عمون - محمد الخوالدة - "الضيف نصيب المعزب" عبارة شاعت قديما للدلالة على حالة اجتماعية معينة في ذلك الوقت، فقد كان مستورو الحال من المواطنين في مضاربهم وقراهم لايأكلون اللحم الا عندما يحل عليهم ضيوف، وقد روي ان افراد تلك الاسر وبخاصة الاطفال منهم كانوا يتمنون مجيء الضيوف ليتمكنوا من تناول وجبة دسمة لذلك قيلت عبارة "الضيف نصيب المعزب".

ووفق معمرين عايشوا ذلك الزمن فان معسر الحال لم يكن يغلب ان حل في ساحته ضيف كيف يتدبر امر اقرائه اذ كان بامكانه ان يعدي علي أي قطيع مواش قريب منه ليحضر ذبيحة الضيف، فالناس حينها وفق اولئك المعمرين كانوا على شيء واحد ويسعى بذمتهم ادناهم.

وبطبيعة الحال فان إقراء الضيف كان بالمنسف مع العيش (القمح المجروش) او بالثريد، أي المرق مع خبز الشراك واللحم، اما المنسف الوجبة الشعبية الرئيسية الاشهر التي تتوارثها الاجيال فان لتناوله ادبيات فيما يخص الضيوف وفيما يخص المعزب، وهي ادبيات حرص السابقون عليها والتزموا بها وان تهاون بها اللاحقون في اطار ما طال مجتمعنا من متغيرات.

فمن ادبيات تناول المنسف بالنسبة للضيف غسل اليدين وعدم مد اليد الى الطعام الا باذن "المعزب" بقوله "افلحوا ع الميسور"، ثم يتوجب عدم مد اليد الى قطع اللحم الموجودة امام مجاوريك او الى رأس الذبيحة فهذا يعد امرا معيبا بحق الضيف وحق المعزب فالعادة ان يترك الرأس للمعازيب الا اذا سمحوا هم بذلك او طلب ذلك أحد المتقدمين في السن من الآكلين على المنسف على ان تكون القطعة الاولى من الراس من نصيبه، واذا اكرمك احد وفت لك اللحم فلا تعيده اليه فاما ان تأكله او تتركه، ومن العيب ايضا ان تنفخ على اللقمة لتبريدها بل عليك تناولها حتى لو كانت ساخنة جدا..

ومن الادبيات ايضا عدم لمس الفم باصابع اليد التي تأكل فيها او ادخالها الى داخل الفم وان كان من حاجة ماسة لذلك فانتحي جانبا بعيدا عن الآكلين، فيما يجب الحرص على عدم تلويث الذقن والشاربين بشيء من الطعام، ومن العيب كذلك مسح اصابع اليد باطراف السدر او نفض اليد المليئة ببقايا الاكل فوق الطعام، كما لا يجوز لحس اليد اثناء الاكل، ومن الواجب استخدام يد واحدة لتناول الطعام ومطلوب كذلك عدم كشف ارضية السدر واستخدام اصابع اليد اليمنى الثلاث، ومطلوب ايضا ان تجعل اللقمة متوسطة ثم عدم الاسراع في الاكل وفق المثل الشعبي القائل "كل اكل الجمال وقوم قبل الرجال".

ومطلوب ايضا عدم الحديث اثناء الاكل الا اذا كان المتحدث (المعزب) من باب مؤانسة الضيوف وترغيبهم بالطعام، وكذلك الحرص على عدم اسقاط شيء من الطعام امامك او على الارض وايضا عدم اصدار صوت اثناء مضغ الطعام وعدم النهم في الاكل، ومن الادبيات ايضا عدم ذكر الطعام بسوء اثناء الاكل او بعده وخاصة اشعار المعزب بشيء من ذلك.

اما بالنسبة للمعزب فعليه ان يتقيد بتقديم الطعام بمواصفات جيدة بحيث يكون المرق خاثرا والطعام مملحا والا اعتبر ذلك نقضا للعهد بين المعزب والضيوف من هنا تأتي المقولة الشعبية المأثورة "بينا عيش وملح" اذ من حق الضيوف ترك الطعام اذا اتضح انه غير مملح، ويجب ايضا انضاج اللحم بشكل جيد ليكون بلون صاف والا كان ذلك اتهاما للمعزب بالبخل وعدم الخبرة في اقامة الولائم.