facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قانون التنفيذ المأمول تعديله


م.سميح جبرين
27-06-2015 12:24 AM

فعلت الحكومة خيراً بتحويل قانون التنفيذ المعدل لمجلس النواب ليقوم بدوره التشريعي بإعادة النظر ببعض مواد هذا القانون والذي يعتبر من أهم القوانيين في إيصال الحقوق لأصحابها وتحقيق العدالة .فقانون التنفيذ الحالي قاصر عن تنفيذ الأحكام القطعية الصادرة عن المحاكم الأردنية بكافة مستوياتها بسبب وجود مواد بالقانون تسمح للمحكوم عليه بالمماطلة لتنفيذ الأحكام لسنوات وسنوات .هنا سأتناول قضية شائعة يمكن القياس عليها تعبر عن مدى قصور قانون التنفيذ المعمول به حالياً عن تنفيذ بعض الأحكام القطعية ،فأذا ما بحثنا بأروقة المحاكم عن ماهية القضايا المنظور بها سنجد أن قضية أخلاء أو أسترداد المأجور تشكل نسبة ليست بالقليلة من عدد القضايا التي تستنزف وقت القضاة دون الضرورو لذلك ،وعلى الرغم من أن قانون المالكين والمستأجرين الأخيرقد أقر بأحد مواده بأنه يحق لمالك المأجور باستعادة مأجوره بانتهاء مدة عقد الأيجارة وباعتبار عقد الأيجارة مستند قضائي قابل للتنفيذ الفوري ،ولكن ما يحدث على أرض الواقع أمر مغاير تماماً ،حيث يقف قانون التنفيذ قاصر عن تنفيذ مستند عقد الأيجارة عندما يتعنت المستأجر عن أخلاء المأجور مستنداً بذلك على بعض مواد قانون التنفيذ الذي يجيز له الأعتراض على التنفيذ لمرات ومرات .

وهنا سأورد مثال واقعي أوضّح من خلاله حجم قصور القانون وحجم المعاناة التي يعانيها صاحب المأجور قبل الحصول على جزء من حقوقه التي كفلها الدستور له .

تتلخص القضية في تخلف أحد المستأجرين لشقة في إحدى المناطق الراقية في عمان ،عن دفع قيمة الأيجارة لصاحب الشقة وذلك التزاما ببنود عقد أيجار تمَّ توقيعه بعد منتصف عام 2012،فبعد أن أستنفذ صاحب الشقة كل الطرق المتاحة للتفاهم مع المستأجر ومن دون طائل ،لجأ أخيراً إلى القضاء ،وبدأ بتوجيه أنذار عدلي ينذر به المستأجر بدفع المستحقات عليه من الأيجارة خلال ثلاثة أيام من تاريخ التبليغ ،وبنفس الوقت بلّغ المستأجر بعدم رغبته "أي المؤجر" بتجديد عقد الإجارة معه ...طبعاً وكما هو متوقع لم يستجب المستأجر لهذا الأنذار ،مما دفع صاحب الشقة لرفع دعوة قضائية للمطالبة بمستحقاته ،وهذا ما يستدعي تبليغ المستأجر لأول مرة عن طريق مُحضر موظف بالمحكمة بضرورة حضورة لجلسة المحكمة الأولى بالتاريخ والوقت المحدد ،وبعد أنتظار أسبوعين جاء رد المحضر على التبليغ "بعدم العثور " على الرغم من أن عنوان المستأجر محدد سلفاً،وهذا أمر كان أيضا متوقع ،عندها لجأ محامي صاحب الشقة إلى التبليغ عن طريق شركة أرمكس المعتمدة رسمياً من قبل المحاكم الأردنية ،ولما ذهب مُحضر شركة أرمكس أكثر من مرة وبأوقات مختلفة ولم يجد من يستجيب له على قرعه لباب الشقة ،قام بإلصاق التبليغ على باب الشقة (وفق المادة التاسعة من قانون أصول المحاكمات المدنية ).وننوه هنا بأن مُحضر شركة أرمكس يقوم بتوقيع مشروحاته على التبليغ كشاهد ،مما يعني بأنه خاضع لحلف اليمين أمام القاضي بأنه قام بأجراءات التبليغ وفق المشروحات على قرار التبليغ الذي يحفظ نسخة منه في ملف القضية .

يأتي تاريخ الجلسة الأولى ولا يحضر المستأجر ولا يقوم بتوكيل محامي للحضور عنه (وهذا أمرغالباً ما يلجأ إليه المدعى عليه "المستأجر" عن سابق علم وقصد بغرض شراء لوقت) ،فيصدر حكماً غيابياً ضد المستأجر يلزمه بدفع المستحقات عليه بما في ذلك رسوم القضاء وأتعاب المحامي وأية فوائد ترتّبت على المبلغ المطالب به .

لنعود بعدها لموضوع تبليغ المدعى عليه "المستأجر " بقرار الحكم لإعطائه الفرصة باستئناف القضية خلال عشرة أيام من تاريخ تبليغه لقرار الحكم ،وكالعادة يقوم مُحضر شركة أرمكس باتباع الخطوات السابق ذكرها لعملية التبليغ ،ولما لم يتمكن من تسليم التبليغ للمستأجر شخصياً أو لأي شخص من ذويه القاطنيين معه بنفس الشقة ،لجأ المحضر للتبليغ عن طريق الإلصاق . وهنا تحدث "المفاجئة" المتوقعة أيضاً من قبل المستأجر ،بحيث يستجيب هذ المرة ويقوم بتوكيل محامي لاستئناف قرار الحكم في اليوم العاشر من المهلة المتاحة له لاستئناف الحكم الصادر بحقه ،وذلك أمعاناً من المستأجر لشراء كل لحظة من الوقت لتأخير السير بإجراءات القضية ،وهنا يأتي دور محامي المستأجر بصياغة لائحة الأستئناف والتي يأتي على رأسها بطلان التبليغات لكونها تمت عن طريق الإلصاق بحيث لم يتمكن موكله من مشاهدتها ،متجاهلاً بأن موكله تبلّغ قرار الحكم بحقه عن طريق الإلصاق أيضاً والذي بدونه لما تمكن من أستئناف القضية ،وبما معناه بأن المدعى علية "المستأجر "يشاهد ما يناسبه من تبليغات عن طريق الألصاق ويقرّ بها ويدعي العكس بما لا يناسبه ،وكل ذلك بغرض تأخير إجراءات إصدار الحكم النهائي .هنا لا يفوتنا القول بأن الفوز الأعظم بالنسبة للمدعى عليه "المستأجر" هو شراء خمسة شهور من التأخير على أقل تقدير قبل أن تأخذ العدالة طريقها الحتمي،والخمسة شهور هنا هي الوقت اللازم لإجراءات نقل ملف القضية من محاكم البداية أو الصلح إلى محكمة الأستئناف لتأخذ رقماً جديداً(هنا لا أريد الحديث عن تأخير نقل الملف المتعمد من قبل بعض موظفي الأقلام بالمحاكم )، وليتم توزيعها على السادة قضاة الأستئناف للنظر بها حسب دورها ،ومن ثمَّ عودة ملف القضية إلى محاكم البداية أو الصلح بعد فصلها من قبل محكمة الأستئناف ، والتي على الغالب يكون الفصل بها لصالح المستأجر بسبب أخذ السادة قضاة الأستئناف قرار يقضي ببطلان التبليغات التي تمت عن طريق الألصاق لوجود نقص بالمشروحات على ورقة التبليغ من قبل المُحضر ،وبذلك يعطوا المستأجر فرصة بمحاكمة ثانية ليقدم من خلالها دفوعاته التي أدعى بأنه حرم من تقديمها لعدم تبلغه بتاريخ عقد الجلسة الأولى للمحكمة لكون هذا التبليغ جاء عن طريق الألصاق ،وهنا تعود القضية إلى المربع الأول لنعود مرة رابعة لمعضلة التبليغات التي يكون بطلها في هذه المرحلة محامي المستأجر الذي يمتلك مهارات أنجع من موكله بعدم أستلام تبليغ موعد الجلسة الأولى من المحكمة .وهكذا تستمر اللعبة بسبب دوامة التبليغات التي لم يجد لها قضائنا بعد حلاً قاطعاً ينهي به معاناة صاحب الحق ومختصراً على القضاة أنفسهم تضييع وقتهم الثمين جداً .

من الملاحظ هنا بأنه وفي مثل هذه النوعية من القضايا يمكن أختصار زمن المحاكمة وقطع الطريق على المدعى عليهم الذين يدركون ما يقومون به من خطوات لتأخير البت في القضايا المرفوعة ضدهم وذلك بإعادة محاكمتهم بنفس المحكمة المختصة دون اللجوء إلى محكمة الأستئناف ،بحيث يتم تبليغهم وجاهيا بموعد جلسة إعادة المحاكمة وذلك عند حضورهم بشخوصهم أو حضور من يتوكل عنهم إلى المحكمة المختصة للقيام باجراءات استئناف الحكم الصادر بحقهم غيابياً ،وبهذا تكون المحكمة على يقين تام بأن المدعى عليهم قد تم تبليغهم بموعد جلسات إعادة المحاكمة ،قاطعة عليهم الطريق بالتذرع بأن غيابهم عن جلسات المحكمة هو عدم تبلغهم بموعد الجلسات بطريقة قانونية .

نضيف هنا فنقول بأن صاحب المأجور في المثال الوارد أعلاه ، قام برفع قضية ثانية ضد المستأجر بعد أنتهاء مدة عقد الأيجارة ،يطالب بها باسترداد المأجور ،بعد أن تخلف المستأجر عن إخلاء المأجور ،بالرغم من أن صاحب المأجور قام بتبليغ المستأجر بإنذار عدلي بعدم رغبته بتجديد العقد قبل أربعة أشهر من انتهاء مدة العقد ،وحصل صاحب المأجور على قرار قضائي مستعجل يلزم المستأجر بإخلاء المأجور ،إلا أن المستأجر قام أيضاً باستئناف القرار لنفس الحجة التي يدعي بها بأنه لم يتسلم الأنذار العدلي لكونه جاء عن طريق الألصاق.وتمَّ تحويل القضية إلى محكمة الأستئناف التي يلزمها على أقل تقدير خمسة أشهر للبت بها .وهنا وعلى فرض أن محكمة الأستئناف قضت لصالح صاحب المأجور بأخلاء الشقة ،فهذا لا يعني أن القضية أنتهت ،لكون قرار محكمة الأستئناف سيعود إلى دائرة التنفيذ ،التي بدورها ستقوم بخطوات الأخلاء وفق قانون التنفيذ المعمول به والذي يسمح للمستأجر بالمماطلة بالأخلاء لشهور وربما سنوات لوجود تغرات بهذا القانون تسمح للمستأجر "النصّاب " بالنفاذ من خلال هذه الثغرات .وعلى فرض وبعد كل هذه المعاناة تمَّ أخلاء المستأجر ،فسيكون صاحب المأجور مضطر لرفع قضية ثالثة للمطالبة بقيمة الأيجارت التي أستحقت على المستأجر عن الفترات السابقة ولغاية تاريخ إخلائه ،وهذه القضية ستمتد لسنوات ربما قبل الفوز بها ،وبعدها سيقوم المستأجر بالأدعاء بأنه غير مقتدر على الوفاء بالدين، ليتم عمل تسوية مع صاحب المأجور بحيث يقوم المستأجر بدفع 25% من قيمة الدين ويتم تقسيط الباقي على أقساط شهرية وقد تمتد فترة التقسيط عشرات السنوات .

بهذه الكيفية نرى كيف تمكن المستأجر "النصّاب " من أستثمار التغرات بكل من قانون أصول المحاكمات المدنية وخاصة المواد المتعلقة بالتبليغات أو الأخطارات ،وكذلك الهفوات الكبيرة في قانون التنفيذ وكل ذلك على حساب مالك المأجور الذي يدفع الثمن غالياً كرسوم قضاء وأتعاب محامين وفوائد أضافية للبنوك في حال كان مالك الشقة مستقرضاً من البنك لشراء الشقة ومعتمداً على إيجارها لتسديد أقساطها ،هذا عدا عن القهر والمعاناة التي يعانيها خلال فترة التقاضي والناجمة عن بطىء في أجراءات التقاضي بسبب الأزدحام في عدد القضايا ومحدودية عدد القضاة .

المأمول من السادة النواب أعضاء اللجنة القانونية أن يستدركوا كافة الثغرات بقانون التنفيذ ومعالجتها بما يمنع المماطلة غير المبرّرة ،على أننا نقول هنا بأن تعديل قانون التنفيذ لوحده لا يكفي إذا ما أقترن بتعديل بعض مواد قانون أصول المحاكمات المدنية .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :