتقالي ويلتقي عمال النظافة عندما كنت أطلع على نموذج بوغوتا وفكرت اذا كان ممكنا استلهام النموذج من قصتها وليكن بينيالوزا وليس سلفه موكوس وطلعاته الغريبة على جمهور المدينة.
لقد بذلت جهود حثيثة في العاصمة عمان خلال السنوات الفائته و نقدر عاليا جهود أمين عمّان الحالي السيد عقل بلتاجي وفريقه للنهوض بالمدينة والارتقاء في نوعية الخدمات المقدمة, ومع ذلك ما زالت عمّان تحتل أدنى المراتب الدولية مرة تلو أخرى في كل تصنيف عالمي للمدن أو تقرير ينظر فيه إلى معايير الاستقرار، البنية التحتية، التعليم، الرعاية الصحية، الثقافة والبيئة، وآخرها ما نشرته مجلة 'ايكونوميست ' البريطانية في عددها الأخير عن التصنيف العالمي لأفضل عشرة مدن ملائمة للعيش حيث تحتل عمان المرتبة 102 !! لماذا؟ نتساءل أين كانت تصب كل تلك الجهود, المشاريع, الاموال !؟
كأنه مارثون منهك يعود دوما الى نفس النقطة، وكأن أمين عمّان مثل البطل الإسطوري "سيزيف" في الميثولوجيا الإغريقية يحمل الصخرة الى أعلى الجبل فتعود لتسقط في اليوم التالي ليحملها الى الأعلى مجددا وهكذا. هل الان الأوان لتغيير النهج المتبع والمغادرة الى تفكير ابداعي ينحت من طبيعة عمان حلولا غير تقليدية. وهي ليست مسؤولية أمانة عمان وحدها بل مسؤولية كل من يحب عمان ويطمح الى تغيير موقعها بضعة عشرات من الخانات في التصنيف العالمي؟!
اليوم بوجود شخصية بفكر و رؤية مستنيرة مثل السيد بلتاجي في موقع أمين عمان، ربما نكون أمام فرصة حقيقية للتغيير، فالرجل أثبت خلال ما يقارب العام من توليه المنصب أنه مسؤول رؤيوي يملك مشروعا اصلاحيا، من رؤيته الجديدة لوسط المدينة والأفكارلإعادة الألق لقلب عمان، الى الاصلاحات في جهاز الأمانة وفك محنتها المالية وعموما توفر ارادة قوية للتغيير والاصلاح.
ما نحتاج اليه الان مزيد من الجرأة والانفتاح على النوع الابتكاري من الافكار في مختلف الميادين، وبخاصة تلك التي من شأنها تغيير عادات سكان المدينة و التأثير على تصرفاتهم و تفاعلهم اليومي مع مدينتهم. نحتاج الى تفعيل دور المواطن وإحساسه بالمسؤولية والشراكة في اعادة تشكيل مدينته.
اسمحوا لي أن أطرح فكرة واحدة على سبيل المثاللبيان ما أقصد وأنا أفترض كعمانية أشارك في دحرجة صخرة سيزيف الهائلة . . ماذا لو تبنينا أحد الحركات الرائدة جدا اليوم في مجال التطوير و التخطيط الحضري في مدن العالم وأسمها :

100 تدخل حضري في يوم واحد
100urban interventions in one day

المبدأ بسيط، تقوم الفكرة على الترتيب المسبق للقيام بانجاز 100 مشروع صغير خلال يوم واحد مبنية على احتياجات السكان، تتوزع على مختلف مناطق المدينة و يقوم بالتخطيط لها و انجازها السكان أنفسهم، تهدف إلى تحسين نوعية حياة المواطن و تتنوع في مقياسها أو الشكل التي تأخذه، فمن إنشاء حديقة صغيرة في حي فقير، إلى إعادة تأهيل مركز اجتماعي، أو تطبيق آلية مبدعة لتوفير استهلاك المياه أو الطاقة، أي فكرة تخدم سكان المدينة تستحق التطبيق و الدعم.
إذا تم تطبيقها بشكل ناجح، يمكن تصور مثل هذه التغييرات على نطاق صغير كخطوة أولى في تحقيق تغيير طويل الأمد. فلاحقا ممكن أن تشمل هذه الحركات في عملية التخطيط عامة فيتم تكرارها بشكل دوري و بما يتناسب مع احتياجات المدينة. في الواقع، طالما يتم اشراك المواطن فعليا في تشكيل و تطوير المدينة، مهما كان الجهد صغيرا، تزداد ثقة المواطن بمسؤولي المدينة و تزداد احتمالية كسب المزيد من الدعم الشعبي للمزيد من التغيير الدائم في المستقبل.
راما النمري / ماجستير تخطيط مدن





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :