facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جنبلاط في الأردن:التاريخ والمخاوف والدروس


د.مهند مبيضين
27-06-2015 03:01 PM

يخبرنا تأريخ القرن الثامن عشر عن معركة وقعت قرب قرية «عين داره» في جبل لبنان عام 1711 بين الدروز (اليمنيين) بقيادة الشيخ محمود أبو هرموش وأمراء آل علم الدين مدعومين من والي دمشق ووالي صيدا من جهة، وبين المعسكر الدرزي (القيسي) الذي انتصر، وضمّ رجال الإقطاع الدروز من أبناء القاضي التنوخيين وآل نكد وجنبلاط، وبعد الخسارة ارتحل الدروز اليمنيون إلى حوران حيث جبل العرب الذي أضحى بعد ذلك ملاذاً ومعقلاً لهم.
قضت عين دارة على وحدة الدروز، وأوجدت في لبنان طائفة درزية من أصول واحدة شهدت في ما بعد الصراع على الدور والنفوذ بين اليزبكيين والجنبلاطيين وتحوّل بعده إلى زحام وصراع نفوذ أرسلاني جنبلاطي، وما زال قائماً.
في الزمن الممتد عبر القرنين الثامن والتاسع عشر الميلاديين أضحى الدروز (بنو معروف) في جبل حوران أكثر اعتماداً على السلطنة العثمانية للحصول على الدعم، وواجهوا تحديات كبيرة مع الحملة المصرية إثر محاولة التمرد التي قادها شبلي العريان وامتدت إلى منطقة اللجاة في جبل العرب. وبالعكس، أصبح القيسيون الدروز معتمدين بشدة على تحالفهم الإستراتيجي مع الموارنة من أجل قضيتهم ودورهم الكياني المؤثر، وقد تبلور هذا الدور مع النشاط الاقتصادي والنفوذ على الأرض بسبب منح الأمير بشير المؤيدين له من الطرفين، المسيحين والدروز القيسيين من مشايخ العائلات، دوراً مالياً في الجباية والالتزام، إذ منح رؤساء الأسر لقب «شيخ» أي «مقاطعجي» و «ملتزم» بجمع الأموال الميرية، واشتهر بذلك آل الخازن وآل حبيش وآل الدحداح من الموارنة، وآل العماد وآل جنبلاط وآل أبي نكد وآل عيد وآل تلحوق وآل عبد الملك من الدروز.
هذا التوافق الماروني الدرزي القيسي ظهر جلياً في زمن الحملة الفرنسية، الطرفان كانا يريدان دولة مستقلة للدروز وللموارنة، وفي ما بعد شكّل التحالف الدرزي الماروني القيسي معالم لبنان الكبير بتقاسم الأدوار، فيما فَقَدَ الدروز اليمنيون نفوذهم في منطقة جبل العرب مع اختصاصهم أكثر بالمذهب وقواعده والتديُّن أكثر من السياسة والتأثير في أحداثها، لكن الفائدة التي تحققت من عين داره كانت تعمير جبل العرب في حوران، إذ ساهم آل حمدان في بناء الخرب واستصلاح الأراضي الزراعية وامتد وجودهم إلى منطقة الأزرق في الأردن وعملوا في التجارة؛ ورحبوا في أيلول (سبتمبر) 1918 بجيش الثورة العربية الشمالي، داعمين فيصل بن الحسين في مشروعه.
حقبة الانتداب أعادت الدروز اليمنيين إلى الواجهة بسبب طموحاتهم القومية ودعوتهم إلى الحفاظ على وحدة سورية ورفض تقسيمها، وهنا بذل آل الأطرش جهوداً كبيرة أهّلتهم لزعامة الحركة ومن ثم الثورة في ما بعد، وكان لبني معروف في شكل عام الدور الأبرز في الثورة ضد الفرنسيين بزعامة سلطان باشا الأطرش عام 1925 والذي منح السويداء قوة الحضور والتأثير السياسي كحاضنة للدروز وعاصمة جبل العرب السياسية، وصارت قرية «القريا» عينها ومركز عقلها السياسي والاجتماعي. وآنذاك دوّت صيحة سلطان الأطرش الشهيرة ومقولته «الدين لله والوطن للجميع»، في الأرض السورية كلها جامعاً انتفاضات الساحل وجبل الزاوية وريف دمشق على هدف واحد.
بدأت ثورة الدروز في تموز (يوليو) 1922، عندما ساءت علاقة سلطان الأطرش مع الفرنسيين عقب اعتدائهم على التقاليد العربية في حماية الضيف، يوم اعتقلوا ضيفه أدهم خنجر وهو لبناني من منطقة الجنوب اشترك في محاولة اغتيال الجنرال غورو، وخاض الدروز معارك شرسة ضد الفرنسيين ومنها معركة الكفر والمزرعة ما أجبر فرنسا على إعادة توحيد سورية بعد أن قسّمتها إلى أربع دويلات: دمشق، وحلب، وجبل العلويين، وجبل الدروز، واضطرتها الثورة إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية السورية بزعامة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي.
ارتبط الدروز بعلاقات وطيدة بالحكم الأردني، وساهموا، كطرف من الاستقلاليين العرب، في بناء أوليات الحكم والإدارة الوطنية الأردنية، فأول قائد جيش في الأردن هو فؤاد سليم درزي موحد، وأول رئيس حكومة درزي موحد هو رشيد طليع، وأصبح الأمير عادل أرسلان رئيساً للديوان الأميري كما استقبل الأمير عبد الله مؤسس الدولة الأردنية سلطان الأطرش وأقام سلطان في الكرك اربع سنوات يروي تفاصيلها ابنه منصور في مذكراته «الجيل المدان». وقد استُقبل سلطان الأطرش بحفاوة بالغة في اربد والسلط والكرك.
في عصر الجمهوريات، عاني الدروز المضايقة بسبب مواقفهم الرافضة للاستبداد والتهميش، لكن الزمن عجّل بمحو الخلاف القيسي اليمني، وعندما تعرّض سلطان باشا الأطرش لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة اديب الشيشكلي، غادر الجبل إلى الأردن في كانون الثاني (يناير) 1954 وهاجت سورية على خروجه واعتُقِل ابنه منصور، وعاد بعد سقوط الشيشكلي في آذار (مارس) 1954. كما أيد سلطان الأطرش الانتفاضة الوطنية التي قادها الزعيم الدرزي كمال جنبلاط في لبنان عام 1958، ضد سياسة الرئيس كميل شمعون، وبارك الوحدة بين مصر وسورية وعارض الانفصال.
في عهد حافظ الأسد منح جبل العرب خصوصية سياسية وتمثيلية، كانت وقفة حافظ الأسد لإلقاء نظرة أخيرة على جثمان سيد الجبل سلطان باشا الأطرش في دارته بالـ «القريا» في آذار 1982، رسالة واضحة لطبيعة المكانة التي صنعها سلطان باشا للجبل وبني معروف. وفي عهد بشار الأسد أدرك أن الجبل أكبر من قبضة يده، فتركه على إرث والده، من دون حضور كبير فيه، ومع أن المعارضة السياسية كانت موجودة عند بني معروف ضد تنفّذ أزلام بشار واحتكارهم السلطة وتبديدهم الثروة، ومع أن درعا القريبة منهم كانت مهد الثورة الراهنة، إلا أن وقوفهم على الحياد لم يكن كرمى لعيون بشار الأسد بل لحفظ كينونتهم التي عانت الصراعات ونتائجها منذ العام 1712 في عين داره. والتي يتدخل وليد جنبلاط للحفاظ عليها مجدداً، طاوياً صفحة الصراع القيسي اليمني الدرزي، وبعون أردني. وإقليمي.
اليوم، بنو معروف عرضة لخطر حقيقي يمس وجودهم في جبل العرب، حضر وليد بك جنبلاط إلى عمان لطرح المصائر والخيارات في بلد عروبي الوجهة منذ تأسيسه، لكن الممتلئ بجراح المشهد السوري. ويظل للدروز حضور القريب والجار وابن العم في الأردن، فالنسيج الاجتماعي للدروز في الأردن غير بعيد على أقرانهم في السويداء، لكن القرابات والتاريخ لا تولّد التدخلات العسكرية ولا تحرّك الجيوش، فالمصالح هي صاحبة الكلمة الفصل، لذا يظل الحديث عن دور أردني في حماية الدروز وتأمين سلامتهم غير واضح المعالم.
عن الحياة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :