facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما الذي يجري في سوريا؟


علاء الفزاع
21-09-2015 06:23 AM

هل التدخل الروسي نصر للنظام السوري وصفعة في وجه الأمريكان؟ هل فعلاً أن الدب الروسي فرض ما يريد على النسر الأمريكي؟ وهل المسألة أرضية لحرب عالمية ثالثة؟

لنبدأ من النهاية. إن كانت هناك مؤامرة على سوريا كما يحلو لأنصار النظام الترداد من حين لآخر، فإن تلك المؤامرة نجحت تماماً، إذ تم تدمير سوريا بالكامل ولم يبق من جيشها سوى أقل القليل، وأصبحت سوريا ملعباً لكل الدول تقريباً، وجرى تهجير نصف شعبها بين النزوح الداخلي واللجوء الخارجي، وقتلت الروح فيمن بقي حياً ونجى من الموت والإصابة والتعذيب. وبخصوص ما يقوله أنصار النظام من أن المؤامرة فشلت لأن بشار بقي رئيساً فهو لا يختلف عن القول بأن العملية نجحت ومات المريض. أما إذا كانت المسألة ثورة كما يحلو لأنصار الإسلام السياسي التكرار على طول الخط فإنها في الواقع أسوأ ثورة في التاريخ، لأنها قسمت البلاد وهجرت العباد ومكنت الإرهابيين من رقاب السوريين بدلاً من أن تحميهم من بطش النظام.

ولكن عودة إلى البداية وما بعدها، يتفق معظم المراقبين المحايدين على أن الثورة السورية الحقيقية والشعبية والقائمة على مطالب عادلة تماماً شغلت معظم العام 2011، ولكنها فشلت في هزيمة النظام، وخصوصاً بعد أن عجزت عن تحريك دمشق وحلب. ورغم سلميتها المطلقة طيلة شهور ربيع وصيف ذلك العام إلا أنها تحولت بسرعة مع الخريف إلى تمرد سني مسلح، تحت ضغط قمع النظام من ناحية، ووعود الخليج وتركيا وأمريكا وفرنسا للمعارضة من ناحية أخرى. وبسرعة البرق انزلقت الأمور إلى حرب أهلية على أساس الطوائف، رفضت كل الأطراف الاعتراف بأنها كذلك، مصممة من ناحية النظام وأنصاره على وصفها بالمؤامرة، ومن ناحية المعارضة وأنصارها على وصفها بالثورة.

اليوم وبعد أكثر من 4 سنوات من الحرب أصبح الموقف الروسي هو الأقوى. ومرة واحدة أصبحت روسيا محط زيارة كل أطراف الأزمة. ورغم أن المحورية الروسية عبرت عن نفسها بشكل مباشر بالوجود العسكري العلني في اللاذقية وغيرها إلا أنه بطريقة أخرى تعبير عن دقة القراءة الروسية للمشهد في سوريا منذ البداية. الروس منذ الأسابيع الأولى وجهوا تحذيرات واضحة للنظام السوري بضرورة احتواء الموقف لإفشال مخططات يجري الإعداد لها، ولكن مكابرة الجنرالات وأركان النظام ولوبيات الفساد والتسلط والأبعاد الطائفية للنظام جعلت قادته يركبون رؤوسهم ويمضون في القمع الأعمى والاستخدم الأحمق للقوة. الروس وجهوا تحذيرات مماثلة للأمريكان من أن دعم المعارضة سيقوي المجموعات الإرهابية التي كانت ظهرت للمرة الأولى على معبر باب الهوى. أما الخليج فلم يكن هناك جدوى من مخاطبته لأنه كان قرر إسقاط الأسد بأي ثمن.

وللمفارقة فإن الموقف الروسي قريب جداً من الموقف الذي تبناه المستوى العسكري الأردني، والذي كان وعلى خلاف المستوى السياسي قد أدرك مبكراً جداً خطورة ما يجري على الأمن الوطني الأردني من ناحية تواجد قوى الإسلام السياسي العسكرية في دولة مجاورة. كلا الموقفين كان مبنياً على فهم يدرك تماماً أن المصلحة ليست في بقاء بشار بحد ذاته، ولكن في بقاء الجيش السوري بصفته أقل الخيارات سوءاً. ولهذا كان مستوى انفتاح الجبهة الأردنية للمسلحين السوريين دائماً ضمن مستوى معين لا يتجاوزه، وهو الموقف الذي لم يعجب دول الخليج المتحمسة لفتح الجبهة الجنوبية ولو على حساب أمن الأردن.

الروس طيلة هذه الفترة كانوا يوازنون الخيارات، فهم يدركون أن بقاء بشار ليس هدفاً بحد ذاته، خصوصاً وأنه بقاء مكلف، ولكنهم يسعون تحديداً إلى 3 مسائل:
1-الحفاظ على مصالحهم، وليس أقلها القاعدة البحرية، عدا عن أهمية وجود حليف في المنطقة.
2-الحفاظ على الجيش السوري بصفته الضامن الوحيد لبقاء الدولة أو الحفاظ على ما تبقى منها
3-منع استقرار الجماعات الإرهابية على الأرض السورية أسوة بنماذج سيئة أخرى كالنموذج الصومالي.

الروس يطرحون ومنذ العام 2011 أن اليوم التالي لإسقاط الأسد سيكون سيئاً على مصالحها هي نفسها وعلى كل دول المنطقة لأنه ولظروف معقدة للغاية أصبح تماسك الجيش مرتبطاً ببقاء الأسد، علماً أنه لم يعد يملك الكثير من التأثير وانتهى مجرد صورة خارجية. وربما تكون هذه المسألة تحديداً هي النقطة الأقوى في التصور الروسي، على العكس من التصورات الأمريكية والتركية والخليجية والتي ثبت أنها قصيرة النظر للغاية ولم تلحظ أن اليوم التالي لرحيل الأسد سيشهد تفاعلات تؤثر على وحدة وسلامة تركيا بفعل القوى الكردية المتصاعدة، وعلى أمن الأردن بفعل استهدافه في وقت لاحق من قبل الجماعات الجهادية، وعلى العراق (وهو ما ثبتت صحته لاحقاً باجتياح الموصل والأنبار) وعلى السعودية نفسها، ناهيك عن لبنان الذي يتماسك بصعوبة في ظل الضغط الذي يتعرض له بسبب الصراع في سوريا.

في ضوء هذا التسلسل يمكن تقديم إضاءة جديدة على التحرك الروسي العسكري في سوريا، وذلك باستذكار الدخول المفاجئ للوحدة الروسية إلى مطار برشتينا في حرب البوسنة عام 1999. لم يغير ذلك الدخول نتيجة الحرب ولم ينقذ حلفاء روسيا من الهزيمة، ولكنه وضع خطوط روسيا الحمراء على الطاولة أمام الجميع: مسموح طرد القوات الصربية العسكرية ولكن غير مسموح المساس بمناطق الصرب في البوسنة. روسيا اليوم تضع خطوطها الحمراء وتتأكد بشكل مباشر من أن النظام والجيش السوريين لن ينهارا، خصوصاً بعد انسحاب مليشيات الحشد الشعبي إلى العراق العام الماضي وعدم كفاية قوات حزب الله وبدء انهيار الجيش النظامي في عدة محاور، ولكنها لن ترغب أبداً في الدخول في حرب استنزاف مع جماعات كداعش والنصرة والتي أثبتت أنها بالغة الخطورة إلى الحد الذي تخشاها فيه جميع دول المنطقة. بكلام آخر وبعيداً عن توصيفات سوريا النافعة وتفسيرات التقسيم والمؤامرة فإن ما تقوم به روسيا هو بالضبط ما كان الأردن سيقوم به لو امتلك القوة الكافية: منع انهيار ما تبقى من الدولة السورية وسقوطها نهائياً في الفوضى، ومنع إيران من السيطرة كلياً على النظام السوري الذي أصبح بالغ الوهن والضعف فروسيا لا تريد أن تسقط التفاحة السورية -أو ما تبقى منها- كلياً في الأيدي الإيرانية، كما تريد روسيا الحفاظ على المصالح الاستراتيجية بالتأكيد. يتأتى ذلك عبر مساعدة النظام على البقاء والحفاظ على المناطق التي بين يديه، تمهيداً لترتيب تفاهمات مع دول المنطقة، وهي تفاهمات لا يبدو أنها ستتم -إن تمت- لولا التدخل الروسي، وبدونها سيكون التدخل الروسي مجرد تورط أحمق. هذه التفاهمات -إن تمت- فإنها ستقود إلى المرحلة الثانية، وهي الحرب الطويلة والمضنية والمؤلمة ضد الجماعات الإرهابية لتطهير سوريا والمنطقة منها.

إذاً ليست المسألة نصراً وهزيمة، ولكنها محاولات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وسط الخراب المديد، ويبدو أن الأمريكان مقتنعون ضمنياً بصحة الخطوة الروسية، ولكنهم في انتظار مواقف باقي حلفائهم، وخصوصاً في الخليج وتركيا. وهكذا وبالضبط فإن الأسئلة المطروحة في أعلى المقالة لا معنى لها إطلاقاً، ومبنية على فهم معزول بشكل تام عن الواقع ومفصول بشكل درامي عن الدراما الحياتية التي تجري في سوريا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :