facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحكومة والناس والتحديات الوشيكة


شحادة أبو بقر
14-01-2015 02:44 AM

إبتداء وبغض النظر عما تتعرض له حكومته من هجمات مستمرة تحت وطأة الغلاء والفقر والبطالة تحديدا ، فإن الحقيقة تسجل لحكومة الدستور النسور وله شخصيا بإعتبار أن الحكومات في الاردن هي عرفا حكومات رؤسائها ، أنه تمكن من السير بالعربة بأمان حتى الآن ، وتحمل في سبيل ذلك ما لم يتحمله رئيس وزراء قبله في المنظور القريب ، فقد تسلم الرجل قيادة مركبة متعبة كثيرا ، وكان عليه إما أن يغامر ويتحمل الهم أو أن يضعف ويغادر ، لكنه آثر أن يواصل الدرب حتى وهو يعلم ثقل حجم المهمة بكل ما فيها من صراخ ونقد وإنتقاد وتهجم حتى على صعيد شخصي .

لا جدال في أن الدكتور النسور غامر وضحى وسط مشهد توقع الكثيرون سقوطه فيه في اية لحظه ، وربما سعى عديدون من أجل ذلك جريا على ما هو مألوف في بلدنا عندما يؤثر بعضنا المصالح الخاصة على العامة ، وعندما نسعد جميعا ربما بالتغيير لمجرد التغيير ، ولا جدال في ان الدكتور النسور حرص وبكل ما أوتي من قدرة على ضمان صمود الركائز الاقتصادية والمالية للدولة بغض النظر عما خلفه ذلك من ضغوط على القدرات المعيشية للمواطنين وبالذات محدودو الدخول ، وهنا نشأت معاناته ومعانات هذه الشرائح الواسعة معه ، فإجراءاته قاسية عليهم ، وردة فعلهم قاسية عليه ، لكنه ظل مصرا على التحمل من أجل إستمرار صمود تلك الركائز التي يرى في سقوطها أنهيارا مريعا للدولة وقدراتها ، وليس سرا ان دعم القيادة العليا ممثلة بجلالة الملك والاداء الاحترافي المحكم للاجهزة الامنية تحديدا ، كان لهما دور مهم في صمود الحكومة وتجاوزها للتحدي الذي تشكله معارضة غير منظمة ولا تملك في الوقت ذاته برنامجا قابلا للتطبيق .

ما اود قوله ان الدكتور النسور افلح حتى الآن مسنودا بدعم وتوجيه ملكي مباشر وغير مباشر في تسيير العربة بأمان وسط عواصف إقليمية ، وهذا واقع يجب ان نحمد الله عليه كثيرا ، وان نعلم علم اليقين في الوقت ذاته ، ان هذا الصمود قد لا يستمر ، وقد يبدأ بالتأثر بالعواصف الاقليمية في المنظور القريب إن لم يكن لنا توجه وطني شامل نحو حتمية الخروج من الضائقة الاقتصادية المستفحلة منذ عقدين واكثر حتى الآن ، وجلها ناجم عن ذنوب غيرنا لا عن ذنوبنا .

الاطلالة على المشهد الاردني من خارج الحدود تثير السرور ، فالعالم معجب بنا وبإستقرارنا وبصمودنا في وجه العواصف الاقليمية العاتيه ، وفي المقابل فإن كثيرين في الداخل غير معجبين، والسبب إقتصادي ومعيشي بإمتياز وليس سياسيا ، والقاسم المشترك رياضيا بين الصورتين يميل لصالح الاولى، وقطاع واسع من الاردنيين يرى ان العيش مع الفقر ولكن بدون فوضى ، ارحم بكثير من نقيضه ، ويتجاوز سياسيون كثر هذا الرأي الى التخوف على مجمل الدولة فيما لو جنحت بها التطورات نحو الفوضى لا قدر الله ، ولديهم ولدى الكافة نماذج حية في الجوار وخلف الجوار مما يجسد هذا التخوف المشروع .

وعلى ضفاف هذا المشهد العام يرى كثير من أدعياء النباهة بأهليه ، ان الواقع الاقليمي والدولي الراهن ينطوي على فرص كبرى يمكن للاردن إستثمارها إيجابيا في التخلص من مكونات معضلته الاقتصادية التي شكلت على الدوام الهم الاكبر والرئيس والمعيق لنمائه ماليا وتنمويا واقتصاديا ، وفي مقدمة ذلك مديونيته الخارجية المرهقة ، الى جانب فاتورة الطاقة عالية الكلفة ، وعجز الدولة بالتالي عن توفير عشرات الالاف من فرص العمل سنويا لمواطنيها ، وعجز قدراتها المالية عن تحسين مداخيل القوى العاملة بما يوازي الارتفاع المتصاعد في غلاء المعيشة حتى على مستوى المتطلبات الاساسية للحياه .

ويرى هؤلاء الادعياء وانا منهم ، ان الاردن استمرأ على مر العقود منهجية النيابة عن الآخرين في تحمل وزر التبعات والاستحقاقات الناجمة عن اخطاء الآخرين ونزوات البعض منهم ، منذ مطلع الثمانينات وحتى اليوم ، وعلى نحو اظهر تراجع ثبات الدينار الاردني عام ١٩٨٩ لتبدأ بعدها والى اليوم منهجية الاصلاح الاقتصادي تحت مظلة الهيئات والمنظمات الدولية التي تعتبر توصياتها بوابة التأهل للحصول على المنح والقروض ، على ان تداعيات الاقليم اخذت منحى تصاعديا على صورة مفاجآت داهمة باتت مصدر إرهاق حقيقي لقدرات الدولة الاردنية على الصعد جميعها ، بينما تستمرئ الاطراف المحركة او المنخرطة او المديرة لهذه التداعيات الاشادة النظرية بقدرة الاردن على الوفاء بمتطلبات مخرجاتها ، والاكتفاء في المقابل بتقديم نزر قليل من الدعم الذي لا يغطي سوى القليل القليل من تلك المتطلبات .

لا يقف الامر عند تحمل التبعات المادية وحسب ، بل الاردن يقف وحيدا بحكم الموقع في مواجهة الاخطار التي تتهدد الجميع ، وبصورة تجعل منه عمليا بلدا محاصرا من جهات ثلاث في الشرق والغرب والشمال ، اي ان الاردن متلق للتبعات المرهقة من هذه البوابات الثلاث ، وباستمرار ، وبالطبع تأبى عليه شيمه وإلتزاماته العروبية والدينية والانسانية ان يغلق ابوابه او ان يتخلى عن اخوانه العرب .

كل المؤشرات السياسية وبالذات بعد احداث باريس مؤخرا تتجه بوصلتها الى إستراتيجية اوروبية اميركية جديدة حيال التطورات الجارية في المنطقة ، وتحديدا فيما يخص الملفين السوري والعراقي ، وهي استراتيجية قد ينجم عنها تدخل عسكري بري وبحري في هذين البلدين العربيين بغية إنهاء سطوة الحركات القتالية المتناحرة هناك ، والتوصل الى صيغ جديدة على الارض لا احد يمكنه التنبؤ بمخرجاتها ، وإذا ما تم ذلك وسواء عبر مجلس الامن الدولي او خارج هذا الاطار ، فإن ذلك سيرتب تبعات وإستحقاقات عديدة على الاردن المنخرط حاليا في التحالف الدولي ضد الارهاب ، وهي أستحقاقات لا بد وان يكون للاردن المثقل بالهم الاقتصادي جراء إلتزاماته نيابة عن غيره ، رأي فيها ، وبصورة تنقي الجسد الاردني المنهك بالديون الخارجية من هذا الهم وسواه من هموم الالتزامات نحو اللاجئين والالتزامات جميعها نحو المجتمع الدولي والشرعية الدولية ، فلم يعد يطاق ان يبقى الاردن يقدم التضحيات تباعا من اجل الاقليم كله ومن اجل التوجه الدولي ، دون ان يسعى الجميع إبتداء لاطفاء مديونيته المرهقة ، ودعم ماليته بسخاء لا بد منه تعويضا له عما تحمل وما زال نيابة عن الاسرة الدولية كلها بلا إستثناء .

ندرك ان المرجعيات السياسية الاردنية في سائر حلقاتها لا تخفى عنها التحولات المتسارعة في الموقف الدولي وللكبار تحديدا من مجمل الاوضاع في المنطقة العربية ، وتحديدا العراق وسوريه ، وندرك ايضا ان المصالح الوطنية العليا للاردن في رأس سلم الاهتمام لهذه المرجعيات المحترمه ، لكننا فقط نريد المساهمة في التحذير مما هو قادم ، ونرى انه سيكون كبيرا وكثيرا ومؤثرا ، وانه ينطوي على فرص تاريخية ومهمة للجميع ، وما علينا في هذا البلد المكافح الا ان نستعد للآتي ، صونا لمصالحنا ، وتحللا من مشكلات مزمنة هدت حيلنا ، وتجلية لرؤيتنا السياسية الحصيفة التي عبر عنها جلالة الملك غير مرة ومن خلال المنابر الاقليمية والدولية كلها حيال هموم المنطقة وأزماتها ، وفي الطليعة منها القضية الفلسطينية التي تنتظر الحل العادل منذ عقود وبلا جدوى .

مرة ثانية ، نعم يسجل للدكتور النسور الحفاظ على الركائز المالية والنقدية الاردنية وصون موقع وموقف الدينار الاردني من اية هزات ، جرى ذلك وسط بحر متلاطم من المؤثرات والتداعيات الاقليمية الكبرى وعند حواف الحدود الاردنية مباشرة ، وفي ذلك رهان رابح حتى الآن بحمد الله ، الا ان تقاطيع وجوه الكبار المؤثرين في هذا العالم ، باتت تنبئ جميعها بان شيئا ما يلوح في الافق ، ولهذا فلا بد من رفع سوية التفكير والموقف والطروحات من جانب مختلف مكونات الطبقة السياسية الاردنية في مجاليها الرسمي والاهلي ، إستعدادا لما سيكون في وقت قد لا يكون بعيدا ، كي لا يكون مفاجئا او داهما بينما تنشغل النخب في مسائل مغرقة في المحلية ، وعلى نحو يجب ان يجعلنا بمستوى التطورات التي تتطلب ان نكون عند وعلى قدر التحدي مهما كان ، فهذا زمن الوحدة والتكاتف لا زمن التلاوم والنكايات ، والله من وراء القصد .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :