facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




بيّاع التنتانات ..


محمد رفيع
15-03-2007 02:00 AM

لي صديقة مسيحية، ولدت في فلسطين عام اشتعال ثورتها الكبرى في الثلاثينيات من القرن العشرين. وتسمى أيضاً ثورة عز الدين القسام. صديقتي، تكتب مذكراتها الآن. وطوال أكثر من عامين، بذلت جهوداً مضنية، لاستعادة مفردات البدايات، التي ولدت فيها. وعلى رأسها الحكاية الشعبية، المكونة للثقافة العامة للناس والأطفال. وفي ظني، أن الكتاب سيكون فريداً حين يتكامل.ومن الحكايات الشعبية، إلى الغناء، إلى ألعاب الأطفال، ترسم صديقتي زمناً اجتماعياً في فلسطين، زاخراً بالبهاء والمحبة. ومنها، ان الأطفال، في عيد الصليب، كانوا يجمعون عروق الملوخية الجافة، لحرقها في الساحة العامة، والرقص حولها. ويغنون:قشّه قشّه لليهودي.. نحرق دقنه هاليهودي. ولاحظوا حريق ذقنه، أي حرق جبروته وكبريائه، لا حريق اليهودي ذاته. ومنها، لعبة الخيال والظل/الشنبر، وصندوق العجب. ولعبة أوّلك يا بو اسكندراني، حيث ينحني أحد الأولاد، ليقفز الجميع من على ظهره، أولاداً وصبايا. ولعبة العروس، المصنوعة من خشبتين متصالبتين. ومنها، أغاني الباعة المتجولين، كبائع فستق عبيد: (عبد وعبيد.. سنانه بيض/سنّي فضه.. وسنّو حديد. وبائع القماش:تفتا هندي، تفتا هندي.. شاش حرير يا بنات/إفتحي لي يا صبية.. عندي بضاعة للستات/فتحت لي ونادت لي.. يا بيّاع التنتانات.

بين وزير تربية فلسطين وتعليمها، وبين وزير ثقافتها الحاليين، ضاعت مسؤولية سحب كتاب قول يا طير من مكتبات المدارس. وهي مسؤولية أقل ما يقال فيها انها فضيحة معرفية، سواء من حيث التوقيت، أو المبررات والمضامين، التي عرضها وزير تربية فلسطين على الفضائيات مستنداً إلى خدش الحياء العام في حكاية نص نصيص. وخصوصاً القسم الذي يتحدث عن الغولية/أخت الغول، والرجل الذي كابد الأهوال للوصول إليها، لطلب مساعدتها في إخصاب وحبل زوجتيه. فرآها من الخلف وهي تطحن، ملقية ثدييها إلى ظهرها، فشرب منهما، وأكل حفنة من طحينها. فقالت له: انك شربت من ثديي الأيمن، فصرت أعز من أخي اسماعين، وشربت من ثديي الأيسر، فصرت أعز من أخي نصار، وأكلت من طحيني، فصرت أعز من أولادي. ومنحته ما يساعده على حبل زوجتيه. وكأن الوزير لم يسمع بالأسطورة، ولا بدراساتها، وما تبذله الدول والشعوب لإعادة التعرف على أساطيرها وخرافاتها.

الحكاية السابقة، وما تبقى من حكايات الكتاب الخمس والأربعين، كلها شائعة في ثقافات بلاد الشام بتنويعات مختلفة، تمتد من قول يا طير إلى خبرني يا طير. والكتاب صادر في العام 2001، عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت. وهي مؤسسة عربية رصينة، وليست فلسطينية، انشئت بجهود عربية منذ العام 1963. والباحثان (إبراهيم مهوى وشريف كناعنه) هما أكاديميان معروفان بالرصانة. أما غلاف الكتاب، فيعلوه رسم تقريبي، لطائر العنقاء الفلسطيني، الذي وجد نقشه الحجري بكثرة في معظم أراضي فلسطين التاريخية.

علَّمونا أن لا حياء في الدين. وقرأنا تفاسير القرآن عن حكاية يوسف وولادة بلقيس الأسطورية، والبغاء المقدس في المعابد في زمن العرب السحيق، وقصة إساف ونائلة في مكة، وغيرها. ولا أعرف كيف توهم الوزير قدرته، بقرار حكومي بائس، وفي زمن أكثر بؤساً، ان بامكانه شطب ثقافة بلاد لم تبدأ بمعارفنا الإسلامية الحالية، ولن تنتهي بفهمنا السياسي لإسلام اليوم.

ربما كان من المفيد للوزير أن يعيد قراءة قصة سليمان وخيوله وبلقيس في القرآن. أو كتاب منطق الطير، الذي جادت به الثقافة العربية والإسلامية في عزّها. أما صديقتي، فليس لها إلا أن تستمر في محاورة بياع التنتانات، علّها تستطيع جمع معظم قماشه، لشعب ضاع معظم تراثه، قشّة قشّة، وبلا حرائق لعروق ملوخية..!!.

FAFIEH@YAHOO.COM






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :