facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فصل من جذور«التحضر» في تاريخنا .. !!


حسين الرواشدة
02-03-2015 06:13 PM

الزمن: القرن العاشر الميلادي. المكان: أوروبا ، الحدث: كما يرويه أكثر من باحث عربي وغربي كالتالي: لا توجد مدينة أوروبية يزيد سكانها على ثلاثين الف نسمة باستثناء القسطنطينية ، معظم السكان هناك كانوا أميين بامتياز ، لا توجد مدارس أو مستشفيات ، أكبر مكتبة هي مكتبة كنيسة كنتر بري وكانت تضم في العام 1300م نحو خمسة الآف كتاب ، اشهر رجل قانون (اسمه اوكيرسيوس) توفي وترك وراءه مكتبة تضم ثلاثة وستين كتابا فقط. الصابون الذي اخترعه العرب لم يكن معروفا في أوروبا آنذاك ، لهذا نادرا ما كان الملوك والنبلاء يستحمون.
في مكان آخر ، وفي ذات الزمن ، الحاكم بأمر الله في القاهرة يأمر ببناء “دار الحكمة” التي ضمت أكثر من مئة الف مجلد في العلوم غير الدينية وحدها ، منها ستة آلاف مخطوط في الرياضيات والفلك ، الحاكم ابن الناصر يأمر ببناء “دار الكتب” في قرطبة وقد ضمت مئتي الف مجلد ، وقيل اربعمئة الف ، وكانت فهارسها تستغرق اربعا واربعين كراسة ، في بلد صغير كالنجف في العراق انشئت مكتبة تضم اربعين الف مجلد ، واخرى سميت بمكتبة ابي الفداء تضم نحو سبعين الفا.. ومكتبة “العزيز بالله الفاطمي” في القاهرة تضم مليونا وستمائة الف مجلد مفهرسة ومنظمة ، ويقول المؤرخون ان سلطان بخارى استدعى الى بلاطه طبيبا عربيا معروفا فاعتذر بحجة ان نقل مكتبته يحتاج الى اربعمائة جمل،، (عدد سكان الأندلس كان آنذاك 30 مليونا. و(300) حمام عام في قرطبة وحدها و(6) الآف طالب يدرسون ببغداد.. الخ).
في سياق المراجعات التي تجرى الآن لمراجعة تخلفنا الحضاري والبحث عن جذور التطرف “والإرهاب” في تجربتنا التاريخية وفكرنا الإسلامي ، ثم ما نشأ من صراع “جهالات” بين الشرق والغرب ،وقبل ذلك داخل “الذات” المسلمة التي أصبح مشكوكا في قدراتها العقلية، تعمدت الإشارة الى هذه المقارنة المعرفية بين الحضارتين الإسلامية والغربية ، وفي جانب واحد فقط هو “الكتب” والمكتبات ، وهي إشارة مفهومة سبق لغيرنا من المفكرين دراستها فيما سمي بدور الحضارة الإسلامية في الحضارة الغربية ، أو غيره من التسميات التي تعكس الأثر الكبير الذي فعلته حضارتنا في الآخر ، والأفكار والقيم - لكيلا نقول العلوم والمعارف - التي ساهمت فيها لبناء ما نشهده اليوم من حضارة معاصرة.
لا أريد أن أسأل: أين نحن الآن وأين هم؟ ولا اقصد أبدا أن استغرق في تمجيد الماضي التليد ، أو أن أكرر مقولات “الأستاذية “ التي اتسم بها أحيانا خطابنا تجاه العالم ، ولكن ، أليس من حقنا ان نسأل :ماذا فعلنا لأوروبا آنذاك، وماذا تفعل بنا الحضارة الغربية الآن؟ في كتابه “تراث الإسلام” يقول شاخت: “اثار العدو الأكبر (للغرب طبعا) صلاح الدين اعجابا واسع الانتشار بين الغربيين، فقد شن الحرب بإنسانية وفروسية رغم قلة من بادروه هذه المواقف واهمهم ريتشارد قلب الأسد ، ووصل الأمر انه في القرن الرابع عشر ظهرت قصيدة طويلة اسمها “صلاح الدين” أعيدت فيها صياغة حوادث الاساطير القديمة وذلك لأن فارسا من هذا الطراز الرفيع يجب بالضرورة ان يصبح منتميا الى الأسرة المسيحية (آنذاك كانت صورة الإسلام - كما هي الآن - مشوّهة لدى الغرب الى هذا الحد الذي لم يتصورا فيه أن رجلا كصلاح الدين - بأخلاقه وفروسيته - يمكن ان يكون مسلما). حصل هذا بالطبع ، في وقت الحرب ، حيث يمكن ان تكتشف بسهولة اخلاقيات الحضارة ، وان تلمس جوانبها الانسانية وقيمها الحقيقية ، تماما كما تكتشف اليوم حضارة الآخر بما فيها من كراهية وعنف ونهم للتدمير وانتهاك البشر.
المغشوشون بالحضارة المعاصرة ووكلاؤها المحليون ، وكذلك الذين يشعرون بالخجل من انفسهم بسبب ما يفعله اليوم بعض الذين ينتسبون الى دينهم وحضارتهم، (آخر ما فعلوه تدمير الإرث العلمي والحضاري في سوريا والعراق ) يمكن أن يتوقفوا أمام هذه المقارنات ، كما ان بمقدور اليائسين من أمَّتهم والمستعجلين في اشهار وفاتها ان ينتبهوا الى هذه الجوانب الغائبة من تاريخنا وتراثنا ، وهو ليس ماضيا فحسب ، وانما حاضر ايضا ، وعلى الطرفين: طرف المسلم الذي يرى أن حضارته ملك للعالمين ، ودينه رحمة للبشر كلهم ، وحروبه مع المعتدين نظيفة لا يعتورها عدوان ، والطرف الآخر الذي لا يرى في المسلمين إلاّ التخلف والإرهاب ولا في التعامل معهم الاّ القتل والاستئصال ، ولا في المستقبل إلاّ خاليا منهم ومحتكرا لثقافة وحضارة واحدة ، يخيل له أنها بدأت هناك وهناك تنتهي ، وأننا كنا “عالة” عليها وما نزال.. بوسع الطرفين أن يدققوا في الصورة ، لا لكي يستأنفوا صراعات الكراهية بينهم إنما من أجل أن يفكروا في خدمة انسان هذا العالم الذي ينتسبون اليه، لأن ما يحدث لن يصيب أهل ملة أو أمة لوحدهم وانما سيصيب الجميع بالدمار .
السؤال الآن ليس فقط : لماذا يكرهوننا إذن؟ ولكن لماذا أصبحنا نحن نكره أنفسنا ولماذا اصبح بعضنا يكره تاريخه وامته ايضا..؟ لأنهم يجهلوننا..كما نجهل نحن انفسنا أم لأسباب اخرى نعرفها كما يعرفونها تماما؟
المشكلة التي لا يريد البعض ان يعترف بها هي اننا خسرنا بانحطاننا انفسنا ، كما انهم خسروا على الطرف الآخر بسبب ما اصابنا من انحطاط. الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :