facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العبادي عن نائب : الحكومة بلا (الو) لا تحصل (١٤) صوتا (صور)


21-10-2014 10:23 PM

** قرار فتح الحدود الأردنية لاستقبال اللاجئين السوريين على مصراعيه، كان خطيئة كبيرة..

عمون - وائل الجرايشة - كشف الوزير والنائب السابق ممدوح العبادي عن حوار حصل بينه وبين نائبين في مجلس النواب قبل يومين.

وقال العبادي الذي شن هجوماً على حكومة الدكتور عبد الله النسور خلال محاضرة له في النادي الأرثوذكسي أنه كان في جلسة عشاء مع نائبين فأشار احدهما إلى أن الحكومة لن تحصل على (١٤) صوتا دون (الو)- ويقصد دعم الأجهزة-.

العبادي الذي انتقد تضارب المواقف الحكومية وتصريحات المسؤولين قال "إن الحكومة أول من تصرح وآخر من يعلم"، وتمنى على مراكز دراسات متخصصة اجراء استفتاء لقياس مدى رضى النواب عن آداء الحكومة، مشيراً إلى قصة النائب الذي تحدث عن (١٤) صوتاً لن تحصل عليها الحكومة دون الألو ليرد النائب الآخر "من أين سيأتي ب (١٤) صوتاً.

وقال "إن حالة القلق السياسي وعدم اليقين الذي يمر بها أبناء وطننا ناتجة عن عدم الثقة بين الشعب والدولة، فالثقة بمؤسسات الدولة مهزوزة، والسؤال الذي يجري على كل شفه من النخب السياسية قبل الشارع؛ (لوين رايحين؟)".

واعتبر العبادي ان قرار فتح الحدود الأردنية من الجهة السورية لاستقبال اللاجئين السوريين على مصراعيه، كان خطيئة كبيرة، ويجب تقييم القرار من جديد وتوزين تداعياته بدقة، من خلال الإسراع بإغلاق الحدود مع الإبقاء على منافذالحدود الرسمية فقط، ومنع اللاجئين السوريين من العمل في السوق الأردنية، والبحث عن طرق إعادة اللاجئين التي استقرت مدنهم وقراهم.

ورفض فكرة أن يعمل اللاجىء السوري داخل الاردن مطالبا ان يبقى في المخيمات، لانه يتقاضى امولا من الدول المانحة ولا يجوز ان يأخذ فرص عمل الاردني في السوق، كما طالب بالاجئين المعارضين العودة الى "الاراضي المحررة"- حسب وصفه-، واوضح "نعم اخواننا وعرب لكن نحن لا نجد ماء لكي نشرب".


كلمة الدكتور ممدوح العبادي :

أسعد الله أوقاتكم بكل الخير.
بداية لا يفوتني شكر إدارة نادي الأرذدوكسي؛ رئيسا وأعضاء، على دعوتهم الكريمة لي وتفضلهم عليً بإلقاء محاضرة عن أمر في غاية الأهمية، وهو ما جاء في عنوان هذه الندوة حول: التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه المملكة الأردنية الهاشمية، وهو عنوان يحمل في طياته الكثير من التفاصيل والمحاور والقضايا.

ولأني في كل مرة أجد نفسي مُلبيا لدعوات الأصدقاء في المناسبات الكثيرة، فقد كان لهذه الدعوة التي كرمتموني بها خصوصية وميزة، فالمكان وأهله؛ لهم عندي منزلة عالية وثمينة لا أستطيع التعبير عنها بالكلمات.

فشكرا لكم، وشكرا لإدارة النادي، والشكر موصول لهذا الحضور العزيز.
أما بعد؛
لقد تميز موقع المملكة الأردنية الهاشمية الجغرافي بحدود مشتبكة مع الخطر، ولقد عاش الأردن مضطربا منذ أول عهده، ولم نعرف طعم الاستقرار المطلق منذ تأسيس إمارة شرقي الأردن، مرورا بإعلان استقلال المملكة، وليس انتهاءا باستكمال مشروع البناء الوطني المؤسسي الذي ما يزال مستمر.

لكن ولمزايا تتعلق بفنون الإدارة السياسية الحكيمة، تجاوزنا أصعب المحن، وأشد الكروب والمصائب، وهو أمر لا آتي على ذكره من منطلق المجاملة السياسية، بل أتحدث عنه من منطلق التاريخ السياسي الذي عشت جزءا فيه، وشهدت على جزء آخر منه.

وأستطيع أن أذكر الجميع بأننا وإذ نعيش اليوم تجليات الحرب على الإرهاب وتداعيات خطرها، بعد أن حوصرنا بجبهتين من النار، فمن جهة الحدود الشرقية عشنا ظروف الحرب الدولية على العراق واحتلال بغداد عام 2003، وتواصلت أزمتنا مع اندلاع الأزمة السورية على الحدود الشمالية في العام 2011، وهو ما جاء لنا بخطر جديد نتيجة الحرب الطاحنة هناك؛ وقبل ذلك كله واجهنا وتعايشنا مع القضية الفلسطينية منذ أول عهدها في العام 1948وحتى العام 1967، وهي الأزمة التي ما تزال تضغط على عصب الدولة الأردنية.

ولا يخفى على الجميع أننا تأثرنا كثيرا ومازلنا متأثرين من غياب الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية، ومماطلة المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية في تحصيل حقوق الشعب الفلسطيني بإعلان دولتهم كاملة السيادة والكرامة غير منقوصة في الحقوق والحدود والسكان.

تتعقد التحديات التي تواجهنا أكثر عند مراوحتنا لوضع اقتصادي مركب، وتباطؤ مسارات الإصلاح الشامل، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا؛ مرة بفعل قوى الشد العكسي وعلى رأسهم اللبراليين الجدد، ومرات نتيجة غياب الإرادة السياسية الواضحة في تحقيق الإصلاحات واستكمال متطلباتها.

الحضور العزيز؛

إن التحديات الخارجية التي تواجه الأردن تحديات خطيرة، وهي تحديات لا تقل خطورة عن ما واجهناه في مطلع عقد التسعينيات من القرن الماضي بعد حرب الخليج الثانيةالعامين 1990-1991، حيث تم حصار الأردن، وتضييق الخناق عليه سياسيا واقتصاديا، نتيجة عدم مشاركتنا في التحالف الدولي لضرب العراق وحصار نظام صدام حسين، وقد وقف العالم بأسره ضدنا، فكل العرب دخلوا في الحلف الدولي ضد العراق، ولم يبقَ معنا لا شقيق ولا صديق، ومع ذلك تجاوزنا الأزمة حيث ضغطت القوى الشعبية على مراكز صناعة القرار، ما أنتج انحيازا مطلقا لرغبة الشعب الذي عبر عن سابق تمسك بهويته القومية ومصالحه الوطنية، فانحاز للتضامن مع القضية العراقية والوقوف في وجهالعدوان الدولي ضد عروبة العراق، والنتيجة كانت الصبر على كل المصاعب التي واجهناها في تلك المرحلة، بل وتجاوزناه إلى بر الأمان.
وهنا؛ وتسهيلا في عرض التحديات الخارجية، فإني سأقسمها لنوعين:
الأول: تحديات طارئة (الأزمة السورية، والأزمة العراقية، والحرب على الإرهاب).
الثاني: تحديات مزمنة (تتمثل بغياب فرص الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية).
أما عن التحديات الطارئة، فهي تتمثل أولا بالأزمة السورية، وتداعياتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية على الأردن.

فبادئ الأمر تجلت الأزمة السورية في تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، الذي فروا بحثا عن الأمن والأمان، وهؤلاء بالطبع يحتاجون لرافعة اقتصادية لضمان تقديم جهود الإغاثة لهم، ولا يخفى على الجميع بأننا واجهنا هذا العدد الضخم من اللاجئين بموازنة مثقلة بالعجز، ومديونية متزايدة الارتفاع.

ولنا جميعا أن ندرك ما تعيشه المملكة اليوم من أزمات فقر وبطالة، وشح مياه، وارتفاع أثمان تقديم الخدمات، وفوق هذا كله استقبلنا نحو 1.5 مليون لاجئ سوري ومقيم، همصاروا اليوم عبئا على موازنة الدولة، وأظن بأن غياب أي أفق لحل الأزمة السورية سيجعلهم مقيمين بيننا لأمد غير معلوم.

هذا من الناحية الاقتصادية، أما من الناحية الأمنية وهي الأخطر، فإن الحدود الأردنية السورية شهدت حركة للجماعات الإرهابية تسببت في توتر أمني داخلي، وذلك بسبب جوارنا الذي بات بيئة خصبة لنشوء وترعرع الإرهاب وجماعاته الذي عادة ما يجد له مناخا ملائما في دول الفوضى.

كما أنه من السهل جدا تسلل هؤلاء للداخل الأردني تحت غطاء استقبال واستضافة وإقامة اللاجئين السوريين، وطبعا يجب أن ندرك بأن الخلايا النائمة التي قد تصحو بعد دخولها للحدود الأردنية، ومن الممكن أن يكون انتماؤها سواء للجماعات التكفيرية الإرهابية أو حتى تابعة للنظام السوري الذي بحث خلال السنوات الثلاث الماضية عن فرص لتصدير الفوضى من عنده لدول جوار وقفت ضده علنا.

لذلك فإن قرار فتح الحدود الأردنية من الجهة السورية لاستقبال اللاجئين السوريين على مصراعيه، كان خطيئة كبيرة، ويجب تقييم القرار من جديد وتوزين تداعياته بدقة، من خلال الإسراع بإغلاق الحدود مع الإبقاء على منافذالحدود الرسمية فقط، ومنع اللاجئين السوريين من العمل في السوق الأردنية، والبحث عن طرق إعادة اللاجئين التي استقرت مدنهم وقراهم.

وفي اتصال مع التحديات الطارئة أيضا فهناك الأزمة العراقية، التي تجاوز عمر تعاملنا معها الـ24 عاما بدءا بحصارها العام 1990 ومرورا بسلسلة الاعتداءات الجوية عليها خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي، وانتهاءا بتفاقم الأزمة العراقية بعد الاحتلال الأمريكي لبغداد، واستبدال الاستقرار فيها بعد العام 2003 بالفوضىالعارمة.

وهنا؛ علينا أن ندرك بكل حواسنا بأن السبب الرئيسي في الأزمة العراقية هو الاحتلال الامريكي، الذي كان أحد أهم عوامل تقسيم العراق شيعا وطوائف، وقضى على الجيش العراقي، وصادر مسار قيام الدولة المدنية في العراق، وصارت العراق دولة طائفية، وهو ما أدى لتوفير المناخ الملائم لبروز الحركات التكفيرية (داعش) وأخواتها، الذي تطاير شررهم في كل الاتجاهات.

هذان التحديان ولدا التحدي الطارئ الثالث، والذي نعيشكل تداعياته اليوم، فالحرب على الإرهاب هي حرب طاحنة، ومن غير المجدي أن يهرب من استحقاقاتها أحد، فالمشاركة في هذه الحرب، تنبع أولا من أهداف حماية الأمن الوطني للدول، ومن ثم الأمن الإقليمي وسلامة المجتمعات من فكر التطرف والانغلاق والشطط.

ولأننا نعيش مع العراق حدودا مكشوفة أمنية، أكثر من حدودنا المكشوفة مع سورية، فسيظل أمننا مهددا دائما إذا لم يكن هناك جيش عازل، يفصل بيننا وبين الخطر القادم من كلا الجبهتين.

إن محاربة التطرف الذي بدأ ينتقل بين دول المشرق العربي، لا يمكن القضاء عليه بالسلاح فقط، بل علينا أن نحتاط جيدا بالفكر والحجة ونواجه التطرف والغلو والانحراف عبر تربيةالنشء على قيم الاعتدال والوسطية في كل شيء.

وأنا من حيث المبدأ أجد نفسي منحازا بالمطلق للموقف الأردني العسكري في ضرب كل القوى الظلامية من داعش وجبهة النصرة وما لف لفهم.

كما أنني أدعو إلى تقوية التيار الإسلامي المعتدل الذي ينبذ العنف ويؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التفكير.

والشيء بالشيء يذكر؛ فإن المحطات التلفزيونية الدينية التي ناهز عددها الـ104 محطة تملأ الفضاءات العربيةبتمويل من دول بترولية، هي من أهم الأسباب التي أوجدت هذا الشباب المتطرف، وعليه فلابد من محاربتها، إيذانا ببدء حركة التنوير مع التربية والتعليم والثقافة المجتمعية المتنوعة، ورفد المساجد برجال دعوى متنورين، يدعمهم إعلام شامل يلغي الفوارق الطائفية والمذهبية والعنصرية والإقليمية بين سكان المجتمع الواحد، وتسكين الجميع على درجة متساوية في المواطنة؛ حقوقا وواجبات، فالمواطنة هي الحل.

لقد كشفت استطلاع للرأي أخير أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، أن 28% من العينة المستطلع رأيها لم تحدد موقفها من داعش، وعليه فإني أستطيع تحديد موقف تلك العينة بأنها مع داعش قطعا، فلا تردد في رفض كل ما هو إرهابي ومتطرف لا يقبل الآخر ولا يسمح له بالحركة والحياة بحرية، فيما 52% من ذات العينة لم تحدد موقفها من جبهة النصرة، على الرغم من أن كلا التطرفين يهددان أمن المنطقة وسلامة المجتمعات، وكل أنواعالتطرف هو وجوه لعملة واحدة.

وعليه قد تطول هذه الحرب، وقد تكون المجتمعات عرضة للتأثر العاطفي وتذبذب المشاعر خلال فصول هذه الحرب، وهنا فإني لا أجد سوى استمرار تحقيق الإصلاحات الداخلية سياسيا واقتصاديا، من أجل حماية المجتمع من النزوع للتطرف أمام مواجهة غياب الثقة بين المواطن ومؤسساته، وعلينا أن نكون صادقين في مواجهة هذا التحدي الخطير، وهو ما نحتاج فيه لصناعة استراتيجية وطنية شاملة للوقوف عند ثغرات الخلل ومعالجتها.

في هذا السياق قد يكون واجب علينا أن نقوي الحلف المصري السعودي الأردني، على أسس من الدعوة لاستقرار المنطقة، على أن يكون هذا التحالف مؤثر بين القوى الكبرى؛ إيران وتركيا، ولا أجد ما يمنع هذا لحلف من إعادة النظر بالموقف من الدولة السورية، بعد أن رأينا بأن البديل للاستقرار في سورية كان الفوضى والعبث والمزيد من الدماء، بعد تهيئة المكان لحواضن الإرهاب وتنميته.

كما أن مثل هذا التحالف من شأنه خدمة الموقف الأردني أمام الاختلالات والاصطفافات بين الدول العربية والإقليمية؛ إيران وتركيا، والدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية. ما يستوجب على الأردن أن يكون له موقف وطني وقومي ثابت غير معرض للاهتزاز بين اللحظة والأخرى، بسبب خدمة تلكالتوازنات التي تفقدنا حرية الحركة.

إن لعبة التوازن من قبل دولة ليس لها قوة الموقف الثابت والرؤيا الواضحة، يجعل من الصعب عليها تحقيق النجاح أوأن تحظى بالرضا من جميع الأطراف، فكل دولة تبحث عن مصالحها، مما يفقد اللاعب سياسة التوازن، وبالتالييخسر الجميع.

أما عن ثاني أنواع التحديات الخارجية وهي التحديات المزمنة، فتنحصر بتداعيات التأخر في التوصل لحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وسط محاباة دولية مكشوفة لإسرائيل، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية، وعلى رأسها حق العودة والتعويض وإعلان قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة والكرامة على التراب الفلسطيني، وعاصمتها القدس.

بعد أن يتم الاعتراف بحق أجيال من الفلسطينيين صودرت منهم فرص العيش بحرية وعدالة ومساواة وكرامة بالمقارنةمع سائر الشعوب في العالم.

إن القضية المركزية والجوهرية بالنسبة لنا في الأردن، تعتبر القضية الفلسطينية، التي ارتبطنا بها عضويا، ولن يفصلنا عنها أي أزمة عربية أو إقليمية طارئة.
لذلك فستظل القضية الفلسطينية تحد خارجي حقيقي ودائملنا في الأردن، ولن ينتهي هذا التحدي سوى بالحل العادل لهذه القضية.

الحضور العزيز؛

أما عن التحديات الداخلية، فقد قلت لكم وفي بداية هذا اللقاء بأن التحديات التي نعيشها ليست أقل خطورة من تلك التي واجهناها من تحديات في مطلع تسعينيات القرن الماضي، التي واجهنا فيها اسرائيل ومصر وسورية والخليج، والولايات المتحدة وثلاثين دولة معها، وقد تجاوزنا تلك العاصفة بموقف شعبي واحد ومتلاحم ضغط على مراكز القرار وأنتج مشهدا متناغما متجانسا في البحث عن المصلحة الوطنية العليا وتحقيقها خلال تلك الأزمة الحرجة في تلك المرحلة الصعبة، والنتيجة؛ كما قلنا، كانت بأنناخرجنا من تلك الأزمة سالمين.
وأمام تلخيص تحدياتنا الداخلية فإنني أود تقسيمها لأربع تحديات:
أولا: التحدي السياسي.
ثانيا: التحدي الاقتصادي.
ثالثا: التحدي الإداري.
رابعا: التحدي الاجتماعي.

وعن التحدي السياسي، فقد اتفقنا ذات لقاءات واجتماعات كثيرة بأن الإصلاح السياسي هو أساس الإصلاح والمحرك الأساسي لكل الإصلاحات.

إن حالة القلق السياسي وعدم اليقين الذي يمر بها أبناء وطننا ناتجة عن عدم الثقة بين الشعب والدولة، فالثقة بمؤسسات الدولة مهزوزة، والسؤال الذي يجري على كل شفه من النخب السياسية قبل الشارع؛ "لوين رايحين؟".

فثقة المواطن بمؤسسات الدولة المختلفة هي الأساس والمحرك لنجاح الجهود الإصلاحية، وإن العدالة والمساواة وسيادة القانون، وتكافؤ الفرص، ومكافحة الفساد والشفافية، هي جميعها ركائز جوهرية للحكومة الرشيدة.
ومتى ما تحققت مبادئ المشاركة الشعبية، فإنها ستكون الأساس في الإصلاح السياسي، وإني أجد بأننا بعيدين عن هذا المبدأ كل البعد، وبالكاد الحكومة الحالية تشارك في صناعة القرار، فلا أدل على ذلك من تضارب التصريحات الحكومية حيال كنز هرقلة والحرب على الإرهاب، حيث كانت الحكومة أول من يصرح لكنها آخر من يعلم، وهذه الحادثة لوحدها هزت كيان الثقة بمؤسسات الدولة المختلفة، التي تطايرت منها التصريحات التي لا تؤشر إلى أن هناك عقل للدولة واحد، بل أن "كل يغني على ليلاه".

لقد أحزنني كثيرا ما جاء من تصريحات لرئيس الوزراء النسور في 6/9 الشهر الماضي حول الحرب على الإرهاب، وأننا لا نخوض حروب غيرنا، وبعد أسبوعين في 23/9 رأينا طائراتنا تقصف في العمق السوري، وبدى رئيس الحكومة وكأنه آخر من يعلم، كما الحال مع الرئيس في أزمة ذهب عجلون ليخرج علينا في مؤتمره الصحفي ويجلس مع المؤسسات التي تحت ولايته ويعترف بأنه كان مغيب عن الأمر، فإذا الحكومة لا تشارك بصناعة القرار، فمتى سنبدأ بتطبيقات المشاركة الشعبية التي نعتقد بأنها تدعم النظام السياسي ولا تهدده.

وهنا؛ فلا بد من إمعان النظر جيدا في مبدأ المشاركة الشعبية من خلال ما جاء في كتاب التكليف السامي لحكومة الدكتور عبد النسور الذي لخص جزءا مهما من هذه القضية، فالحكومة باقية ما دامت حائزة على ثقة مجلس النواب، ومجلس النواب باقي ما دام حائزا على ثقة الشعب. ومن هنا تنبع أهمية المشاركة الشعبية، وعندها فقطسيقتنع المواطن بأهمية دوره ومشاركته.

ولذلك قد يكون لزاما أن تُجري إحدى الجهات المحايدة استطلاع رأي علمي، يؤكد إن كانت الحكومة تحظى فعلا بثقة النواب، والنواب ما إذا كانوا يحظون بثقة الشعب، وعندها قد يكون من الواجب تسمية الأشياء بمسمياتها، بعد قياس الرأي العام بدقة وإنصاف.

أما عن التحدي الاقتصادي؛ فالأمراض معروفة، ولا بد أن نكون فاعلين في البحث عن الحلول، فتشخيص العلة لا يكفي، بل أن الأهم هو التوصل لعلاج شافٍ لأمراض الاقتصاد الوطني، والتي تتمثل في العجز المستمر للموازنة، واستمرار ارتفاع المديونية، ومتلازمتي الفقر والبطالة.

وبظني قد تكون الحلول السريعة موجودة؛ من خلال وقف الهدر الحقيقي في الإنفاق، والتوقف عن الإنفاق العام الذي يُظهرنا كدولة بترولية، كما آن الأوان فعلا لإلغاء المؤسسات المستقلة التي تستهلك نحو 1.5 مليار دينار من موازنتنا، والاكتفاء بالهيئات المستقلة اللازمة والفاعلة حقا؛ كالبنك المركزي على سبيل المثال.

وبعد ذلك علينا أن نقف عند حدود ضبط الموازنة والتوقف عند تنامي موازنات الأحهزة الأمنية التي تقضم من موازنتنا ما نسبته 28% وهي من أعلى النسب عالميا، كما أن التركيز على تحفيز قطاع الخدمات من شأنه أن يزيد استثماراتنا في القطاع السياحي، ولتكون وزارة السياحة من أهم الوزارات السيادية في الوطن.

وعن التحدي الإداري الذي نواجه اليوم فهو يتمثل في مواجهة الترهل الإداري، وتراجع الكفاءات الإدارية، مايدفعنا فعلا للقيام بالثورة على تطوير العمل البيرقراطي، كما أن مواجهة ومكافحة آفة الفساد المستشري عند الرؤوس والكروش الكبيرة، سيعيد ثقة المواطن بالدولة، بعد أنتراجعت لحدود تنذر بالخطر، وهو ما يجب أن نمعن النظر فيه جيدا، ونحارب تداعياته بكل السبل والوسائل المتاحة.

وعند حدود التحدي الاجتماعي، فعلينا أن نقف طويلا عند قراءة ظاهرة العنف المجتمعي المنتشرة بين الطلبة وبين التجمعات السكانية وحتى بين النواب، فالظاهرة آخذه بالانتشار، وتطويق تداعياتها قد لا يكون سهلا إذا ما استمر الحال من دون التوصل لمعالجة عميقة لهذه الظاهرة.

كما يزيد من تحدياتنا الاجتماعية انتشار المخدرات، وانتشار حوادث السرقة، وانتشار كل القيم الدخيلة على أعرافنا وتقاليدنا وقيمنا الأصيلة، التي ورثناها كابرا عن كابر، وكنا نسترشد بها في سلوكنا العام وحتى الخاص، وهو ما نحتاج إليه اليوم، حتى تقاوم الأجيال الصاعدة كل السلبيات الموجودة في ثقافات الآخرين، التي تصلنا بسرعة بحكم العولمة وانتشار وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بصورة ملفتة.

الحضور الكريم؛

في المحصلة واجب القول: بأن على مركز القرار في عقل الدولة أن يغير من أنماط تعامله مع الرأي العام، ويُفعل مبدأ الإرادة السياسية الحاسمة والحازمة في مواجهة استحقاقات الإصلاحات كافة.

إن المسؤولية الوطنية والأخلاقية تقع على أبناء الوطن الذين يقودون هذه المرحلة، وهم يتواجدون في مواقع صنع القرار، في الأجهزة الأمنية وفي الديوان الملكي، وأخيرا في السلطة التنفيذية، وعليهم واجب التعامل مع الرأي العام من منطلق الشفافية والتصارح في الهم الوطني العام، وأزمات الدولة الطارئة والمزمنة الخارجية والداخلية.

فهؤلاء عليهم البدء بتكوين خلايا دراسية مبنية على استطلاعات علمية حقيقية، لتكون نتائجها تحمل الإجابة الشافية لأسئلة على غرار:
-هل نحن نسير في الاتجاه الصحيح؟
-هل أمننا واستقرارنا في آمان؟
-هل هناك احتمالية لانفجار الأوضاع نتيجة للاحتقاناتالمتراكمة وعدم الثقة؟
-هل المشاركة الشعبية الحقيقية وليست الشكلية ممكنة!
-هل المشاركة الشعبية الحقيقية تهديد للنظام أم خدمة له؟
وكل ذلك على الرغم من قناعتي بأن المشاركة الشعبية ضمانة وقوة للوطن والنظام.

إن هذه الأسئلة يجب أن تطرح في كل المحافل، ويجب الإجابة عليها، لأنه إذا وقعت الكارثة، وجاء دورنا كجيراننا؛ لا سمح الله، سيكون الذين وجهت لهم خطابي هذا؛ هم وقودنار الفتنة، قبل غيرهم.

وأقول هنا: نحن بحاجة فعلا إلى شكل التلاحم والتضامن الذي عشناه في مطلع تسعينيات القرن الماضي بين الشعب والقيادة، وأن مشاركة الشعب هموم الوطن، ومشاركة القائد هموم مواطنيه، والشفافية في اتخاذ القرارات، سيكون هو صمام أمان المرحلة، بشكل نعبر به حدود الخطر، إلى بر الأمان.

في النهاية إن دراسة التاريخ وإعادة دراسته باستمرار، هو ما دأبت عليه الشعوب، وذلك للاستفادة والتعلم من الماضي، وفي تاريخنا الحديث عندما اشتعلت أزمة معان والكرك والطفيلة، وقاربت الأزمة على حدود السلط وعمان العام 1989، فإن كان السبب الظاهر هو رفع أسعار المشتقات النفطية، لكن السبب الحقيقي كان تراكمات كثيرة أهمها، وقف العمل البرلماني وعدم إجراء الانتخابات منذ العام 1967، وهو ما دفع الراحل الملك الحسين للالتقاط اللحظة التاريخية بأسرع مما يتصور أحد، واستثمار الغِضبة الشعبية باتجاه المشاركة في صناعة القرار، وبتالي المشاركة في تحمل مسؤولية.

لقد كانت النتيجة أن دعا رحمه الله لانتخابات نيابية، أجريت ضمن معايير النزاهة والشفافية، بعد تحييد الجهات الأمنية والرسمية من التدخل، وأعاد الأردن من جديد على الطريق الصحيح، فكان حلا سياسيا حاسما لأزمة اقتصادية صعبة.

واليوم؛ ونحن نعيش بمرحلة صعبة، لا ينكرها عاقل؛ محب لوطنه، أمام كل التحديات التي ذكرتها، فإن جلالة الملك عبد الله الثاني تحدث في أكثر من مناسبة، بأننا استطعنا قلب التحديات إلى فرص خلال سنوات الربيع العربي.

وبهذه المناسبة أتمنى على جلالته ان يستثمر هذه اللحظة التاريخية من أجل البدء بتشكيل خلية عمل استراتيجية، تتكون من شخصيات وطنية ينطبق عليهم وصف "صديقك من صدقك لا من صدقك"، وذلك من أجل دراسة وتقييم الخمسة عشرة عاما الماضية؛ أي منذ تولي الملك عبد الله الثاني لسلطاته الدستورية، والتي أقول فيها: من دون نفاق أو تردد إن كان فيها الكثير من الإنجازات، فإن فيها الكثير أيضا من التراجعات، وأهمها العبث بإرادة الناخبين، وفساد الكثير ممن مُنحوا الثقة المطلقة لأن "السلطة المطلقة كانتمفسدة مطلقة"، حتى تراجعت هيبة الدولة بسبب عدم تطبيق القانون، وبسبب الوضع الاقتصادي المتدهور، وغياب الشفافية في مجالات كثيرة.

وهنا؛ ادعو هذه اللجنة لكتابة صفحة جديدة تخط بها الإيجابيات بُغية تعظيمها، والبناء عليها والسير بها، بعد اعتماد التقييم الموضوعي غير المنافق أو الموارب، كما عليها تشخيص السلبيات من أجل إنهائها، لنستكمل بناء أردننا الجديد يحمي نفسه بنفسه من الداخل، ويحمي حدوده بقوة مجتمعية داخلية متراصة واثقة، ومشاركة شعبية حقيقية في صناعة القرار، في ظل القيادة الهاشمية.

في الختام؛ سأنهي بثلاث دقائق، وهي ليست خارج الموضوع وإن بدت شكلا كذلك.

أكرر شكري للنادي الأرذدوكسي، وأقول أن بيننا عيش مشترك، وهو عنوان العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في هذا الوطن، وليس التعايش المشترك وهي كلمة لا تؤشر على جوهر العلاقة التكاملية بيننا جميعا.

وأنا على يقين بأن الصهاينة والأمريكان لا يريدون بقاء أي مسيحي في الشرق العربي (سورية ولبنان وفلسطين والعراق والأردن) ليس حبا في المسيحيين لإنقاذهم من الشرق الذي عاشوا فيه ألاف السنين، بل لأنهم لا يريدون بقاء المسيحيين الذين يشكلون مكونا مهما في المنطقة، وهمأصحاب كفاءة عالية وقدوة في الأداء، سواء كان على مستوى الأداء المالي والاقتصادي، أو حتى السياسي والفكري، فالمفكرين والأدباء والكتاب والسياسيين الذين حافظوا على اللغة العربية من التتريك هو مسيحيو لبنان، وفي الأردن سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي فالأمثلة كثيرة.

ولذلك فإن التهجير سواء كان في الترغيب أو بالقسرية على يد داعش أو غيرها، كلها أفكار صنعتها الصهيونيةالأمريكية.

وفي هذه المناسبة العزيزة التي أقف فيها بينكم؛ أقترح عليكم تطعيم ناديكم ولجانه المختلفة الفاعلة، من طوائف مسيحية أخرى، ومسلمين أيضا، لأننا نقول كما قال مكرم عبيد؛ خطيب ثورة العام 1919 في مصر:
"الدين لله والوطن للجميع"، ونحن مسلمين وطنا، ونصارى دينا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :