facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




المواجهة الفكرية للتطرف


د.رحيل الغرايبة
28-09-2014 03:12 AM

ما زال الجدل محتدماً في اختيار الأسلوب الأمثل في مواجهة التطرف، وفي اختيار المنهجية الأسلم والأكثر نجاحاً في تقليص مساحته في عقول الشباب والناشئة، من أجل الحد من الانتشار الميداني له في الواقع وعلى الأرض، ومن أجل تجفيف منابعه بطريقة فاعلة، والحيلولة دون إيجاد البيئة المناسبة لرعاية بذوره، والحد من الأسباب التي تؤدي إلى قوته ونمائه.

أن ينحو الحديث هذا المنحى فلا يعني ذلك اللجوء إلى تبرير الظاهرة أو الغطاء عليها، وأعتقد أن هناك تطرفاً واضحاً في طريقة معالجة ظواهر التطرف ترتكز على استخدام العنف والقوة التي اثبتت فشلها عبر عدة عقود من السنوات، تم استخدام أحدث ما توصلت إليه الصناعة الغربية الشرقية.

عندما يقال أن التطرف يعتمد نمطاً فكرياً معيناً، ويستند إلى مقولات عقدية ومواقف تاريخية، فلا يمكن أن يفهم من ذلك الاعتراف بصوابيته والاحترام لمبادئه وأفكاره، بل ما ينبغي الالتفات إليه بوضوح أن هؤلاء الشباب الذين يلتحقون بالمنظمات المتطرفة يخرجون من بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا ومجتمعاتنا، بل إن بعضهم يأتي من مجتمعات غربية متقدمة، ولولا أن هناك جاذبا عقليا وفكريا وعقديا، وظروفا محيطة، ما كان لهم أن يلحقوا بها وهم يحملون معاني التضحية، والتخلي عن مباهج الحياة والذهاب إلى مواطن الموت.

محاولة إقفال العقول والأبصار عن التفكير الهادىء، بالعلاج وشن حملة متطرفة على هذا المنهج من أجل تبرير الانخراط في حملة استخدام القوة، يحمل نذراً غير جيدة في الحوار، ويحمل منهجية عقلية كانت دوماً سبباً في زيادة مساحات التطرف، وشكلت حاجزاً أمام البحث عن طرق العلاج المفيد.

يجب أن نعترف بجرأة أن البيئة العربية كانت الأكثر مناسبة لترعرع ظواهر العنف والتطرف الاجتماعي في العالم، وأن المجتمعات العربية ما زالت مرشحة لتفاقم هذه الظاهرة، مما يدعونا جميعاً إلى الوقوف على أهم عوامل النشأة وأسباب الانتشار، وهذا يحتاج إلى تفكير علمي موضوعي ودراسة مستفيضة وبحث مستقص عميق.

أن العامل الأهم على الاطلاق في نشأة هذه الظاهرة هو وجود الاستبداد الذي أحكم قبضته على مقدرات الشعوب، والذي كان مصحوباً باستخدام القوة والعنف في ترويض الجماهير، ومن خلال القاء نظرة سريعة على مواطن التطرف نجد أنها أكثر تمركزاً في الأقطار العربية التي كانت أكثر إيغالاً في الاستبداد وأكثر اعتماداً على نظرية الأمن الغليظ، واستخدام سياسة السجون والمعتقلات من أجل وأد الحرية وكبت الإرادة الشعبية، ونلحظ أنه كلما زاد الاعتماد على سياسة العصا الأمنية الغليظة كلما أدى ذلك إلى مزيد من العنف المضاد ومزيد من الفوضى ومزيد من التطرف.

أما العامل الثاني فهو عجز الحكام العرب المتراكم عن إحداث نهضة حقيقية في أقطارهم وعجزهم عن حل الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، مما انتج عنها زيادة حجم البطالة، وزيادة مساحة الفقر والتهميش، ونشوء المجتمعات العشوائية حول المدن والحواضر التي أصبحت مرتعاً للأفكار المتطرفة والأساليب العنيفة، وأصبحت بلادهم على شفا الإفلاس والفوضى المصحوبة بتدهور كبير في مستوى التعليم ومستوى التحضر وضعف ملحوظ في مستوى الإنجاز والتقدم.

إن الإصرار على محاولة التغاضي عن الأسباب والعوامل الحقيقية لظواهر التطرف والعنف، واللجوء إلى الحرب الإعلامية ضد كل من يدعو إلى استراتيجية الحل الشامل المرتكز على المنظومة الشاملة بالاصلاح الحقيقي، سوف يدفع ببلداننا وأقطارنا إلى مزيد من العنف ومزيد من التطرف، ومزيد من ظواهر جديدة أشد عنفاً وتطرفاً، وسوف يؤدي إلى زيادة أمد المعارك الداخلية المحتدمة بين مكونات الأمة.

إن الحملة الأمريكية الأخيرة قللت من فرص المواجهة الفكرية، وقللت من قدرة الشعوب على المعالجة الاجتماعية، وسوف تدفع مجموعات من الشباب إلى الالتحاق بها تحت لافتة مواجهة الاستعمار الأمريكي الجديد، ومواجهة التدخل الأجنبي، وسوف تستمر حلقة العنف والعنف المضاد، والسير المحتم نحو الانهيار.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :