facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا لو قبل الإسلاميون بالتسوية السلمية؟


د. محمد أبو رمان
12-03-2007 02:00 AM

على الرغم من المخرجات الأولية الإيجابية لاتفاق مكة، وفي مقدمة ذلك العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلاّ أنّ رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني لا تزال أمامه عقبة كأداء تتمثل في الموافقة على شروط الرباعية، فيما لا يبدو أنّ هنالك أية زحزحة معتبرة على موقف المجتمع الدولي تجاه هذه الشروط.وإذا ما بقيت حكومة الوحدة غير قادرة على إيجاد مخرج من الوضع الراهن فإنّ الأوضاع الفلسطينية ستسوء، بلا شك، على الصعيد السياسي بالدرجة الأولى، والإنساني بالدرجة الثانية، حيث لم تعد نسب الفقر والبطالة والاعتماد على المساعدات العينية تخفى على المتابعين، وربما هذه المرة الأولى تصل فيها الظروف الاقتصادية إلى هذا المستوى في مسار النضال الفلسطيني.

لا نريد أن نكرر أنفسنا الآن ونتناقش في بديهيات لا نختلف عليها نحن العرب والمسلمين حول عدم شرعية الكيان الإسرائيلي في الأصل، لكننا اليوم أمام واقع وميزان قوى وضرورات يجب أن نتعامل معها. فدعونا نكون صادقين مع أنفسنا؛ إما أن نختار طريق الكفاح المسلّح لاستعادة كل فلسطين وإما أن نقبل بفلسطين الـ67، الخيار الأول لا يبدو أنّ هنالك أحداً يتحدث عنه اليوم إلاّ الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، ليس من قبيل العمل الجاد والقراءة الواقعية بقدر ما يمثل خطاباً شعبوياً تعبوياً للداخل الإيراني والجماهير العربية على خلفية البرنامج النووي والمصلحة القومية الإيرانية وليس القضية الفلسطينية بذاتها.

قد نقول كلاما كبيراً وكثيراً عن تهافت النظام العربي وسقوطه وضعفه وقبوله بالإملاء الأميركي والإسرائيلي وتضييعه للقضية الفلسطينية، ولا يستطيع أحد أن ينكر ذلك، لكن في المحصلة هذه هي الحالة الواقعية للنظام العربي، ولا يبدو في الأفق ما هو أفضل من ذلك، إن لم يكن أسوأ. واليوم نحن أمام إجماع سياسي عربي على القبول بمبادرة بيروت 2002، وضغط كبير على الشعب الفلسطيني للقبول بها، بينما تقف حركة حماس في حالة من التردد والقلق وعدم القدرة على حسم موقفها، وهو ما يؤدي بدوره إلى تداعيات سلبية وخطيرة على مصير الشعب الفلسطيني ومستقبل قضيته، ويظهر أمام العالم أنه الذي يرفض التسوية، مع أنّ الصحيح غير ذلك، فإسرائيل هي – في حقيقة الأمر- غير القادرة على الالتزام بخط التسوية السلمية.

المشكلة أنّ حماس قطعت نصف الطريق، ولم تستطع العودة إلى خيار العمل المسلّح او حتى الى أيدلوجيتها الرئيسة (فلسطين من البحر إلى النهر) ولا هي أكملت الطريق ووصلت إلى الموافقة الصريحة على المبادرة العربية، فاختارت أسوأ طريق على الإطلاق وهي المراوغة المكشوفة والفذلكة اللغوية والغموض السياسي في الموقف من التسوية، فهي توحي بالموافقة، لكنها لا تريد أن تعترف بها صراحة. وإلاّ ما معنى أن يستخدم خالد مشعل مصطلحات من قبيل: "إسرائيل دولة أمر واقع"، أو تأكيد الحركة في اتفاق مكة على "احترام" المبادرة العربية، أو موافقتها على دولة فلسطينية على حدود عام 1967 أو عرضها هدنة لمدة عشر سنوات، لتهيئة الجو لبناء الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما عبر أحد رموز حماس، فهذه المواقف القلقة المترددة غير مفيدة نهائياً لا لحماس ولا للشعب الفلسطيني في محنته الحالية، فهي تنهك الشعب الفلسطيني وتستنزفه في أزمات داخلية واضطراب مع المحيط العربي.

في المحصلة ستعود حماس لتقف أمام السؤال المفصلي: هل توافقون على المبادرة العربية وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وبحق إسرائيل في الوجود أم لا؟ وإذا كان الجواب نعم، فلماذا هذه الطريق الملتوية الطويلة، وإذا كان لا؛ عدنا إلى ما قبل المربع الأول، وسيكون عندئذ الوصول إلى المربع الأول بحد ذاته إنجازا كبيرا للفلسطينيين! كما اعتبرنا أن اتفاق مكة وانهاء إرهاصات القتال الفلسطيني خطوة كبيرة!

إما أن تتراجع حماس تماماً عن التحول الأخير وتعود إلى منطقها السياسي وأيديولوجيتها الرئيسة، أي الكفاح المسلح لتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وتنتظر الزمن المناسب لتحقيق هذا الحلم العربي والإسلامي الكبير، وتخلي الطريق للسلطة، أوأنّ تكمل مسارها الحالي الواقعي، وتتخذ خطوات ومواقف واضحة من التسوية وتزيل الالتباس القائم، وتفتح المجال واسعاً أمام العرب الذين "يزعمون" أنهم يخوضون معركة سياسية كبيرة ضد إسرائيل، فإما أن ينجح العرب، وعند ذلك تقام دولة فلسطينية على كامل حدود عام الـ67، وإما أن يفشلوا وعندها لن تكون حماس ملزمة بشيء، كما هو حال إسرائيل! وستؤكد للجميع أنها كانت محقة في مواقفها السياسية والفكرية.

في حال موافقة حماس على عملية التسوية وعلى المبادرة العربية واستكمال مسار تحولها الاستراتيجي فإنّ هنالك تداعيات كبيرة على المنطقة بأسرها، أهم النتائج الإيجابية على الفلسطينيين ستتمثل برفع الحصار الاقتصادي وعودة الحياة الطبيعية وإنهاء الأزمة الخانقة، التي عصفت بالوحدة الوطنية الفلسطينية، ورمي الكرة إلى ملعب إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

سيُرَد على الفكرة السابقة أنّ إسرائيل غير جاهزة للسلام وأن الحكومة الحالية أضعف من الإقدام على خطوة كهذه، وأن القادم الإسرائيلي سيكون أسوأ ممثلاً بالليكود، وهذا صحيح، لكنه يدعم الفكرة ولا ينسفها، فعندئذ سيظهر أمام العالم بأسره أنّ المشكلة الحقيقية هي عند الإسرائيليين، وهم العقبة الحقيقية في وجه التسوية السلمية، لا حماس ولا غيرها من المنظمات الإسلامية أو الفلسطينية.

بعض العرب والفلسطينيين لا يزال يريد الرهان على المحور الإيراني- السوري بدلاً من الحاضنة العربية، وبرأيي هذا خطأ استراتيجي كبير، فالمحور الآخر لا يقدم بديلاً حقيقياً، ولا يمثل مخرجاً للوضع الفلسطيني، ويتعامل مع القضية الفلسطينية في سياق "التوظيف" وليس الحل. على الصعيد السوري فإنّ "وديعة رابين" تظهر أنّ السوريين لديهم الاستعداد للمضي قدما في القبول بما قبلت به الدول العربية الموقعة على السلام، وربما أكثر. أما إيران فسياستها الخارجية البراغماتية وأفضلية مصلحتها القومية يؤكدان على استعدادها لعقد صفقة مع الإدارة الأميركية، حتى وإن كان ذلك على حساب القضية الفلسطينية، وقد عودتنا التجارب السابقة أن الخطأ الأكبر، بل الخطيئة تكمن في الاستسلام لدفء الشعارات البرّاقة التي تجذر المأساة ولا تحلها على أرض الواقع.

على الجانب الآخر، فإنّ قبول حماس بالتسوية السلمية، ومعها الحركات الإسلامية، سيفتح الآفاق على احتمالات متعددة ومختلفة بالكلية عن الواقع الراهن. فمن المعروف أنّ الحوار الإسلامي- الأميركي (والأوروبي) وصل مرحلة متقدمة من التفاهم والإدراك، بعدما أكد الإسلاميون تحولهم الكامل في الموقف من الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة، وبقي الموقف من التسوية السلمية هو العائق والمعضلة الكبرى أمام تيار واسع في الفكر الغربي والأميركي وبين التيار الإسلامي العريض، فقبول الإسلاميين بالتسوية وقرارات الأمم المتحدة، يعني إزالة هذا الحاجز ونقل الحوار إلى مرحلة متقدمة من ناحية، وإضعاف ذريعة النظم العربية أمام العالم الغربي ومؤداها أن البديل الإسلامي متطرف وغير واقعي ولا عقلاني، وهذه الذريعة كانت عاملاً رئيساً في تجديد الصفقة التاريخية بين النظم العربية والغرب بإعلاء شأن الاعتبارات الأمنية والمصالح المشتركة على حساب الديمقراطية والإصلاح السياسي.

تجربة حزب العدالة والتنمية التركي وموقفه من التسوية السلمية بمثابة مثال واضح على الانقلاب الذي يمكن أن يحدث فيما لو أعلن الإسلاميون عدم ممانعتهم المبدئية في اتفاق السلام. فلطالما استخدم الجنرالات فوبيا "البديل الإسلامي" للحصول على الدعم الخارجي ضد الإسلاميين، إلى أن جاء حزب العدالة فقلب دور العامل الخارجي 180 درجة، وأنهى التحالف التاريخي بين العسكر والغرب، فهل سيفعلها إسلاميو المشرق ويدفعون بالمشهد الاستراتيجي إلى مرحلة جديدة بالكلية!

m.aburumman@alghad.jo






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :