facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصورة الذهنية لأمريكا وسط روسيا


د.حسام العتوم
16-09-2015 01:57 PM

في زيارتي الأخيرة لي لروسيا والتي انتهت قبل أيام وقبل ذلك أثناء وجودي على مقاعد الدراسة في الحقبة السوفييتية كنت ولا زلت ألحظ صورة ذهنية سلبية متصاعدة لأمريكا تستحق أن نقف عندها ونتعرف على جذورها وتطور مسارها، وسابقاً في زمن السوفييت كانت الحرب الباردة في أوجها وكان سباق التسلح على قدم وساق، وظهر حلف الناتو (1949) الغربي الأمريكي أولاً ثم تبعه ظهور حلف وارسو (1955)، وللإنصاف وللتوازن في الخطاب هنا نقول بأن امريكا وولاياتها المتحدة سبقت الاتحاد السوفييتي في صنع القنبلة النووية وأنتجها السوفييت بعد ذلك وتقدم على أمريكا في اختراع الطاقة النووية للأغراض السلمية، وكان لجهاز الأمن السوفييتي K.G.B دوراً هاماً في متابعة أنشطة جهاز الـC.I.A الأمني الأمريكي والعكس هو صحيح أيضاً، ورغم محدودية انتشار اللغة الروسية العالمية مقارنة مع اللغة الإنجليزية الأكثر عالمية إلا أن الإعلام السوفييتي نجح في امتهان دعاية محترفة لمواجهة إمبريالية الغرب الأمريكي بالكامل والعكس صحيح أيضاً، وانتشرت المراكز الثقافية في العالم لممارسة الخندقة في وجه الحرب الباردة الثقافية إن صح التعبير ولحماية شعوب العالم الفقيرة خاصة من سطوة تأثيرها، ولم يستوعب القيصر الكسندر الثاني عام (1867) الأهمية الإستراتيجية والاقتصادية اللاحقة لإقليم (آلاسكا) البالغة مساحته حوالي (2 مليون كم) وسط الحرب الباردة المتوقعة وهو الذي يشكل الآن جغرافياً اكبر مساحات الولايات الأمريكية والذي تم بيعه بـ(7 ملايين دولار).

والفيدرالية الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991 لم تدر ظهرها لكل ما هو سوفييتي سابق أثناء دورانها باتجاه الديمقراطية والاستقلال كما أراد لها ساسة السوفييت أمثال غورباتشوف وغيره لكنها بدأت تجدف بالتدريج في عهد الرئيس الحالي فلاديمير بوتين صوب التخلص من الحرب الباردة المفروضة عليها ومن سباق التسلح أيضاً بعد تجاوز حقبة يلتسين التي أضعفت الصورة الذهنية لروسيا نفسها وكادت أن تقودها للانهيار، والمضي روسياً في التوجه لبناء عالم متعددة الأقطاب وعدم الالتفاف لعالم القطب الواحد الأمريكي الهادف لقيادة العالم والسيطرة على ثرواته بواسطة افتعال الأزمات والحروب وصناعة الإرهاب وهو ما يشاع وسط سكان روسيا ووسط التجمعات البشرية أيضاً على خارطة العالم، والاستدارة نحو الشرق بدلاً من الغرب الغارق في الميدان الأمريكي، ولكن هيهات ففي الغرب وفي أمريكا تحديداً يوجد إصرار على استمرار الحرب الباردة وسباق التسلح والتباهي بالقوة.

والإرهاب في الشرق الأوسط يتصاعد دون مبرر شرعي وقراءات استخبارية وسياسية أمريكية استطلعت منذ سنين طويلة خلت ما يجري الآن من خراب ودمار وسرقة للنفط والغاز والتدمير للآثار على يد تنظيم القاعدة الإرهابي وما تفرخ عنه من داعش ونصرة وخرسان، والإرهاب الذي يتحرك اليوم تحت اسم (داعش) كان يطلق عليه بالأمس (القاعدة) وقبلها الجناح السلبي للوهابية وغداً ستظهر أسماء أخرى وهكذا دواليك.

وللمقارنة بين كل ما هو سوفييتي وروسي في مجال الحرب الباردة نجد بأن الروس اليوم يعملون جاهدين لتخليص دولتهم منها رغم إيمانهم بضرورة امتلاك القوة دفاعاً عن النفس والإبقاء على خيارها بيد الغرب الأمريكي ذات الوقت ونصحهم بالابتعاد عنها والحد من انتشارها، وهم أي الغرب الذين عملوا ولا زالوا من أجل قلب الطاولة السياسة في كييف لصالحهم والتحريض على ضرورة إعادة إقليم الكريم/القرم لأوكرانيا رغم دخوله حلبة الشرعية الروسية باقتدار كبير وبواسطة صناديق الاقتراع ومن دون سفك للدماء.

ولمعالجة الخلل في هذه الصورة الذهنية السلبية لأمريكا المتجذرة في بلاد الروس علينا أن نعود أولاً للتاريخ الذي أبرز مشاركة لأمريكا ولو متأخرة في الحرب الوطنية العظمى التي يطلق عليها الثانية أيضاً 1940/1945، وللقاءات رؤساء أمريكا سابقاً مثل (بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك وأوباما) بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وبلقاء سوتشي الذي جمع وزيري الخارجية جون كيري الأمريكي وسيرجي لافروف الروسي بحضور الرئيس بوتين 1915، وللغوص أكثر في طريقة العلاج هذه والتي من الممكن أن تؤدي إلى وضع نهاية حقيقية للحرب الباردة ولعالم القطب الواحد أصبح مطلوباً من أمريكا بالذات ومن المجتمع الدولي أيضاً التمسك بعالم الأقطاب المتعددة المتوازن والعادل والمنصف وفي مثل هذا التوجه يكمن الفرج باتجاه التعاون الإستراتيجي العالمي بعيداً عن أية تشنجات جانبية من شأنها إعاقة حركة البناء والتنمية الشاملة في العالم ولتسدل الستارة على الأزمات والحروب والإرهاب، ومثلما أن روسيا ابتعدت عن بناء عالم التحالفات منذ الانهيار السوفييتي وتوجهت لبناء عالم متعاون معها، فإن أمريكا مدعوة لرفع يدها عن أوروبا وعن الأقطار السوفييتية السابقة مثل جورجيا وأوكرانيا وغيرهم، والتراجع عن نشر شبكات الصواريخ البالستية في أوروبا وعن الدفع بالمعدات الثقيلة العسكرية إلى مسافات قريبة من الحدود الروسية، والابتعاد عن التشجيع على محاصرة اللغة الروسية في بلاد السوفييت السابقة واستبدالها بالإنجليزية رغم أهمية معرفة شعوب الشرق للإنجليزية بالطبع، والدخول في المقابل في مشاريع استثمارية مشتركة ترسخ مبدأ التعاون والتفاهم والمحبة وتبني أجيالاً عاشقة لمستقبل واعد مشرق ومحافظ على حياة آمنة للبشرية التي تجاوز تعدادها الـ7 مليارات إنسان على كرة أرضية قابلة للحياة.

وفي شأن الشرق الأوسط العربي والحرب الباردة قصة يجب أن تنتهي وكذلك مسألة تقسيمه وجعله ممزقاً بدلاً من أن يتوحد وفق نظام فدرالي ناجح يجمع بين المركزية واللامركزية أمر مستغرب، وهو ليس بالعشوائي وإنما مخطط له عبر سنين خلت ولا زال التخطيط بهذا الاتجاه ماثلاً من معاهدة سايكس بيكون 1916 وخطة يينون، وبرنارد لويس، ورواية عصابات (داعش) الإرهابية وانتشار فروعها وسط بلاد العرب والعالم بسرعة تفوق النار والصوت اصبحت مكشوفة وهدفها واضح وهو إدخال الرعب وفتح أسواق جديدة للسلاح وتدمير حضارة مشتركة بناها المسلمون والمسيحيون (ملح الأرض) معاً، والأدهى من ذلك السماح لها أي لهذه العصابات المجرمة من أن تحكم في بعض بقاع العرب والأرض وبأن تبيع المكتنزات من موارد طبيعية وتاريخية بأسعار بخسة بهدف الإقناع بالقبول بالبيعة لصالحها بسهولة ويسر وبسرعة، دون الحاجة للتفكير العميق، وها هو جيب بوش المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة الأمريكية يحمل مسؤولية ظهور داعش لزعماء بلاده (هيلاري وأوباما) حسب وكالة الأنباء المصرية آ.ش.أ، وفي الشأن السوري كما الأفغاني والعراقي والليبي تريد أمريكا حلاً قسرياً من فوق وهو مستغرب، وتريد وأرادت روسيا البدء من صناديق الاقتراع وتقريب المعارضة وإشراكها في الحكم ودعم نظام الأسد بالسلاح وفق عقود سابقة لمحاربة الإرهاب وليس شعب سوريا بالطبع ولها في أفغانستان والعراق وليبيا تجارب ومراقبات، وتتفق في الوقت ذاته مع أمريكا والمجتمع الدولي علي لجم صعود الإرهاب إلى السلطة في دمشق، فهل تقرع واشنطن مثل موسكو الجرس لتنتهي الحرب الباردة بكامل أوراقها وملفاتها؟ دعونا نراقب ونتأمل. وختاماً، أتقدم بالتهنئة لبلدي ووطني الغالي الأردن وللفدرالية الروسية الصديقة بمناسبة الذكرى الثانية والخمسون على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما مع تمنياتي للتقدم للأمام لما فيه كل الخير لقيادة بلدينا وشعبينا العظيمين والعالم، وأرجو في المقابل أن يعم السلام الحقيقي بين العملاقين الكبيرين روسيا وأمريكا والله من وراء القصد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :