facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




التمرين الميداني المتكامل لعام 2014 بقلم : د.عبدالله النسور


04-11-2014 03:27 AM

عمون - «منذ عهد والدي جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، لم يَأْلُ الأردن جهداً لتفادي إنتشار الأسلحة النووية و نشأة سباق تسلُّح نووي في الشرق الأوسط، وهو ما من شأنه أنْ يتسبَّب في عواقب لا يمكن تَخيُّلها تمتدُّ بعيداً خارج منطقتنا. ونحن لم نكتف بالتوقيع على كلِّ معاهدة واتفاقية دولية مهمَّة لمنع الانتشار النووي وضمان تأمين المواد النووية، بل دَعَوْنا أيضاً ومنذ أمد طويل إلى إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وهذا تَحدٍّ كبير ولكن يجب علينا أن نواجهه.»
بهذه الكلمات، وَصَف جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم-حفظه الله و رعاه-، في عام 2012، إلتزام الأردن الثابت بن‍زع السلاح النووي ومنع انتشار الأسلحة النووية.



تهديد ذو أبعاد كابوسية

لماذا يتحتم على مملكتنا أن تتصدى بفاعلية لهذا التحدي؟
إنَّ الأردن يَجدُ نفسه محاطاً بطوق من نار، فهناك المأساة السورية التي يؤوي الأردن من لاجئيها أكثر ممَّا يؤويه أيُّ بلد آخر، والصراع العربي-الإسرائيلي المستَعِر، والتوتُّرات المتصاعدة في العراق، وقد فاقمت كلُّها التحديات التى يواجهها الأردن الذي أصبح يعاني من ضغط اقتصادي يزيده صعوبة محدودية الموارد الطبيعية.
وفي هذه الظروف الأمنية غير المستقرَّة، فمن شأن إنتشار الأسلحة النووية أن يكون القَشَّة التي تقصم ظهر البعير. وعلى وجه الخصوص، يمثِّل وجود أسلحة نووية في أيدي عدَّة جهات متناحرة، قد لا تتسم بالحكمة، تهديداً ذا أبعاد كابوسية على الأمن الإقليمي والعالمي.
ولهذا السبب، إختار الأردن أنْ ينضمَّ إلى كافة المعاهدات والصكوك الرامية إلى نزع السلاح النووي ومنع انتشاره، بما في ذلك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي الخاص بالوكالة الدولية للطاقة الذرِّية و معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
وهذه الخطوة تُثبت لجيراننا، على نحو واضح وقابل للتحقُّق، أنَّ البرنامج النووي للأردن هو حصراً ذو طابع سلمي. إنَّ حاجتنا إلى تنويع مصادر الطاقة جلية للعيان، وهى ما لا نستطيع تلبيته بشكل كامل دون إدماج الطاقة النووية ضمن المصادر المتعددة للطاقة. فالأردن، و بوصفه رابع أفقر بلدان العالم من حيث الموارد المائية، يعتمد على محطات التحلية الكثيفة الإستهلاك للطاقة من أجل تلبية احتياجات سكَّانه الآخذين في التزايد.

على جميع الدول المُحِبَّة للسلام
أنْ تلتزم بمعاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية

من بين كافة المعايير الدولية ذات الصلة، يجب أن تأتي معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، على وجه الخصوص، ضمن الآليات الأكثر إتساقا مع منهج الدول المُحِبَّة للسلام. فهذه المعاهدة، التى تحظر إجراء تجارب التفجيرات النووية، تحول دون استخدام التكنولوجيا النووية في الأغراض العسكرية، ممَّا يسدُّ الطريق أمام السلاح الوحيد الذي يمكن أن يُفني الحضارة البشرية. كما أنَّ هذه المعاهدة، وخلافاً لسائر الآليات الدولية المتعدِّدة الأطراف، ليس لها أيُّ تداعيات تتعلق بالإستخدام المدني للتكنولوجيا النووية.
وسوف يمثِّل بدء نفاذ المعاهدة مَعْلَماً بارزاً في الطريق إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية. إذْ إنَّه سيُظهر مدى التقدُّم الذي أحرزته الدول التى تمتلك أسلحة نووية في الوفاء بوعود نزع السلاح التي قطعتها على نفسها قبل عقود من الزمن، ومن ثَمَّ سيعزِّز الإلتزام الدولي تجاه معاهدة عدم إنتشار الأسلحة النووية. ومن المؤكَّد أنَّه سيعطي زخماً جديداً للتطلُّع إلى منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط.
ومن أهمِّ الاعتبارات في أيِّ معاهدة للحدِّ من التسلُّح هو قابليتُها للتحقُّق. فعندما أَجرت كوريا الشمالية تجاربها النووية في عامي 2006 و2009، ثُمَّ في عام 2013، كشفت اللجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية تلك الأحداث بصورة موثوقة ودقيقة، وأتاحت البيانات المتعلقة بها للدول الأعضاء بصورة شبه آنية. وقد أسهمت المحطة السيزمية التابعة للمنظمة، والتي يستضيفها الأردن في تل الأصفر، قرب الحدود مع سوريا، في تحليل تلك الأحداث.

مسألة السيادة الوطنية

تمثِّل القدرة على تلقِّي وتحليل بيانات الرصد الخاصة بالمنظمة من خلال مركز البيانات الوطني المرتبط بالمعاهدة، تعبيراً عن السيادة الوطنية، خاصةً إذا ما قيس ذلك على خلفية تبوء الأردن مقعداً غير دائم في مجلس الأمن بالأمم المتحدة في عامي 2014 و2015. فقد أصبح الأردن الآن قادراً، بشكل مستقلٍّ عن البلدان الأكثر تقدُّماً من الناحية التكنولوجية، على التوصُّل إلى تقييمه الخاص للأحداث التى قد يشتبه بصلتها بالشأن النووي، إذا ما قررت إحدى الدول - بشكل مؤسف - إجراء تجربة نووية.
وإلى جانب كشف التجارب النووية، فقد أثبتت بيانات الرصد الخاصة بالمنظمة فائدتها في أغراض أخرى، مثل الإنذار بالكوارث الطبيعية ودراسة بُنية الطبقات الداخلية للأرض وإجراء البحوث الخاصة بتغيُّر المناخ. وقد شارك خبراء أردنيون في حلقات العمل ودورات التدريب التي عقدتها المنظمة لبناء الخبرات الفنية الوطنية في هذا المجال.

مشاركون من مختلف دول الشرق الأوسط
يعملون جنباً إلى جنب

لقد اختار الأردن تقديم دعم فعَّال للمنظمة بعرضه استضافة الحدث التالي من التمارين المتكاملة الخاصة بآلية التفتيش الموقعي التي تجريها المنظمة. ويطلق على هذا الحدث: التمرين الميداني المتكامل لعام 2014. ذلك التمرين هو الثاني ضمن تمارين المحاكاة من هذا القبيل التى تجريها المنظمة، بعد التمرين الأخير الذي أُجري في كازاخستان في عام 2008. ومن شأن نجاح المنظمة في إختبار قدرتها العملياتية على إجراء تفتيش موقعي في ظروف تحاكى الواقع أنْ يُعزز من الحُجج الدَّاعية إلى دخول المعاهدة حيز النفاذ.
وسيكون لهذا التمرين أيضاً بُعدٌ رمزي هام: فهو سيجمع ما يزيد عن 200 خبير من جميع القارات. وقد دُعيَت جميع دول الشرق الأوسط إلى العمل جنباً إلى جنب من أجل القضية المشتركة المتمثِّلة في تدعيم الأمن العالمي.

تَوَّاقون إلى تقديم أقصى دعم ممكن

إنَّه لَيكتنفني الفخرُ والاعتزاز بقيام 183 دولة عضو في المنظمة باختيار الأردن من خلال عملية تنافُسيَّة لإستضافة التمرين الميداني المتكامل لعام 2014. فمنطقة البحر الميِّت توفر تركيبةً طوبوغرافيةً وجيولوجيةً مُثلى لإجراء محاكاة لتفتيش موقعي تتَّسم بالواقعية وتنطوي على تحدِّيات ،كما تمثِّل منطقة البحر الميِّت ذاتها، بما فيها من منتجعات عصرية، المكان الأمثل لتجديد النشاط بعد يوم عمل طويل في الميدان.
إضافة إلى ذلك فإنَّ خبراءنا العاملين في مختلف الوزارات و الهيئات الحكومية الأردنية تَوَّاقون إلى تقديم أقصى دعمٍ ممكن لهذا التمرين. وقد أكَّدتُ على ذلك للأمين التنفيذي للجنة التحضيرية لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، السيد لاسِّينا زيربو، أثناء زيارته لعمَّان في كانون الأول/ديسمبر 2013.
وكما قال صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبد الله الثاني ابن الحسين-حفظه الله و رعاه-، «فإنَّ شَعْبَنَا في المقدِّمة، لما يتحلَّى به من موهبة وثقافة وبراعة تكنولوجية و معرفة بأحداث العالم.»
أمَّا الهيئات المشاركة، والتي أسهم كثير منها في مختلف التمارين وحلقات العمل التي نظَّمتها المنظمة واستضافها الأردن منذ عام 2003، فهي تشمل سلطة الموارد الطبيعية وهيئة الطاقة الذرِّية الأردنية وهيئة العمل الإشعاعي والنووي الأردنية و وزارات: الخارجية وشؤون المغتربين ، والداخلية، والصحة، وكذلك سلاح الجو الملكي الأردني.
وسوف يفضي التمرين الميداني المتكامل، بدوره، إلى تعزيز المهارات التقنية والمهنية لخبرائنا وعلمائنا في الميدان، لأنَّه سيكون بمقدورهم أنْ يتعرَّفوا على أحدث التكنولوجيات والطرائق والمعدَّات المستخدمة. وهذا سيؤدِّي، على سبيل المثال، إلى زيادة خبرات بلدنا في مجال كشف الإشعاع المحمول في الجو وكشف الغازات الخاملة المشعَّة. وقد حقق النقاش الدائر حول مشاركة الأوساط العلمية والأكاديمية الأردنية فى التمرين الميداني المتكامل إنطلاقة واعدة عبر تنظيم حلقة نقاش حول الموضوع إستضافها معهد الشرق الأوسط العلمي للأمن في أواخر عام 2013.
أتمنَّى للأمين التنفيذي، السيد زيربو، وفريقه أنْ يُكلَّل التمرين الميداني المتكامل لعام 2014 بالنجاح وأنْ يعود بالفائدة المرجوَّة. وسيكون هذا الحدث بدايةً لمستقبل أكثر أماناً وإشراقاً للشرق الأوسط وللعالم.
وفي إنتظار هذا الحدث، أودُّ أنْ أعرب لجميع المشاركين عن ترحيبـي الحار بهم في بلدنا الجميل والمضياف.

المقال نشر امس في المجلة التي تصدرها منظمة حظر التجارب النووية .





  • 1 د. محمد النسور 04-11-2014 | 10:08 AM

    مقال رائع جدا وبلغة عربية مفهومة جدا

  • 2 طارق 04-11-2014 | 11:28 AM

    مقال جميل وعلمي . تسلم ايدك يا دكتور عبدالله .

  • 3 د.ابراهيم كلوب 04-11-2014 | 07:07 PM

    كل الاحترام لدولة ابو زهير ،فانت معروف بانك موسوعة الاردن .


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :