facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




شهداء الحرم المكي


د.رحيل الغرايبة
28-09-2015 05:00 AM

سقوط مئات الحجاج في حادث التدافع في أحد مناسك الحج أمر محزن ومروّع، ويدعونا جميعاً إلى الوقوف على تكرار مثل هذه الحوادث المفجعة، ودراسة الأمر بطريقة شاملة، من أجل وضع خطة علاجية ناجحة تأخذ بعين الاعتبار جميع المسارات وكل الاحتمالات الممكنة، وعدم إغفال أي منها بحيث يتم التعامل مع كل احتمال، امتلاك البدائل المتاحة القائمة على رصد التوقعات من خلال رصيد التجربة والمراجعة الطويل لكل المواسم السابقة.

موسم الحج يهم كل الشعوب العربية والإسلامية، بل يهم كل شعوب العالم، حيث يتجمع فيه الحجيج من كل الدول بلا استثناء، وإن كانت المملكة السعودية في قمة هرم المسؤولية، ولكنها يمكنها الاستعانة بكل الخبرات العالمية من أجل إنجاح هذه الشعيرة على أتم وجوهها وأفضل أشكالها التي تحفظ سلامة الحجاج وأمنهم حياتهم وكرامتهم وفقاً لمقاصد الإسلام العظيمة، مما يستوجب عقد المؤتمرات والندوات المتخصصة بشكل دائم ومستمر لخدمة هذا الهدف النبيل.

قد يكون احتمال المؤامرة أمراً وارداً وغير مستبعد، وربما يكون هناك بعض الأطراف الإقليمية التي تخطط لإحراج المملكة السعودية في هذا العام لأمور سياسية تجري في المنطقة، فهذا يحتاج إلى معلومات وتحقيق واستقصاء علمي دقيق، من أجل الوقوف على الحقيقة، دون استعجال في رمي التهم واتباع مسلك الظن البعيد عن المنهج الموضوعي في المعالجة، وعلى كل حال يجب عدم إغفال هذا الاحتمال منذ البدء ويجب أخذ جميع الاحتياطات اللازمة بشكل مسبق ووقائي.

لكن الأكثر أهمية في هذا الموضوع هو المسار الثقافي الذي يحتاج إلى معالجة طويلة الأمد من جميع دول العالم العربي والإسلامي ومن جميع المؤسسات، حيث أننا نعاني من مشكلة ثقافية تتعلق بمفهوم الدين والتدين على الجملة، فما زال «التعصب» يشكل السمة الطاغية على أتباع الأديان، والتعصب بجوهره يقوم على الانتماء العاطفي الشكلي الذي يمتاز بالسطحية والتخلف، ويحمل في مضامينه الميل للعنف، وعدم اللجوء إلى استخدام العقل بطريقة علمية سليمة، والتعصب لا يأتي بخير، وليس مطلوباً في الشريعة ولا من صاحب الشرع، لأن الدين يقصد ابتداءً إلى الهداية، وتحقيق السعادة من خلال حب الخير للذات وللآخر، ويقوم على مبدأ الحرية الكاملة التي تجعل الإنسان العاقل الراشد محلاً للابتلاء والاختبار.

انطلاقاً من هذه الحقيقة المسلمّة لا يمكن أن يكون الدين سبباً لاتلاف الروح وانعدام الحياة وتحقيق الشقاء، ولا يمكن أن تكون العبادة سبباً في إلحاق الحرج والمشقة بالنفس على الصعيد الفردي وعلى الصعيد الجماعي، وكل من يحمل الدين بطريقة تلحق الحرج والمشقة بالفرد والمجتمع فقد ناقض مقصود الدين، لأن الله تعالى يقول في هذا الصدد كلاماً واضحاً قاطعاً لا خلاف فيه : (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى) (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، ولذلك لا يجوز أن تؤدي مناسك الحج وشعائره إلى إزهاق أرواح البشر، بل لا يجوز إلحاق الأذى بالحيوانات ولا بالنباتات، وتواترت الروايات الصحيحة على استحقاق النار لمن يقدم على تعذيب الحيوان.

المهم في هذا السياق أن يفهم كل مسلم أن حفظ النفس مقدم على أداء العبادة إذا كانت سبباً في هلاك الأنفس، بل شرع الله للمكلف الرخص في حالات المشقة والحرج، مما يجعلنا نضع إطاراً فلسفياً لكيفية التعامل الفردي والجماعي مع مشاعر الحج ومناسكه، بحيث تكون خالية من أي سبب أو احتمال لإيذاء النفوس و هدر الحياة، ولذلك على الحاج أن ينفر من كل ما يسبب التدافع والزحام وأن لا يكون سبباً لإزهاق نفس، مما يحبط حجّه وعمله وسبباً لخسرانه الدنيا والآخرة، نحن بحاجة إلى تعزيز السلوك الحضاري القويم في التعامل مع الآخر بحيث تكون ثقافة وأسلوب حياة؛ في بلده ووطنه الأصيل، وفي التعامل مع عائلته وأهل قريته وسكان الحي، ويجب أن يكون الدين عاملاً من عوامل التحضر والنهوض، ومسبباً في السلوك القويم.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :