facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل نحن دولة مدنية؟


د. رلى الفرا الحروب
18-02-2015 06:08 PM

بقلم النائب د. رلى الحروب

أثارت تصريحات رئيس الحكومة د. عبد الله النسور حول مدنية الدولة استياء خمسة وعشرين نائبا أصدروا بيانا يحتجون فيه على وصفنا بالدولة المدنية: لا الدينية ولا العلمانية .

ومع كل المحبة والاحترام لاجتهاد الزملاء الكرام، إلا أن كلامهم خطير، وينسف نضالنا في الاردن منذ قيام الدولة الحديثة لإنشاء نموذج عصري للدولة ، وهو يحطب - دون ان يقصدوا- في سلة المتطرفين الذين احرقوا معاذ وذبحوا 21 مصريا قبطيا وذبحوا عشرات المدنيين العزل واسترقوا النساء وباعوهم في سوق النخاسة واحلوا جهاد النكاح بالطفلات اللائي لم يبلغن سن الرشد وقتلوا اسرى الحرب وشوهوا صورة الإسلام في العالم أجمع.

الخلاف بين الرئيس والزملاء النواب يدور حول ثلاثة مفاهيم: الدولة المدنية، والعلمانية، والدينية.

فما هي الدولة المدنية؟

تعرف المعاجم القانونية الدولة المدنية بأنها "اجتماع عدد من الناس يعيشون في مجتمع متحضر تحت نظام من القوانين التي تطبق على الجميع بعدالة ومساواة ودون تمييز. وفي الدولة المدنية لا يجوز لأي مواطن ان يأخذ الحق بيديه، بل يلجأ للقضاء وللسلطات المختصة لاخذ حقوقه حين يتعدى عليها الاخرون، ومن ثم فإن المواطنين في الدولة المدنية محميون بسيادة القانون".

هل نحن دولة مدنية؟

بموجب الدستور الاردني وهيكل النظام الاردني والقوانين التي سنتها مجالس الامة، نعم نحن دولة مدنية، أما من حيث التطبيق، فإن لدينا اختلالات تجعلنا ننحرف احيانا الى اشكال بدائية تسبق تكوين الدولة المدنية حين تحاول بعض الجماعات اخذ الحق بأيديها تحت مسميات مختلفة، أو حين تحاول السلطة التنفيذية تجاوز مجلس الأمة بسن قوانين مؤقتة ( وهي مرحلة سابقة انهتها تعديلات الدستور عام 2011) ، او حين تسعى بعض السلطات إلى لي عنق القانون وتسخيره انتقائيا لخدمة مصالحها واهدافها في مواجهة فئات من المواطنين تظهر المعارضة للسلطة.

في الاردن ينقسم النظام القضائي الى ثلاثة اقسام: مدني نظامي تسود احكامه على معظم حالات التقاضي، وشرعي يختص بقضايا محدودة كالارث والاحوال الشخصية والاوقاف، وعسكري يختص ايضا بمعالجة حالات محدودة كالخيانة والتجسس والارهاب والمخدرات وتزييف العملة، ومع أن النظم المدنية المتقدمة قد تجاوزت مرحلة الانقسام القضائي ووحدت قضاءها تحت مظلة واحدة هي القضاء المدني، واختصت القضاء العسكري بالنظر في قضايا العسكر دون غيرهم من الأفراد، ومع أننا نطمح إلى الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة من الدولة المدنية التي نصت عليها أحكام العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية واتفاقيات أخرى دولية في مجال القضاء، إلا أننا ورغم تلك الثلاثية ما زلنا نصنف كدولة مدنية.

المفهوم الثاني موضع الخلاف هو الدولة العلمانية، فما هي الدولة العلمانية؟

"الدولة العلمانية هي الدولة المحايدة في قضايا الدين، فلا هي دينية ولا هي لا دينية. في الدولة العلمانية يعامل كل المواطنين دون تمييز بغض النظر عن دينهم ، ولا يكون للدولة دين في الدستور، ولا يدرس ذلك الدين في المدارس الرسمية والمناهج الحكومية. وفي الدولة العلمانية لا سلطة للجماعات الدينية على القرار السياسي او الاجتماعي او الاقتصادي في الدولة، وهو ما عرف في اوروبا باسم فصل الكنيسة عن الدولة".

هل نحن دولة علمانية؟

بكل تأكيد لا، فدستورنا ينص على ان دين الدولة الاسلام، ولدينا قضاء شرعي يحكم بالشريعة الاسلامية، بل ان المحاكم الكنسية تحكم احيانا بحكم الشريعة الاسلامية في بعض القضايا، ونحن ندرس الديانة الاسلامية في المدارس كلها، وبالذات الحكومية، بل ونمتحن الطالب فيها حتى من غير المسلمين ان شاء ونحسب له تلك العلامة ضمن علامة الثانوية العامة المعتمدة للقبول في الجامعات، ولدينا نظام مصرفي اسلامي الى جانب النظام المصرفي العالمي، والجماعات الدينية لدينا لها تأثير قوي وكبير على سياسات الدولة في مختلف المجالات.

إذن، هل يجعلنا ذلك دولة دينية؟!!

ما هي الدولة الدينية؟

"هي دولة يحكمها رجال الدين بشكل مباشر او غير مباشر ، حتى لو كان عبر انتخابات ديموقراطية، ويتحكم في السلطة طبقة من رجال الدين الذين يترشحون للحكم عبر مواصفات محددة يلعب الدين دورا رئيسا فيها، ويعتبر حكمهم الهيا او مقدسا او مستمدا من النصوص الدينية المقدسة لأي ديانة، حيث تطبق تلك الاحكام المقدسة على كل مناحي الحياة".

هل نحن دولة دينية؟ بل هل كانت دولة النبي محمد عليه افضل الصلاة والتسليم في مجتمع المدينة دولة دينية؟

وفقا لاجتهادات الكثير من الفقهاء، بل وبعض قيادات الاخوان المسلمين ( وهم حركة اجتماعية سياسية دينية)، لم يتصف حكم رسولنا "المعصوم من الخطأ " بالدولة الدينية، بل ان مجتمع المدينة كان مجتمعا مدنيا، يعيش فيه المسلم والمسيحي واليهودي وحتى المنافق والوثني تحت ظلال القانون الذي كان يستمد من الشريعة حين يتوفر النص، ويتعلق الحكم بالمسلمين، ومن الاخلاق الحميدة والقيم التي تسعى الى صلاح المجتمع وتحقيق منفعته حين يغيب النص، حتى باتت تلك القيم والممارسات نصا بحد ذاتها. ومجتمع المدينة كان يحارب الاعراف الفاسدة ويحاول تغييرها، فلم يكن يخضع حتى لسطوة الموروث لأنه كان مجتمعا يهدف الى الصلاح والفضيلة ونشر قيم العدالة والمساواة ، " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فمن أين إذن جاء الزملاء النواب بمصطلح الدولة الدينية التي يعتقدون اننا نمثلها، لا لشيء، إلا لأن جلالة الملك ينتسب الى رسولنا الكريم؟ وهل نحن في نظرهم مثل افغانستان طالبان أو الجمهورية الاسلامية الايرانية، أو حتى المملكة العربية السعودية ؟

نحن دولة مدنية بكل تأكيد من حيث الدستور والقانون، ولكننا من حيث التطبيق نجاهد لأن نكون، ويجاهد معنا جلالة الملك لتحقيق الهدف ذاته، وكل تصريحاته واوراقه النقاشية تؤكد ذلك، فهل سيدعمنا نواب الأمة، أم سينتصرون لمن يدفعون بنا لنشابه حكم الملالي في طهران، وحكم الطالبان في افغانستان، وحكم "تنظيم الدولة الاسلامية" في العراق وسوريا وليبيا ؟!!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :