facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




استراتيجية الثقافة


د. سامي الرشيد
03-12-2014 03:28 AM

الثقافة الاستراتيجية هي صناعة تعنى بتأسيس الوعي الوطني عند الأطفال الذين ستصبح مقاليد الأمور بايديهم مستقبلا.

المدرسة هي الاداة الرئيسية من ادوات التنشئة الاجتماعية التي تلعب الدور الأساسي في صياغة البعد المشترك في الهوية القومية وهو ما يعرف بالصهر الاجتماعي.

تقوم الحضارات على مجموعة من القيم الأنسانية الرفيعة,مثلما تقوم على الفنون والميراث الثقافي والتاريخي وحجم التقدم العلمي والفكري الذي يتمتع به شعب ما, في حقبة زمانية ما,ولم تستمر الحضارات العريقة الى يومنا هذا الا بحفاظها على تلك القيم وذلك الموروث في حين اندثرت حضارات اخرى لأنها هجرت القيم والميراث.

الجهل هو الصخرة التي يتحطم عليها كل فعل أو ارادة أو طاقة بناء.
الجهل هو بوابة الارهاب وارضه الخصبة التي لا تتوقف عن الطرح.
الجهل محنة وفتنة والفتنة أشد من القتل .

الجهل منحة بعض الحكام لشعوبهم ,بالجهل تكون مطية لكل فاسد وكل مستبد.
بالجهل لن تحقق بناء اقتصادي وحلول اقتصادية مبدعة وغير تقليدية فقط, لكنها ستظل شعارات تحلق في سماء الامنيات ,اذا لم تتزامن معها أفكار استثنائية خلاقة في بناء الوعي والتنوير .

الوطن الذي يفتقد الرؤية ولا يحتكم للعلم ولا ينحاز للتنوير لن يكون على خارطة الحضارة.
تقاس قيمة الافراد والشعوب وقوتها بمقدار حركة الفكر فيها.

قال توفيق الحكيم: (التفكير حركة الشك والعمل هو ثبات اليقين , الايمان قوة الثبات, ان الفكروالعلم والعمل والايمان هم قوة بناء الوطن , وهي ارادة الشعوب الذين لايرغبون البقاء على ذمة الجهل )
نحن نحتاج للثقافة لانها بادرة تدعو للتفاؤل وتبشر بالخير,والثقافة لنا نحن العرب ليست نشاطا جديدا او بضاعة مستوردة , بل هي تراث قديم سبقنا به غيرنا , لاننا بدأنا حياتنا المشتركة قبل ان يبدأها غيرنا .

الثقافة المشتركة شرط جوهري للحياة المشتركة , لاننا لا نستطيع ان نعيش معا او نعمل او نتفاهم او نتجاوز المشكلات الا بلغة مشتركة او غايات مشتركة .

يجب ان يكون لدينا صناعة ثقافة جديدة بحيث تتنوع صناعة الثقافة شأنها شأن غيرها من الصناعات , فمنها الاستهلاكية والخفيفة وكذلك الثقيلة التي يطلق عليها أحيانا الصناعات الاستراتيجية ,التي تعنى في هذا السياق تلك الصناعات التي تعتمد عليها بقية الصناعات .

جميع انواع الصناعات الثقافية ضرورية ومطلوبة كل في سياقه , غير ان جاذبية الصناعات الثقافية الاستهلاكية والخفيفة وسخونة وجماهيرية منتجاتها , فضلا عن سهولة انتاجها نسبيا قد تغطي على أهمية الصناعات الثقافية الاستراتيجية التي نعنيها .
اننا نعني بتلك الصناعة الثقافية الاستراتيجية صناعة وتأسيس الوعي الوطني لدى الجميع

ربط الحاضر بالماضي هو أساس صحوتنا ,فاذا نظرنا لماضينا وحضارتنا فاننا نرى اننا فقدنا حريتنا واستقلالنا وفقدنا القدرة على التفكير والتطوير والابداع .

لذا اذا كانت الدولة هي الجسد الذي تتمثل فيه الامة وتصبح حقيقة ظاهرة , فالثقافة هي الروح التي لا تستطيع بدونها الامة ان تصبح كيانا حيا مفكرا فاعلا يعرف ذاته ويفرض شخصيته .
الثقافة هي هذه الروح وهذه المعارف وهذه الادوات والخبرات التي تتحقق بها الامة وتقوم بها الدولة .

المعرفة تكتسب فعاليتها القصوى في حركة التطوير والتقدم , حتى تتحول بفعل الاجراءات العملية التي تطاول تنمية الناس أفقيا وعموديا الى سلوكيات وعادات وانماط تفكير ومقاربات جديدة في حياتهم , اي حين يكتسبون قيما مضافة الى ثقافتهم المفتوحة على الاغناء والانماء .

التنمية هي العلم حين يصبح ثقافة , وحجم التحديات التي تواجهنا ضخم وغير مسبوق في تاريخ العرب القديم منه والحديث , انها تحديات علمية وتكنولوجية واقتصادية وثقافية ووجودية ..

التفاعل مع الثورة الالكترونية يفترض اعادة صياغة منظومة العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية داخل مجتمعاتنا, بحيث تسهم هذه الثورة في انشاء صناعة ثقافية ذات جدوى اقتصادية, وفي تظهير معاصر للتراث الثقافي العربي واعادة اكتشاف انفسنا وقراءة دورنا في حركة التاريخ الانساني من منظور عقلاني لا عاطفي , في سعي متجدد لاسترجاع الثقة بالنفس الى الانسان العربي ووقف هجرة الادمغة والموارد البشرية الكفوءة والمتخصصة واعادة تشكيل الشخصية الثقافية العربية دون ازدواج في الفكر والانتماء , وتجديد الدعوة الى وعي سلبيات العولمة وايجابياتها.
لقد ازدهرت الثقافة والعلوم والفلسفة في فترة الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي اي بين 1945-1989 .
كانت الثقافة ذات ثلاثة مفاهيم بين بلدان العالم الرأسمالي وبلدان العالم الشيوعي وبلدان العالم الثالث .
انتج كل عالم ثقافته وفلسفته وعلومه , وما زالت أفكار كل واحد من هذه العوالم الثلاثه مسجلة في التاريخ ووقائعه وكتبه , على الرغم ان تحولات أساسية جرت بعد عام 1989وانهيار الاتحاد السوفياتي , كان من نتائجها انحسار الثقافة الاشتراكية الشيوعية وضمور ثقافة العالم الثالث .

لكن العقود الثلاثة من التطور البشري قد شهدت انقلابات في المفاهيم وفي العلوم والاقتصاد , وتبعها في الفكر والسياسة , ساعد على انفتاح العالم على بعضه وكسر حواجز الانغلاق وتحويل العالم الى قرية صغيرة وصارت الثقافة منتشرة في كل مكان

على الدولة ان ترعى الثقافة , لكن دون ان تحولها الى ملكية خاصة , ودون ان تصادر حق المجتمع في رعايتها , ودون ان تعتدي على حرية المثقفين ودون ان تضع الثقافة في خدمة السلطة الحاكمة .
علاقة الدولة بالثقافة يجب ان تنحصر في توفير ما تحتاج اليه الثقافة من امكانات مادية وخبرات فنية وادارية والا تتحول باية صورة من الصور الى هيمنة واملاء .

نحن نحتاج لبدائل ثقافية حقيقية تضع الثقافة في رأس القائمة الخاصة بتجديد المشروع الحضاري العربي على اساس تفعيل قطاعات التنمية المستدامة وتقوية اعمدة الوحدة الوطنية في اقطارنا العربية , وتعزيز أواصر التكافل والتكامل العربين مع الحرص على العناية بالتنوعات الثقافية ضمن الرؤية الثقافية العربية المشتركة لمستقبل العالم العربي .

فاذا ما حدث التغير الثقافي بسرعة وفي نطاق واسع يمس كثيرا من مظاهر الحياة , امكننا ان نصف الثقافة بانها متغيرة وان الخصائص المميزة للعصر الحاضر تكمن في سرعة التغيير , والتغيير للافضل حتى نبتعد عن الجهل ونبني وطنا حرا مثقفا يعكس الخير على الجميع وينير الطريق للاجيال القادمة .





  • 1 مهندس رائد آل خطاب 03-12-2014 | 05:05 PM

    بداية لا بد أن أشير الى أن موضوعك هذا هو الغذاء الذي يجب أن نعيد النظر في كل مدخلاته
    أستطيع تأييدك في كل الجوانب التي فصلتها ولاكنني لمست غيابا هنا للموضوع الأهم والذي يعتبر أهم عمق للثقافة وأوسع باب للمعرفة .. الا وهو التعليم والنهج الشبه تجهيلي الذي نلمسه هذه الايام لدى الكثير من أبنائنا
    وعندما تناولت يا سيدي جانب الثقافة المشتركة التي من رأيي يجب أن تكون جل تفكيرنا في ملئ اي فراغ في استراتيجية الثقافة ... يتبع

  • 2 مهندس رائد آل خطاب 03-12-2014 | 05:16 PM

    وفعلا يجب أن تتطور الثقافة مع التطور البشري سيما وأن التطور الحالي (الإلكتروني) فتح التواصل العالمي وأصبح مدخلا لثقافات سلبية وايجابية ونوعية وغيرها , مما أدى الى التفاعل بمخرجات متعددة تهدد الثقافات الواعية .
    وعندما احترم ما ذكرت اسمح لي بأن أقدر ثقافتك وثقافة آبائنا السابقة إذ أنها الموروث الأنسب للبناء عليها لا لتغييرها!!
    فالاب والأم والمعلم والإمام والجار لم يعودوا أصحاب فضل مع الأسف في ترسيخ القيم الأساسية التي يجب أن يأخذها الجيل الحالي والقادم منطلقا في تطوير استراتيجية الثقافة سيدي .

  • 3 يزن القعقاع 03-12-2014 | 05:36 PM

    الثقافة فالثقافة فالثقافة ... محور التطور الانساني ....مقال رائع


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :