facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




نعيب زماننا والعيب فينا


د.رحيل الغرايبة
02-01-2015 03:18 AM

ليس العيب في الزمان وليس الزمن سيئاً؛لا العام المنصرم ولا العام القادم بكل تأكيد، بل العيب في تلك النوعية من البشر والناس والأفراد الذين عجزوا عن التعامل مع الزمن، وعجزوا عن امتلاك التقنية السليمة، التي تجعلهم قادرين على استثمار الوقت والحرص على كل قطرة وقت، في العمل الصحيح وبطريقة صحيحة، من أجل صناعة النهوض وتعظيم الإنجاز واكتساب القوة، كما قال الشاعر :

نعيب زماننا والعيب فينا ....... وما لزماننا عيب سوانا

الوقت هو معجزة الخالق، وهو أثمن ما في الحياة، ويشبّهه مالك بن نبي بذلك النهر الخالد الذي ينبع منذ الأزل، ويسير في المعمورة ليغذي الممالك والمدن والقرى، وكل مملكة ومدينة تنهل من هذا النهر بقدر جدها وجهادها، وقدرتها على الاستغلال، وبقدر استعدادها للعمل والإنجاز، فأصحاب العقل والهمة، وأهل النشاط واليقظة يسبقون الكسالى المتثائبين، الذين يغطون في نوم عميق، والعاجزين عن الانطلاق، والذين لا يسمعون خطى الوقت الصامتة وهو يهرب منهم بعيداً.

ليس هناك أشد مرارة في النفس من الصحوة بعد فوات الأوان، وليس هناك خسارة تعادل خسارة ضياع الفرص، وليس هناك أشد وطأة على النفس من الشعور بالعجز والخذلان والخور، التي تصيب الإنسان فتجعله يائساً محبطاً، ثقيل الهمة، مستسلماً للعجز، فاقداً للإحساس بالوقت، وغير مدرك لأهميته.

الإنسان عبارة عن كتلة من الأحاسيس؛ إحساس بالزمن، وإحساس بالآخر، وإحساس بالواجب، وإحساس بالكون، وإحساس بالجمال، وإحساس بالقبح، وإحساس بالخوف وإحساس بالفرح، ومفتاحها جميعاً الإحساس بالوقت، فمن فقد حاسية إدراك الوقت فقدها جميعاً، فيتحول إلى شخصية بليدة، ثقيلة على الزمن، وثقيلة على الكون، وثقيلة على الآخر، لا يقوى على حمل رسالة ولا أداء أمانة تتعلق بذاته فضلاً عن الحياة والناس.

قيل أن أهجى بيت قالته العرب كان من الحطيئة عندما خاطب الزبر قان بن بدر قائلا:» دع المكارم لا ترحل لبغيتها ... واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي» وعندما اشتكى الزبرقان لسيدنا عمر بن الخطاب، استشار الشاعر حسان بن ثابت بمقدار ما تحمله الكلمات من هجاء، فقال له : لقد سلح عليه يا أمير المؤمنين! لا يزول أثرها إلى يوم القيامة، فأمر بقطع لسانه.

فما بالك عندما نصبح أمة كاملة ينطبق عليها هذا الوصف؛ أمة فاقدة للإحساس بالوقت، وفاقدة للإحساس بالنهوض وتصبح أمة عالة على الأمم بغذائها، وكسائها، وتنقلها وعيشها وموتها، لا نملك إلّا القدرة على هجاء الوقت .

نحن بحاجة ماسة إلى ثقافة جديدة تنتشلنا من حالة البلادة الذهنية وحالة البلادة الحسيّة لنصحو في الصباح الباكر قبل خروج الشمس من مخبئها من أجل استقبال العام الجديد واليوم الجديد بعقل جديد، وإحساس جديد، ندرك أهمية الوقت، ونمتلك القدرة على توظيف الوقت واستثماره في العمل الجاد المنتج وفق رؤية واضحة ورسالة صحيحة وخطة عمل شاملة، ينخرط فيها الجيل الجديد بهمة وعلم واقتدار، من أجل خوض غمار سباق طويل مع الذات ،وسباق مع الزمن، وسباق مع الآخر،على مستوى الفرد وعلى مستوى الأمة، وعلى مستوى العالم، وغير ذلك سوف تمضي أعوام وأعوام ونحن نجتر الألم ونمارس البلادة الكاملة؛ نفقد من خلالها الإحساس بالوقت والإحساس بالخسارة الكبرى.
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :