facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




"السلط الثقافة والتاريخ"


الامير الحسن بن طلال
22-04-2008 03:00 AM

هيَ اليومَ حاضرةُ البلقاء تعتلي بكبرياءٍ إحدى قممِ جبال جلعاد تطل من علٍ على أغوار داميا والشقاق وطواحين السكر وكبد التي كانت أرض الرباط في مواجهة الغزاة الفرنجة في القرنين الثاني عشر والثالث عشر،وتناجي أولى القبلتين وتؤاخيها على مر القرون، وتمد يدها إلى جبل النار وأهله وتتواصل معهم وتؤازرهم لتدفع عنهم أسبا المنون. بل السلط كانت من قبل أن تلحظها السنون ربما من قبل الحقبة الأغريقية التي كان لها فيها وجود ضمن هوية فيلاديلفيا الثقافية. تميزت إبانها بعيون الماء فيها وحولها وبالأشجار المثمرة في واديها وبالأضرحة للأخيار ممن اصطفاهم رب البرية، وهي ما زالت اليومَ في كبريائها وعنفوانها تغدق العطاءَ للوطن والأمة في تعددية إثنية ودينية ومذهبية وثقافية قلت مثيلاتها، ويصدق في عهدها وتاريخه قولُ أبي تمام:


من عهد إسكندرٍ أو قبلَ ذلكَ قدْ شابَتْ نواصِي الليالِي وهْيَ لمْ تَشِبِ


والسلط بذلك قد خبرت الزمان وصروفَه، وعرفت الوطن وظروفه، واحتلت فيه مواقع إدارية وسياسية تليق بها وقد صهرت في حارة العين رجالاً من شتى المنابت والأصول: أكراداً وعربا من قيس ويمن، شراكسة وأرمن، مسلمين ونصارى، رجالاً مع أهليهم من حماة ودمشق، من نابلس والقدس والخليل، من الحجاز وعسير، والتفت حولها قبائل البلقاء الأردنية وعشائرها وحليفاتها، واستقرت حاضرة للبلقاء منذ عصور، وكانت السباقة في احتضان الأمير الهاشمي عبدالله بن الحسين لتكون العاصمة الأولى لأمارة الشرق العربي قبل أن تنتقل العاصمة إلى عمان وقبل أن تتخذ البلاد اسم أمارة شرق الأردن.

وللسلط في قلوب الأردنيين مكانة خاصة، إذ كانت وجهة أنظارهم لطلب العلم لَما كانت المعاهدُ عزيزةً في ربوع الأمارة والمملكة، ومدرستها الثانوية مأثر أردني ما زال قائماً وعاملا حتى يومنا هذا، وكان المعهد الوحيد الذي فيه تخرج أفواج من الشباب الأردني، منهم من تابع دراساته الجامعية ومنهم من ولج دروب الإدارة أو انتسب إلى الجيش العربي: القوات المسلحة الأردنية، وجابه العديدون منهم التحدي الحضاري لنشر الثقافة في ربوع الوطن وتنشئة الأجيال النشأة العربية وفق الرسالة القومية التي حملتها ألوية الثورة العربية الكبرى المظفرة. فأنشأوا أجيالاً أردنية منتمية إلى وطنها وأمتها، أعطت ولاءها ولواءها لقادتها من بني هاشم وأبلت البلاء الحسن في الدفاع عن الوطن وإرساء دعائم دولته، والسلط إلى جانب من دفعته من أبنائها إلى ساحات الشرف في فلسطين والكرامة أنجبت الوزراء والسفراء والأعيان وآخرين ممن أثروا الإنتاج الفكري الحر منه والأيديولوجي والشعر والرواية والنثر والصحافة والمسرح والفنون، ومنهم بالطبع رواد في المهن التربوية والطبية والهندسية والحقوقية وسائر المهن العلمية التطبيقية والعلوم الإنسانية، ولا غرو في أي من ذلك فالسلط كما أسلفنا رائدة العلم والأدارة وهي بجدارة عاصمة حولية للثقافة.


ومن خصائصها السهلة الممتنعة رسائل تبثها للمجتمع فهي بالرغم من أصالتها وعمق تاريخها واتساع بحر ثقافتها مواكبة لروح العصر، حريصة على حراكها وحركتها إلى الأمام نحو التقدم والإرتقاء. ومن جميل رسائلها ما بثته للمجتمع الأردني قبل نيف وربع قرن عندما أجمع أعيانها على إصدار وثيقة السلط في تعبير واضح عن الحراك الحضاري والتكاتف الإجتماعي وتطوير الأصيل من عادات العرب وترجمة طباعهم الحميدة. وقد كنا إلى جانب الحسين العظيم – طيب الله ثراه- من أوائل من باركها يوم ولادتها وأثنى على الجهود السلطية الحريصة على صياغة ثقافة اليوم بلغة الحاضر وروحه.


ونحن اليوم في ثورة تكنولوجية ومعلوماتية بدأت منذ سنين ولم يهدأ أوارها تؤثر في حياة مجتمعنا وتصوغ عصره وأصبح حالنا يحول بسرعة وتسارع لا يجدي معهما التمسك بأهداب ما كان رائجاً قبل عقد من الزمان، حتى أضحى الفرد منا غيرالفرد الذي أصبح، ومحق لذلك من يخشى على أصالة مجتمعنا من التخبط والضياع، بل إن في مرمى العين بعضٌ من الخصال الغريبة مما لا تقره سجايانا وطبائعنا ولنا فيها ملاحظات وأقوال.


وأين لنا من صون كنوزنا الثقافية في بيئة تغولت عليها قوى السوق دون لاجم لها أو صاد، وأنا هنا لا ألوم المحليَّ من المؤثرات بالقدر الذي أعطي المؤثرات الخارجية نصيبها من اللوم، فنحن مستوردون لمعظم ما نستعمله من نتاج الصناعة والتكنولوجيا، بل نحن اليوم نعتمد في معظم غذائنا على ما ينتجه الغرباء، وقد ازداد ضغطنا على موارد مياهنا المحدودة وموارد الأرض والتربة إلى المدى الذي خيب الآمال في الحفاظ على بيئة جميلة للوطن كانت زاهية إلى عهد قريب في الأزرق وخط شبيب ووادي شعيب وكافة الأودية في وطننا من وادي اليرموك شمالاً إلى قاع السعيديين ووادي اليتم جنوباً.


وأين لنا من الحفاظ على كنوزنا التراثية وجميل عاداتنا في جو مغبر بالزوابع الأقتصادية والأجتماعية والسياسية تعصف بمنطقتنا وتمعن فيها إنهاكاً. وحبذا ومضة تضيء طريقاً للمجتمع في هذه الأجواء المكفهرة، إذ أخال اليوم الذي نتمنى فيه استرداد روح المجتمع يغذ السير نحونا، ونحن على علم أنْ "لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، فعلينا إذن أن نعد للمواجهة عدتها وندفع عن مجتمعنا غائلة التهاون والهوان، فنحن نعلم أيضاً أنَّ "من يهن يسهل الهوان عليهِ"


وقد قضى الحسين العظيم أول ما قضى أنَّ "الإنسان أغلى ما نملك"، وقد كان طيب الله ثراه في ذلك محقاً، وفي خضم سني التحول الإجتماعي والتغير الأخلاقي أدركت أن أغلى ما نملك هو الإنسان المعطاء الخلاق الي يعطي للوطن دون أن ينتظر عطاءه، وفينا والحمد لله من هؤلاء كثيرون.


ما أحوجنا إلى إحياء الخلق الأردني بهمة الأردنيين الأشاوس الذين لم تنحن جباههم إلا للخالق عز وجل، وما أحوجنا إلى التسلح الأخلاقي الجمعي ففيه يلفظ المجتمع الزوان من العادات الغريبة والطبائع المريبة وفيه منعة للوطن وقوة وسياج يحميه من غائلات الزمان. الخلق الذي يعرف حق الوطن وحق الجار وحق المستجير، خلق يؤمن أن الغني هو غنيُّ النفس وأن الفقير هو فقير العقل، خلق يلقي مقاليد أمور المجتمع لمن صلح من أبنائه لا لمن أثرى إبان تعسه وشقائه.


والخلق الأردني القويم الفرعي منه والجمعي كنز تراثي أوْلى بمدينة السلط أن تحمل لواءه وتنشره بمد يدها لتشد على يدي إربد سابقتها في احتضان عاصمة الثقافة ويد الكرك لاحقتها في استضافة تلك العاصمة وبالتعاون مع سائر بلديات المملكة وسكانها من أهل الحضر والمدر والوبر.



بوركت السلط وأعمالها ونواحيها ففيها من عشائرنا المشلخي والعبادي والبلقاوي وفيها الكردي والشركسي والشيشاني وفيها الغوراني وفيها المقيم والظاعن والحصيف والفاطن والقوي والواهن وعشائر قصبتها أصول عربية عاربة ومستعربة ومنها قيادات أردنية إجتماعية وسياسية أثرت تعدديتنا ودفعت بوطننا إلى الأمام.





  • 1 غسان الفاعوري 06-07-2012 | 03:41 PM

    بوركت يا اهل السمو والشرف والاصاله يا سمو الامير وبارك الله فوك الذي لا ينطق الا جواهر والا درر وتعرف موطن الرجوله لانك ولدت وترعرعت ونشأت بهذا البلد وتعرف اهلها وتقدر ان تميز الغث من السمين بارك الله فيك وادام الله عزك

  • 2 الجغبير 06-07-2012 | 07:01 PM

    سيدي سمو الأمير أطال الله بعمرك ... و المفال رائع

  • 3 محمد لطفي العمايرة 08-07-2012 | 02:17 AM

    اشكر سمو الامير الحسن على كلماتة الطيبة والتي اذا دلة على شيء فانها تدل على حب سمو الامير الحسن لمحافظة البلقاء الشامخة مصنع الرجال والف تحية وتحية لسمو الامير . اما فيما يتعلق بالثقافة وياريت ان نهتم بها بقدر ما نهتم بكرة القدم . لان اهل الثقافة في الحقيقة اصابهم اليئس والحزن الشديد على معاملت وزير الثقافة وما تقدمة من مخصصات مالية متدنية وغالبية الموازنة المخصصة لدعم المشاريع الثقافية تذهب الى اصدقاء الوزير .. والفتافيت لصانعي الثقافة وعندما يقوم فنان تشكيلي او فوتوغرافي باقامت معرض تقوم الوزارة بشراء لوحة منة كدعم ظمن المخصصات المالية ولكن ان كان من المقربين يحصل على مبلغ محرز والاخرين الغير مقربين يحصلون على مبلغ ظعيف بحجت ان المخصصات المالية لاتكفي او غير ذلك من الحجج. وسلامتكو.


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :