facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هلوسات منكوب


سامر حيدر المجالي
15-05-2008 03:00 AM

لا أدري لماذا ليست لدي رغبة في بالكتابة عن ذكرى النكبة ، ربما يكون السبب أنها موجة يمتطيها الآن كل من هب ودب في عالم الكتابة مطلا عبر زاويته اليومية أو صفحته الالكترونية وقد ظفر بموضوع يملأ به العمود ويؤدي من خلاله الواجب ، وربما لأن ليلى التي توحد حولها العشاق وغنوا ما شاء الله لهم أن يغنوا في وصف محاسنها والتحسر على سالف أيامها ، قد استُنزفت غزلا ورثاء ، فلم يبق لعاشق جديد من متردم يبث فيه زفرات قلبه المتعب .

أريد أن أتحدث عن شيء آخر ذي علاقة بموضوعنا هذا ، لكنه خروج عن قيد التكرار والإنشاء ، أريد الحديث عن جورج بوش وزيارته إلى إسرائيل بهدف مشاركة الإسرائيليين احتفالاتهم بذكرى تأسيس الدولة . فبوش – مع حفظ الألقاب التي أحسبها لا تهمه الآن – وصل برفقة السيدة لورا إلى مطار بن غوريون أمس ، وكانا في غاية الابتهاج والسعادة ، لدرجة أن بوش أصر أن يلبس بذلة زرقاء وقميصا أبيض محاكيا بذلك ألوان العلم الإسرائيلي ، ومعبرا عن تضامن ما بعده تضامن . ولعله اليوم في خطابه أما الكنيست سيصبغ وجنتيه بألوان العلم الإسرائيلي وجبينه بنجمة داوود ، فيكون بذلك قد عبر أحسن تعبير عن هوسه بإسرائيل واستعداده لبذل الغالي والنفيس من أجلها .

ما يهمنا في هذا ، وليعذرني العشاق المستنزفون في هذه اللحظة آملا أن لا يعتبروا كلامي هذا خيانة لقضية الحبيبة فلسطين ، أقول ما يهمنا في هذا أن تصرف جورج بوش تصرف طبيعي تماما لمن ينظر إلى الأمور من زاوية بوش نفسه ، وليس من زاوية عربي عاجز يعيش على هامش الوجود ويتعرض لظلم فاضح وسلسلة من القيود لا تنتهي . بوش أيها السادة يعبر عن منطق القوة ويتّبع في كل تصرفاته هو وغيره من الرؤساء الأمريكيين سنة إنسانية لم تتغير منذ أن خلق الله الأرض ومن عليها ، إنها سنة العدالة ، عدالة القوي الذي تعني العدالة بالنسبة إليه تطبيق القانون الذي استطاع أن يفرضه بسنان رمحه وفوهة مدفعه .

السيد الأمريكي الذي استطاع أن يروض جميع خيوله ويخضع مزرعته لسلطان أوامره ، يسرح ويمرح كيفما يشاء ويعبر عن مواقفه بلا أدنى مواربة ، وليس مُنتظرا منه أن يتعاطف مع ضعيف مثلي ومثلك لا يستطيع أن يدافع عن نفسه ويؤمن لقمة عيش أطفاله .

مشكلة الضعفاء من أمثالنا أنهم في حالة ضعفهم وعجزهم يتشبثون بالعدالة الأخروية ، ظنا منهم بأنه قد تطبق على الأرض . وفي هذا مشكلة كبيرة ، أولا لأن لكل مقام مقالا في موضوع العدالة ، فليست عدالة الآخرة هي عدالة الدنيا ، ثانيا لأنهم لا يمتلكون غيرها ويفتقدون القدرة على إحقاق حقهم بوسائل الأرض وقوانينها التي لا تتغير ، فهم بذلك يكذبون على أنفسهم ثم يصدقون الكذبة ويؤمنون بها أيما إيمان .

تقول أسطورة يونانية أن الأرانب طالبت الأسود بالمساواة ، فما كان من الأسود إلا أن سألت الأرانب : أين مخالبكِ أيتها الأرانب ؟؟!!

كل يتغول بحسب استطاعته ، والقانون هو ما تنتزعه انتزاعا بجبروتك وقوتك ، لا ما يعطيك إياه الآخرون من فتات موائدهم ، أما العدالة ( بمقياس الدنيا ) فهي أن يطبق هذا القانون بحذافيره وأن يخضع الجميع له بلا جدال أو نقاش .

هل تريدون مثالا على ذلك ، أمس ألغت الحكومة ( الشرعية ) في لبنان قرارين كانت قد أصدرتهما قبل أسبوعين فأديا إلى استفزاز حزب الله واضطراره إلى اجتياح بيروت . الحكومة بكل شرعيتها وأغلبيتها أُجبرت على ذلك ولم تجد خيارا آخر ، فهل كان هذا سيكون موقفها لولا أن حزب الله كشر عن أنيابه واستخدم لغة المخالب أسلوبا للحوار مع خصومه ؟

عجيب أمر هؤلاء الذين يتجاهلون هذه الحقائق ، فيجعلون من جورج بوش أو أحمدي نجاد مرمى لسهام نقدهم وتنظيراتهم ودعواتهم المثالية التي لا تجدي نفعا ، من يستطيع أن يلوم ذئبا على عدوانه ؟ أو لبؤة على شراستها ؟ إنهم يخالفون منطق الحياة ويضيفون إلى نكباتنا نكبة جديدة وإلى أعمارنا الضائعة عمرا ضائعا آخر يتجاوز الستين عاما بأضعاف مضاعفة .

سبحانك يا الله ، منذ زمان طويل ونحن منكوبون لأننا عاجزون عن تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية ، سلام على فلسطين وعلى ستين عاما من الضعف وقلة الحيلة .

samhm111@hotmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :