facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




عن غياب الرواية الأردنيّة حول هزيمة 1948


عبد الله ابورمان
20-04-2008 03:00 AM

على أبواب الذكرى الستين للهزيمة المرّة، في الحرب النظاميّة العربيّة- الإسرائيليّة، الأولى، تبدو الرواية الأردنيّة، لأحداث المعركة، ومجرياتها الميدانيّة والسياسيّة، غائبة، كليّا، على الصعيد الإعلامي، أمام هذا السيل الجارف من الروايات المضادّة والادعاءات، والبطولات المتأخرة باستثناء عمل درامي واحد كتبه في وقت سابق الزميل الأستاذ طاهر العدوان.

ثمّة محطات فضائيّة، تناولت هذه المرحلة، بشكل مباشر، من خلال البرامج الوثائقيّة، والتي أثارت جدلا كبيرا وتشكيكات وشكوكا واسعة، وقدّمت وجهات نظر انفعاليّة و اتهاميّة، وكان تعاطيها مع الوثائق انتقائيّا، بما يخدم أهدافا سياسيّة غير معلنة.

وفي المقابل عمدت حكومات عربيّة الى تقديم روايتها التاريخيّة، للحرب الأولى، عبر بوابة مهمّة، وهي: الدراما. أي؛ من خلال أعمال تلفزيونيّة، متقنة فنيّا، وناجحة، عالجت أحداث النصف الأول من القرن العشرين، ضمن سياق التفاعل الشعبي و الثقافي، مع تلك المنعطفات، وبإبراز العامل الوطني، والإسهامات الشعبيّة، و مع كل ما يتطلبه ذلك من حكايا عاطفيّة مفترضة وتفاعلات متعددة، هي جزء رئيس من النسيج الفني.

وهذا النوع من الرواية، غير المباشرة، برهن نجاحه الجماهيري، خصوصا وأن المجتمع العربي المعاصر، بات يميل الى المعرفة السهلة، و هو ما يزال رهينا لمرحلة الثقافة الشفوية، بحيث ابتعدت الكتب وأمّهاتها، عن التداول، وتقلص دورها المعرفي لصالح الإعلام المرئي والمسموع. في حين أن أي مختص أو باحث في تاريخ تلك الحقبة، لا يستطيع أن يتدخل لتصحيح أي خطأ علمي، طالما أنه ورد في عمل فني، وليس في بحث محكم، أو مقال منشور. وهناك من يرفضون وبقوّة تصحيح الفن والأدب بالتاريخ والوقائع.

المشكلة في هذه الروايات المباشرة أو غير المباشرة، لأحداث صعبة ذات نتائج قاسية، هي في كونها؛ إما تبريريّة، أو.. اتهاميّة. وفي أحيان كثيرة، كان الاتهام يصبّ في خدمة التبرير. بحيث يُصار الى البحث عن مشجب يُعلق عليه السبب الرئيس في الهزيمة. و المشجب، حكما، هو الأضعف إعلاميّا، والمستنكف عن تقديم روايته لما حدث.

من ناحية تاريخيّة موثقة، كان الأردن هو صاحب الانتصارات الوحيدة في حرب 1948، وقد استطاع الجيش العربي أن يحقق انتصارات ميدانيّة مهمّة واستثنائيّة. وكانت ثمرة البطولات العسكريّة الأردنيّة أن فشلت المخططات الإسرائيليّة، آنذاك، في احتلال الضفة الغربيّة، التي خاض فيها الجيش العربي معارك ضارية، ومستميتة، ويعود له الفضل الميداني، الوحيد، في الحفاظ عليها.

أما سياسيّا، فقد كان الأداء السياسي الأردني، قبل وأثناء الحرب، هو الأكثر احترافا ووعيا. وكانت قنوات الاتصال السياسي الأردنيّة، مفتوحة، و موثوقة، عالميّا، ولصالح خدمة الموقف العربي، في الصراع. وأثمرت هذه الجهود سياسيّا، وحققت نجاحات حقيقيّة، كانت سندا ودعما رئيسيين للنجاحات العسكريّة التي حققها جيشنا العربي.

.. شعبيّا، كان التفاعل الشعبي الأردني، أكثر من عاطفي أو شعاراتي، مع أحداث الحرب، ومقدّماتها. وقد قدّمت العشائر الأردنيّة كواكب من الشهداء والمتطوعين والمجاهدين الذين التحقوا بميدان المعركة. وكان الإمداد بالعتاد والغذاء والدواء متدفقا عبر الأراضي الأردنية، على شكل تبرعات مستمرة، رغم زمن الفاقة، والظروف الصعبة. وكان أبناء العشائر الأردنيّة هم من يتولون مسؤوليّة إيصال وتأمين مرور هذه الإمدادات.

كل هذه الحقائق، ليست سرّية. بل هي جزء من التاريخ، و موثقة ومتوافرة حولها المعلومات، وقد خصّص مؤرخون ثقات جهودهم وجزءا من مؤلفاتهم لكشف تفاصيل الحرب، وأبرزوا جوانب مشرقة من بطولات الأردنيين. وهناك، أيضا، شهادات مهمّة من العدو نفسه، تتحدث عن صعوبة مواجهاته، وتجربته المرّة في الاشتباك مع الجيش العربي الأردني، وتلك البطولات التي سطرها الأردنيّون. و كذلك، فإن بيننا، الآن، رجالا عاصروا تلك المرحلة وقاتلوا في ميادين الحرب ومنهم من أصيب، وكتب له طول العمر. وهؤلاء لم يسجلوا شهاداتهم بعد، لأسباب تتعلق بتقصير الإعلام الأردني، وليس بهم. سيّما وأن جزءا منهم بادر الى تدوين مذكراته وكل ما شهد عليه من أحداث ميدانيّة، وما زالت هذه الشهادات المهمّة، تنتظر أن تحظى بفرصة الاهتمام الإعلامي اللائق.

وللأسف، وبرغم كل هذه الثروة الحقيقيّة من الكتب والمؤلفات العلميّة و الوثائق والشهادات، فإن الدور الأردني البطولي في الحرب الأولى مازال هو المشجب ، وما زال موضوع اتهام سهل، لمن يبحثون عن تبرير الهزيمة. والسبّب أن أحدا لم يسعَ لتحويل هذه المعطيات العلميّة الى مواد إعلاميّة، سواء على شكل وثائقيّات أو بالاستفادة منها و توظيف الأعمال الدراميّة لخدمتها. وما زلنا، وعند كل ذكرى ، وفي كل عام، ننتظر من أين تأتينا الاتهامات، لنتعامل وفق منطق ردّ الفعل الفوري، بكل ما يشوبه من انفعالات و مشاعر بالظلم والأسف.

لقد آن الأوان لكي نقدّم روايتنا الأردنيّة الصريحة، للأحداث الكبرى، التي شكلت منعطفات غيّرت وجه التاريخ، في منطقتنا. وكان الدور الأردني فيها الأكثر شجاعة واحترافا ووعيا.. خصوصا، وأن التاريخ، ما زال مادّة مهمّة للسياسة، وللحاضر. وهو أساس لتكريس الهويّة الوطنيّة واحترام الذات، واستخلاص الدروس للمستقبل. و القصّة، اليوم، لا تقف عند حدود الحرب الأولى عام 48، بل تتجاوزها الى أحداث سبقتها وأعقبتها، ابتداء من ميسلون، و مرورا بالثورة السوريّة الكبرى، ولاحقا بالسموع، ومن ثم الهزيمة الثانية عام 67، والتي لم تقل فيها الوثائق الأردنيّة كلمتها بعد، من خلال المنابر الإعلاميّة!

abdromman@yahoo.com
الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :