facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الأردن والتطورات السورية: "الحجر بمكانه قنطار"


علاء الفزاع
11-10-2015 12:28 AM

في لعبة الشطرنج وفي لعبة الدامة يصل اللاعب أحياناً إلى موقف يتمنى فيه لو يتمكن من تمرير دوره إلى اللاعب الآخر دون أن يحرّك أية قطعة، لأن تحريكها سيتسبب بخسارة الدور بأكمله.

ينطبق هذا في السياسة كذلك، وخصوصاً عندما تكون الساحة مليئة بالألغام والانعطافات غير المرئية والمفاجآت التي تقفز من هنا وهناك. وينطبق هذا أكثر وأكثر على الساحة السورية التي شهدت تقلبات سيسجلها التاريخ، حيث تعاقبت دولتان عظميان، أمريكا وروسيا، على التدخل المباشر وغير المباشر، وتدخلت دول كبرى مثل بريطانيا وفرنسا، إضافة إلى اللاعبين الإقليميين المختلفين، فيما تتقاتل على الأرض السورية مئات التنظيمات المتنافسة وبمشاركة عشرات-وربما مئات- الآلاف من المقاتلين غير السوريين على طرفي القتال.

هنا تبدو الحكمة في الابتعاد بدهية للحفاظ على الأردن من تداعيات ما يجري في الساحة شمالي الأردن، سوريا سابقاً، والتي لا يعرف أحد مطلقاً كيف سيبدو وجهها بعد عدة أعوام، باستثناء أنه أصبح من المؤكد أنها ستضم سوريين أقل بكثير.

المصلحة الأردنية الكبرى الواقعية في مثل هذه الظروف النأي بالنفس والاكتفاء بالمحافظة على حدوده الشمالية آمنة، ويأتي ذلك في أفضل صوره بوجود الجيش النظامي السوري.

طيلة الأزمة كنا نوجه الانتقادات إلى السياسة الأردنية التي تسمح بمرور السلاح والمقاتلين عبر الحدود، وهي انتقادات ثبت صحتها اليوم مع تنامي خطر الجماعات الجهادية التي وإن جاءت نتيجة لقمع النظام إلا أنه تأكد أن بعضاً من قوتها نتج عن فتح الحدود التركية والأردنية، وبالطبع انفلات الحدود العراقية، بل واستفادت من معدات وأسلحة أمريكية تم تمريرها للمعارضة (المعتدلة) عبر تركيا والأردن.

ولكن كانت السياسة الرسمية الأردنية ـ في صناعة القرار-، تحافظ على سقف معين من انفتاح الحدود، يرتفع أو ينخفض بناء على الضغوط الخليجية التي كانت على الدوام تريد جبهة جنوبية مفتوحة. ولكن ذلك السقف لم يصل أبداً إلى حد التورط المباشر أو الوصول إلى مرحلة فلتان تام، ربما باستثناء المحاولة الفاشلة للسيطرة على درعا في عاصفة الجنوب والتي تورط فيها الأردن أكثر بكثير من اللازم، ولحسن حظه فشلت.

الروس دخلوا المنطقة بقوة عاصفة وبأسلوب درامي وبدؤوا بالقصف من اليوم الأول، وأخذ تدخلهم زخماً إعلامياً وسياسياً كبيراً دفع بالكثير من المراقبين إلى انتظار نتائج عسكرية وشيكة، خصوصاً بعد فشل مشاريع كل القوى التي تدخلت في سوريا على امتداد عمر الأزمة ووصول تلك المشاريع إلى نتائج كارثية.

لكن دول المنطقة واللاعبين المختلفين في الأزمة تمالكوا أنفسهم سريعاً من المفاجأة الروسية، وأخذوا في صياغة مواقفهم. حتى اللحظة ومن قراءة الردود الأولية الواردة من الخليج ومن القوى السورية المرتبطة بالخليج من غير المستبعد أن تقرر السعودية أن تمضي في سيناريو الحرب المديدة في سوريا وتخوض حرب استنزاف للروس في سوريا، على غرار التجربة الأفغانية، وأن تدعم تدفق الجهاديين من كافة أنحاء العالم، وهم -أي الجهاديين- قد بدأوا بالفعل في توعد الروس.

من ناحية أخرى فإن الانقسام الأوروبي واضح إزاء ما يجري في سوريا، والأمريكان تتضارب تصريحاتهم بين يوم وآخر، أما تركيا فتبدو أقرب للتهدئة مع روسيا بحكم المصالح الكبيرة المشتركة، وخصوصاً في مجال الطاقة. وهكذا فإن أي توجه سعودي للتصعيد قد يكون معزولاً.

السعودية تخاطر بالصدام مع الروس في سوريا، فهي مكشوفة كلياً في اليمن، وإذا قرر الروس تسليح الحوثيين فإنهم سيؤلمون الرياض كثيراً، وهي أصلاً تعاني من آثار الحرب التي كان من المقرر لها أن تكون حرب تأديب تجبر الحوثيين على العودة للتفاوض ولكنها تطورت إلى حرب تدمير واسعة أوقعت خسائر مؤلمة في كل الأطراف وسقط فيها الكثير من المدنيين إلى حد توجيه انتقادات دولية حادة لغارات التحالف العربي، فيما اتضح أن القوى التي ساعدت في السيطرة على عدن بعضها معاد للسعودية وللإمارات، سواء من الحراك الجنوبي أو من القاعدة أو من داعش. يتصادف ذلك مع معاناة الاقتصاد السعودي بشدة من آثار هبوط أسعار النفط، مع أن السعودية ذاتها كانت أحد مدبري ذلك الانخفاض للضغط على روسيا.

ولكن الروس ليسوا أفضل حالاً من السعودية. سوريا ليست القرم ولا صربيا ولا شرق أوكرانيا. في شرق أوكرانيا استقدمت روسيا مئات المقاتلين القوقاز من الشيشان وغيرها للمشاركة في حملتها هناك، ولكن الشيشان والقوقاز الذين ستواجههم في سوريا من الخندق الآخر المعادي، خندق المقاتلين الذين لا يستطيعون اختراق الجبهة الداخلية الروسية، فيما يمكنهم على مهل تدبير هجمات على الروس في سوريا حيث أن الروس مكشوفون أكثر بكثير مما هم عليه في روسيا أو في شرق أوكرانيا. الروس قد يكتشفون سريعاً أن القوات الجوية غير كافية، وأن تحجيم داعش وجيش الفتح وباقي المليشيات يحتاج إلى قوات برية أكبر مما هو متوفر للجيش النظامي السوري، فهل تلجأ روسيا إلى التورط وإرسال قوات برية بما يعنيه ذلك من كلف مادية وبشرية، خصوصاً في ظل تراجع الوضع الاقتصادي الروسي بفعل العقوبات الغربية؟

الاحتمالات مفتوحة، ولكن إذا لم تتمكن قوات النظام السوري من تحقيق انتصارات كبيرة خلال الفترة القصيرة المقبلة فإن زخم التدخل الروسي سيضيع، وستصبح السيناريوهات أصعب. ورغم أن الهجوم الحالي لقوات النظام يتركز على سهل الغاب والاستيلاء على قرية هنا وقرية هناك إلا أن ذلك لا يعني شيئاً مقارنة مع الكلف السياسية للتدخل الروسي. كما ينبغي ملاحظة أن فشل قوات النظام في استعادة مدينة إدلب قبل نهاية العام سيعني أن الأمور ستطول كثيراً دون تدخل بري روسي كبير بحجم عشرات آلاف المقاتلين. والواقع أن إحدى قراءات التدخل الروسي -إذا بقي بهذا الحجم- تتوصل إلى أنه وسيلة لضمان منطقة آمنة في دمشق وغرب سوريا والتسليم بخسارة باقي الأراضي السورية وتركها لمصيرها.

الأردن إذاً ليس معنياً بالانخراط في الجهود المحتملة للتصعيد في سوريا، لأن تلك الجهود إن نجحت في هزيمة الروس والنظام فستفضي إلى جلب جيران جدد إلى حدودنا، جيران من نوعية داعش على الأرجح، أو على الأقل من نوعية جبهة النصرة وجيش الإسلام وجيش الفتح، وجميعها لا تختلف عن داعش إلا في التكتيك، وهو ما يمكن اكتشافه بمجرد قراءة المساجلات النقدية بين قادة داعش والنصرة.

والأردن ليس معنياً كذلك بالانخراط في الجهود الروسية، فرغم أن الروس كانوا الأكثر حكمة ودقة في الأزمة الروسية إلا أن استراتيجيتهم ليست واضحة اليوم بالقدر الذي كانت عليه في اليوم الأول للتدخل. واحتمالات فشل تدخلهم ووصولهم إلى حائط مسدود هي احتمالات عالية إذا لم ينجحوا في كسب حلفاء عالميين وإقليميين. وعلى كل الجهات فالأردن ليس مجبراً على المراهنة على أي حصان لأن تلك المراهنة تعني المخاطرة بالأمن الوطني.

للأردن مصلحة حقيقية في نجاح الروس في سوريا، من ناحية تحجيم القوى الإرهابية التي لا قبل لأية قوة إقليمية منفردة بهزيمتها، ومن ناحية أن الوجود الروسي سيشكل ضمانة لإجبار النظام السوري في مرحلة ما على تقديم ما يلزم من التنازلات لإنجاز تسوية. عدا عن أن الوجود الروسي يتضمن إقراراً بفشل الإيرانيين في سوريا. ولكن من الأفضل للأردن أن ينتظر بلا أية حركة تتسبب في خسارة اللعبة كاملة، وأن يظل هادئاً ويراقب ما يقوم به الروس والسعوديون والأمريكان، وكيف ستتطور الأمور على الأرض في سهل الغاب وإدلب وربما في حلب وجبهة الجنوب، وفي مرحلة ما لاحقة، وضمن أية تسوية، لا يمكن لأحد تخطي الأردن، لأنه وببساطة "الحجر بمكانه ووقته قنطار".





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :