facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




إيران والعالم بعد الاتفاق


حازم مبيضين
18-07-2015 09:49 PM

وأخيراً أنجز المفاوضون الغربيون مع نظرائهم الإيرانيين الاتفاق الذي انتظره العالم ويده على قلبه، واستكملت طهران إجراءاتها التنظيمية لمواكبة ما ستشهده احتفالاً بالحدث، فيما تراوحت ردود الفعل من العواصم الأخرى، وليس سراً أن تل أبيب والرياض، ليستا سعيدتين بالأخبار الآتية من فينا بينما تعم البهجة شوارع عواصم الممانعة رغم ظروفها الرديئة وغير الطبيعية وفي الأثناء فإن الترقب والحذر يسودان دوائر صنع القرار في العالم وهي تبحث عن أجوبة للعديد من الأسئلة حول مرحلة ما بعد الاتفاق، وأبرزها كيفية انعكاس ذلك على سلوك إيران وسياساتها الخارجية؟ وأيضاً على أزمات الإقليم، من لبنان إلى اليمن، مروراً بسوريا والعراق والحرب على الإرهاب.
يجزم كثير من المحللين أن طهران ستسعى لتغيير الصورة النمطية المأخوذة عنها وتعمل غلى تقديم نفسها باعتبارها جزءاً وشريكاً فاعلاً في الحلول السياسية لأزمات المنطقة، وهي تدرك أن الاتفاق سيبقيها في دائرة الضوء والرقابة، ومعنية باستثمار الاتفاق لتعظيم مكاسبها، مقابل تنازلاتها لابرام الاتفاق، سواء على صعيد أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية، أو مستوى دورها الإقليمي في المنطقة. غير أن كل ذلك ينتظر إجازة الاتفاق من قبل مجلس الشورى الإيراني، وإن حصل ذلك وهو متوقع فإن الإصلاحيين المعتدلين، سيسجلون انتصاراً تاريخياً لصالحهم، ضد تيار التشدد وتصدير الثورة، ما يعني أن إيران، ستحكم بالمعتدلين والإصلاحيين ... ولهؤلاء قراءات مختلفة جذرياً إزاء مشاكل المنطقة والدور الإيراني فيها، كما يعني بالضرورة أن على العواصم العربية المختلفة اليوم مع طهران إعادة النظر في استراتيجية تعاملها مع إيران "الجديدة"، مع الأخذ بالاعتبار أن إيران ستظل جارة كبرى للأمة العربية، وهي ستشهد حتماً تغييرات عميقة بعد رفع العقوبات، وتحرر البلاد من هاجس العدو الخارجي المتربص، والتعاطي بجدية مع قضايا الإصلاح والديمقراطية وحقوق الانسان. وما سيتركه ذلك من آثار على نظام ولاية الفقيه.
ينتظر كثيرون معرفة الوجهة التي ستسلكها إيران بعد الاتفاق، ويتوقعون تميزها بالاعتدال والحلول الوسط، وقد يتبدى ذلك في انتخاب رئيس جمهورية جديد للبنان وانتقال اليمن إلى عملية سياسية تنهي حرب الخوة الأعداء وتضع الجميع على سكة المساومات والمصالحات، والأكثر أهمية هو إمكانية أن يكون هناك تعاون أمريكي إيراني في الملفين العراقي والسوري في الأول لجهة دحر الدواعش وإتمام مصالحة وطنية باتت أمراً ملحاً للحفاظ على وحدة البلاد وفي الثاني التعاطي مع ما يطرح من مبادرات ومقترحات لحلحلة الأزمة السورية المستعصية ولن يكون مستهجناً إقامة علاقات طبيعية بين إيران والأردن والسلطة الفلسطينية ومصر، على أن ذلك يظل في باب الأمنيات نظراً لتعقيدات المنطقة واحتدام حدة صراعاتها، وقد ننتظر وقتاً قبل أن تتم بعض الأطراف استدارتها، وقبل أن ترسو خرائط التحالفات على شكلها الجديد.
تسربت حول الاتفاق أنباء تخص بعض البنود الواردة في مسودته ومنها السماح بدخول مفتشي الأمم المتحدة لكل مواقع إيران النووية المشتبه بها، بما فيها المواقع العسكرية بعد التشاور بين القوى الغربية وطهران، وزيارة واحدة إلى موقع بارشين العسكري، وأن معالجة الشكوك حول الأبعاد العسكرية المحتملة لأنشطة إيران النووية السابقة، ستكون شرطا لرفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، على أن تنفذ الخطوات التي سيتخذها الجانبان بما في ذلك القيود الإيرانية على البرنامج النووي، وتخفيف العقوبات على طهران في النصف الأول من العام المقبل، إضافة إلى أن أي قرار من مجلس الأمن والذي يشكل جزءا من الصفقة يجب أن ينص على رفع الحظر عن السلاح، وهو الأمر الذي تقاومه واشنطن حتى الآن ، والمهم أن قادة الغرب يسيرون باتجاه صفقة تضبط قدرة إيران على استخدام التقنية النووية لإنتاج وقود لسلاح نووي بحلول نهاية العقد الحالي، ويدعون إلى رقابة منتظمة على المنشآت والاحتياطات النووية التي تدعم هذا البرنامج، وكجزء من ذلك، إيران تريد الإسراع في رفع العقوبات الاقتصادية، بمجرد توقيع الاتفاق، وأن تحافظ الصفقة على قدرتها على تطوير برنامجها النووي السلمي، وبديهي أن هذا الاتفاق لن يمنع إيران نهائياً من الحصول على سلاح نووي، ولكنه يجعل ذلك أكثر صعوبة، ما يعطي القوى الكبرى الوقت من أجل التوصل إلى الرد المناسب إذا ما أخلت إيران بالاتفاق وبدأت بالتوجه إلى صناعة القنبلة النووية.

تتباين النظرة بين واشنطن وبعض العواصم العربية إزاء الانتهاء من الملف النووي الإيراني حيث تعتبره الادارة الأميركية تطورا إيجابيا سيعود على الشرق الأوسط باستقرار أكبر، فيما ترى بعض العواصم خيانة أميركية لتحالفات مزمنة مع القادة العرب حيث تترك واشنطن الشرق الأوسط ومعه حلفاؤها لإيران. لأن الاتفاق أكثر شمولية من الملف النووي الإيراني، ويشمل فيما يشمله قضايا الشرق الأوسط ودور إيران فيها. وفي ذلك قفز عن حقيقة أنه حتى لو كان للولايات المتحدة اليد العليا في المفاوضات، فإن ذلك لا يعني بالضرورة تبعية باقي الأطراف مع ملاحظة أن الوفد الأميركي كان يصر على التحرك بشكل جماعي، وكانت الخلافات الأميركية الأوروبية أجلت الاتفاق أكثر من مرة. كما أن الولايات المتحدة، وإيران، ظلتا تصران على النأي بالمفاوضات النووية عن الملفات الإقليمية لما قد تضيفه من تعقيد على المفاوضات. دون إغفال أن الرؤية الإيرانية لدور واشنطن الإقليمي مبنية على تأثير هذه الأخيرة سلبا على القضايا الإقليمية.
واضح أن محاولات ثني أميركا عن الاتفاق مع إيران تنبع من رؤية تقول بضرورة بقاء أميركا مفتاحا لحل مشاكل المنطقة وأزماتها، تهرباً من إدراك التحول الحاصل بواشنطن والتخوف من القيام بالمسؤوليات الإقليمية بإجماع وتعاون إقليمي، خصوصا وأن الاستراتيجية الاميركية اليوم تقوم على عدم جدوى التمسك بسياسة القبضة الحديدية وضرورة التعاطي من منظور آخر مع طهران. وقد غيرت مسارها بغرض مواجهة تحدي الصين ولا يمثل الشرق الأوسط اليوم للسياسات الأميركية ما كان يمثله قبل عقد من الزمن، كما أن السعي لتخويف الدول الغربية بأنه في حال تخلصت إيران من العقوبات وتمتعت بمداخيل كبيرة سيؤدي لزيادة دعمها لحلفائها في الشرق الأوسط ليس مجدياً، فالغرب يدرك أن إيران قدمت كل ما بوسعها لحلفائها دون التفات لقدرتها على المضي في دعمهم، والغرب اليوم معني أكثر بتجفيف منابع التطرف والإرهاب خشية وصول أخطاره لأوروبا والولايات المتحدة، وكان ذلك واضحاً لمن له عينين في تردد الغرب في التحرك ضد النظام السوري خوفاً من أن يكون بديله الفوضى وداعش.
ثقافة الرفض والتهرب من التغيير مازالت تسود الأنظمة العربية التي تضيع بمعارضتها للتغيير مصالح القبول به والتعاطي معه، ولها رصيد تاريخي كبير في هذا الصدد، أما إيران فإنها تبدو أكثر إدراكا لواقعه وتعاطيا معه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :