facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حال مبني على السكون ..


01-06-2008 03:00 AM

تلك الإشارة التي أدهشتني رؤيتها بينما كنت في ذلك السوق الذي اعتدت أن أتسوق منه ما يحتاج إليه بيتي الصغير ، وأنا أنظر إلى تلك اللوحات المعلقة على أكوام الخضار وورق التسعيرة الملصق على المنتجات المنزلية والى الفواكه التي تقع تحت أرقام خيالية ، سامعاً آهات السائرين وحوقلة البائسين ورجاء الأطفال الذين كانوا يسيرون إلى جانب أبيهم لشراء بعض العينات من تحت تلك اللوحات ؛ حتى وصلت إلى طريق معلق فيه (يافطة) مكتوب عليها (انتبه أمامك إشارة تحذير!)، فاستغربت من ذلك المشهد وبدأت أتساءل : لماذا أصبح التحذير يحتاج إلى تحذير ؟! ألأننا لا نقرأ ؛ أم نقرأ ولا نعي ؛ أم نعي ولا نعمل؟؟!!.

لم أطل التفكير وتابعت مسيري بالاتجاه الذي كانت تشير إليه تلك (اليافطة) ؛ لأجد ساحة تكثر فيها (اليافطات) مكتوب عليها شعارات تختصر الواقع الذي نعيش بكلمات جذابة ؛ ومن تحتها حشد كبير من الذين تقطعت بهم الأسباب وضاقت عليهم الأرض ، فأخذت أقرا وأنا واقف في مكاني معجب بتلك الشعارات مندهشاً دهشة الفاقد ؛ محاولا تفسير ما أقرأ ؛ رابطاً ما أعيه برحلتي القصيرة في ذلك السوق. فقد كانت كل (يافطة) تحكي قصة طريفة غنية بمضمونها عن تعريف عظمة ما تخفيه ، فليس بوسعي الآن إلا أن أقول بأن رحلتي بدأت بارتداء ثوب من اليأس ؛ محاكٍ بخيوط من العناء ؛ معطرٍ برائحة الأنانية التي بيعت لنا في أسواق الكساد ؛ الأسواق التي غفل عنها النهار ليعيش فيها ليل أسود شديد الظلام ؛ شديد البرد وشديد الخوف ؛ وذلك عندما رأيت (اليافطة) الأولى وقد كتب فيها (كم أذناً نحتاج لنسمع ؟؟؟!!!) فعرفت ما كانت ترمي إليه عندما تذكرت الأطفال الذين ينتظرون الفرصة لحصول رب أسرتهم على قوت الشهر الذي لن يكفيهم إلا لبعض الأساسيات التي يحتاجونها من الطعام حتى نصف الشهر دون التفكير في طموحهم الأكبر بشراء الحلويات.

تأملت كثيرا حتى انتهى الأمل عندما رأيت (اليافطة) الثانية وقد كتب فيها (كم عينا نحتاج لنرى ؟؟؟!!!) فساقني تفكيري إلى الأعداد الكبيرة من العاطلين والمتسولين الذين يقتاتون أرزاقهم بطرقهم المختلفة في الأسواق وعلى إشارات المرور والذين أمسوا عائقاً يعيق مجتمعنا الدافئ. استأنفت مسيري حائرا متبسماً تبسم المُغضب فرأيت (يافطة) ثالثة مكتوب عليها (كم عقلاً نحتاج لندرك ؟؟؟!!!) فعرفت أن ما كانت ترمي إليه ؛ هو حياتنا المهددة يوميا بحوادث السير وإلى تلك الألعاب البهلوانية التي أصبحنا نراها ونقلدها دون أن نعتبر بما يترتب عليها من إيذاء. حتى ذهب بي البصر إلى (يافطة) رابعة مكتوب فيها (كم ضميرا نحتاج لنستقيم ؟؟؟!!!) ، فتذكرت ما كنت أراه بذلك السوق عندما كنت أمر على محلات اللحوم والأسماك التي تباع للجاهلين بها على أنها لحوم طازجة وهي في حقيقتها لحوم فك عنها التجميد لتصبح سامة ولا تصلح للاستهلاك الآدمي. عجبت لذلك المشهد ؛ تسمرت في مكاني عندما رأيت (اليافطة) الخامسة وقد كتب فيها (كم طبيباً نحتاج لنشفى ؟؟؟!!!) فساقني تفكيري إلى تفاوت الآراء الطبية وإلى الذين يعانون من جلب القدرة على حماية أنفسهم من الأخطاء التي تتكرر يوما بعد يوم ونضلل بها نحن ؛ وتستتر تحت ثغرات القانون التي يجهلها الجاهلون ؛ في حال أصبح اليوم يُبنى على السكون.

عندها شعرت بالبرد الشديد ، وضيق في الصدر بعد أن مررت بسحابة دخان وقتلني صقيع المكان وأخافني شبح الزمان ؛ ليمضي العمر بلا أمان ؛ فلم يكن بوسعي قراءة ما تبقى من تلك (اليافطات) ولكنني سرعان ما وقفت إلى جانبهم بعدما رسمت (يافطة) جديدة كتبت فيها بإصرار شديد : (خايف على بحر الدفا بليلة شتا يصبح جليد).





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :