facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ماذا خسرت المنطقة من احتلال فلسطين؟!


أروى الجعبري
16-08-2015 01:49 PM

قد يبدو تناولي لموضوع القضية الفلسطينية في هذا الوقت تحديدا حيث المنطقة تعج بالصراعات السياسية والطائفية والإقليمية، وحيث الدمار قد شمل غالبية البلاد العربية مما يجعل قضية فلسطين وتهجير اللاجئين ثانويا، للأسف، إلى جانب ما تشهده المنطقة العربية من مجازر ودمار وموجات ضخمة من اللاجئين والنازحي..

ومع ذلك، لم أجد مفرا أثناء متابعتي لما يجري على الساحة من العودة إلى القضية الأساسية في المنطقة وأصل الحكاية: فلسطين...

المتتبع لأصل العلاقات الأميركية – الاسرائيلية في المنطقة، يرى أن إسرائيل كانت دائما تسعى لخدمة القوى العظمى في العالم، والمتمثلة منذ منتصف القرن العشرين بالولايات المتحدة، بكل ما من شأنه أن يخدم مصالح هذه القوة العظمى سياسيا وعسكريا واستراتيجيا في المنطقة، وفي سبيل ذلك، ومن خلال فهم ووعي قادة الحركة الصهيونية (الحركة التي تبنت إنشاء مشروع وطن قومي لليهود) بالفكر السياسي الغربي ومنطقه، قدم قادة إسرائيل الأوائل مشروعا بإنشاء كيان ديموقراطي حر في منطقة عربية تحولت حديثا من مستعمرات بريطانية وفرنسية, إلى دول تديرها أنظمة دكتاتورية شمولية متخلفة، وفي هذا السياق، عمل قادة إسرائيل منذ البدايات، بكل ما يملكونه من لوبي منظم وموحد في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى منظمات سياسة فعالة في أوروبا، على كسب التأييد الغربي أولا، ثم العالمي ثانيا لهذا الكيان الذي سيمثل في نظر العالم الحر الحديث نموذجا للديموقراطية والعدالة وحقوق الفرد، وهو ما لم تعرفه المنطقة العربية أبدا منذ القرون الهجرية الأولى وحتى العصر العثماني!!! وفي سبيل ذلك، غطت الدعاية الإعلامية الصهيونية المنظمة والمتفهمة تماما لطبيعة العقل الغربي وتفكيره، غطت على الحقيقة الأكيدة في كل ذلك، وهي احتلال شعب وأرض وتشريد سكان لاذنب لهم سوى أن اختيار هذه القيادات الصهيونية، قد وقع على جغرافية وطنهم الحقيقي منذ آلاف السنين، لإقامة هذا الكيان أو هذا (النموذج الغربي الفريد)، وتم ذلك في الوقت الذي انشغلت فيه الأنظمة العربية، والتي حملت لواء تحرير فلسطين، في حروب وخلافات ومؤامرات لا حصر لها، ونجحت للأسف، هذه الأنظمة بما أطلقته من شعارات قومية وعروبية كاذبة، في جر الفلسطيني إليها ليفقد أثناء ذلك وطنه الوحيد الحقيقي، ويضيع بضياع بوصلته عن وجهاتها الحقيقية (فلسطين).

ببساطة، لو عرف الفلسطيني كيف يستغل خبراته ومعارفه، كما فعل الاسرائيلي، لفهم الفكر السياسي للدولة العظمى الممولة والحامية لإسرائيل، وأقصد بها طبعا الولايات المتحدة، ولكان قادرا وببساطة، على تقديم نموذج فريد للدولة المدنية في فلسطين قبل الاحتلال لم تعرفه الدول الأخرى في المنطقة، وذلك لما تمتعت به هذه الدولة الصغيرة جغرافيا من مزايا كانت لتجعلها جوهرة الشرق للحرية والعدالة والتمدن، ففلسطين عرفت منذ آلاف السنين تنوعا وتعايشا دينيا لم يمسسه تعصب حتى يوم 14/5/1948، ففيها عاش المسيحي والمسلم واليهودي والدرزي والبهائي والعلماني والملحد والمتعصب والشيوعي والاشتراكي والرأسمالي غيرهم من شتى الانتماءات والتيارات القكرية والسياسية دون أن يمنع طرف من وجود الطرف الآخر، والذي ساعد على هذا التحرر الفكري والديني والاجتماعي، التنوع الذي تميزت به فلسطين رغم مساحتها الصغيرة، فمناطق الداخل وخاصة المدن الرئيسية كالخليل ونابلس عرفت أنماط الحياة التقليدية المحافظة بحكم بعدها إلى حد ما عن بيئة الساحل المنفتحة، في حين مثلت المدن الساحلية مثل يافا وحيفا وعكا وغيرها بيئة مختلفة بحكم اختلاحها عن طريق الموانىء بمؤثرات ثقافية واجتماعية لدول حوض المتوسط، فانتشرت فيها دور السينما والمسارح والمقاهي والنوادي والملاهي مكونة أنماط ثقافية واجتماعية خاصة بها، وبين الساحل ومدن الداخل قامت المناطق الريفية والأراضي الزراعية الخصبة والتي مثلت قراها الفلكلور الريفي بأزيائه الشعبية وعاداته الاجتماعية وثقافته المختلفة تماما عن المنطقتين السابقتين، وهنا كانت ميزة فلسطين التي لم يعرف ريفها الإقطاع بالصورة التي كانت عليه في دول المنطقة مثل مصر وسوريا ولبنان وغيرها، فالملكيات الزراعية الصغيرة ساعدت على تكوين طبقة متوسطة من الفلاحين لم تعرف القِنانة وعبودية الأرض وذل التبعية للسيد ( الباشا )، ولا توجد إشارات تاريخية للإقطاع الزراعي في فلسطين إلا بمساحات صغيرة مقارنة مع البلاد العربية الأخرى وخاصة في العهد العثماني لتبدأ بالتراجع بعد الاحتلال البريطاني، ولا ننسى أن المساحات الزراعية الصغيرة المتفرقة لم تساعد بحكم جغرافيتها على تكوين إقطاعات زراعية كبيرة، وبالتالي لم تعرف فلسطين طبقة النبلاء الحاكمة والمتحكمة بالبلاد والعباد كما عرفها لبنان مثلا والتي لا زال يعاني منها وتدمره سياسيا إلى الآن!!!

كما أدى تنوع الديانات في فلسطين ضمن مدن منفتحة ومتنوعة ومختلطة كالقدس بالدرجة الأولى والناصرة وبيت لحم وغيرها إلى ظهور ثقافات غنية ومتنوعة لم تعرف التعصب السياسي أو الديني الطائفي، وأخرجت طبقة الفلاحين من القرى من أصحاب الملكيات الزراعية الصغيرة والمتوسطة جيلا متعلما لطالما افتخرت به فلسطين، نظرا لتوفر المدارس والمعاهد التي ساعدت على انمتشارها الإرساليات الدينية والتبشيرية من مختلف الطوائف المسيحية، بالإضافة إلى أشهر مسجديين للتعليم الإسلامي والفقه : الأقصى في فلسطين، والحرم الإبراهيمي في الخليل، حيث أتاح وجود هذين المركزين المرموقين إسلاميا على توافد طلاب العلم من مختلف أنحاء العالم الإسلامي للمجاورة والدراسة، ولا زالت المدارس والمكتبات والتكايا وبقاياها الموجودة الآن في ساحة الأقصى والحرم الإبراهيمي خير دليل على تنوع التعليم الديني الذي انتعش بمذهبيه السني والشيعي.

لم ينقص أهل فلسطين سوى الوعي الحقيقي بقيمة وطنهم وكنوزه من الأرض والإنسان الفلسطيني الباني والمبدع والنشبط، لم يكن ينقصهم سوى الدهاء والخبث السياسي والبحث خلف القوة والمصلحة التي مكنت جنسيات مبعثرة في أنحاء أوروبا والعالم دون تاريخ أولغة أو أصل أو فكر مشترك، من أن تنجح في طرد أهل الحضارة والأمجاد، لتتبادل معهم الأدوار، ليتشتت الفلسطيني في الخارج، ويستقر الصهيوني في الداخل، ولنكتشف نحن الفلسطينيون، تحديدا، أن القومية خيال وكذبة نسجتها أنظمة مستبدة لتبرر قمعها واستغلالها لشعوبها، التي لم تقو على تحرير نفسها وعقلها أساسا لتسعى لتحرير فلسطين، ففاقد الحرية كيف يمنحها لغيره؟؟

في النهاية، خسرت السياسة الأميركية التي لا زال هذا الكيان الديمقراطي النموذج يكلفها المليارت من خزينة الدولة ومن جيوب دافعي الضرائب الأميركان، خسرت كيانا حقيقيا للحرية والتنوع والتحضر والثقافة كان قائما في أرضه التاريخية دون حاجة لزراعة واستئصال ودعاية سياسية وحروب ودمار، ربما لأننا لم ننجح في تقديم أنفسنا وحضارتنا وتراثنا كما نجح الآخر، ربما لأننا أصحاب حق ووطن لم نشعر بضرورة التحايل والالتفاف حول الدول العظمى واستجدائها لتحقيق ما نراه حقا أساسيا لا غبار عليه... لكن الشيء الأكيد أن ما تعرضت له جماعات اليهود من مختلف الجنسيات ولاسيما في أوروبا الشرقية، من ذل وإهانة وقتل وتشريد، لم يكن لأي فلسطيني أو عربي أي دور فيه، بل على العكس، لم يعرف اليهود حياة الدعة والأمن والسلام كما عرفوها في بلاد العرب وتحديدا في فلسطين حيث مارسوا حريتهم الدينية والاجتماعية تشهد بذلك أحيائهم وحوانيتهم ودور العبادة شأنهم في ذلك شأن المسيحيين....... العجيب أن الضحية أصبحت جلادا وطبقت ما عانت منه على من كانوا الأكثر تسامحا معها وعدالة!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :