facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




لماذا استقال مدير الجمارك .. ؟!


حسين الرواشدة
04-11-2015 01:58 AM

بعد ثلاثة أيام فقط من تعيينه مديرا للجمارك بالوكالة قدم اللواء امين القضاة استقالته (ان شئت الدقة: احال نفسه على التقاعد)، لم يفصح الرجل، بالطبع، عن اسبابه ومبرراته، لكنه اكد امام موظفين التقاهم في الدائرة انه قرر الاستقالة ولن يتراجع عنها، وانه سيظل في خدمة البلد، وعلى الفور استجابت الحكومة وقررت قبول الطلب، لكن ملف الجمارك و"ألغازه" لم تغلق بعد، لا على صعيد تعيين البديل “تم تعيين مديرا آخر بالوكالة واعلن عن فتح باب الترشح للوظيفة الشاغرة"، ولا على صعيد اللجنة التي كلفت بالتحقيق في حادثة انفجار شحنتي الالعاب النارية، ناهيك عن ملابسات استقالة القضاة ايضا.

لم يحظ خبر الاستقالة باهتمام اعلامي، وهذا امر مفهوم لو جاء في سياق استقالة موظف في ظروف طبيعية ، لكن ما حدث جاء في ظروف مزدحمة بالالتباسات والتساؤلات التي فجرتها قضية “الجمرك”، ابتداء من تفاصيل مرور الشحنة ومعاينتها وبيعها وعدم اتلافها وصولا الى النقاشات الساخنة التي شهدها مجلس النواب في جلسة مساءلة مدير الجمارك الاسبق ، انتهاء باحالته على التقاعد قبل التحقيق الرسمي معه.

ما فعله السيد القضاة يمكن فهم مبرراته وفق ثلاثة احتمالات : الاول انه احتج على تعيينه “بالوكالة” بعد سنوات طويلة في الخدمته كانت كفيلة باثبات أحقيته في التعيين “بالاصالة” وليس بالوكالة ، الثاني انه وجد نفسه امام مهمة صعبة ، خاصة بعد ما حدث للمدير السابق ، ولانه لا يريد ان يقع في الفخ مثله، ولا يستطيع – بما عرف عنه من استقامة ونزاهة – ان يغطي على اية شبهة فساد محتملة ، فقد آثر الانسحاب بهدوء وبدون تعليق، اما الاحتمال الثالث فهو انه ربما طلب منه ان يستقيل سواء من باب النصيحة او من باب البحث عن رجل آخر “مناسب”!

لا يوجد لدي معلومات لأرجح اي احتمال على الآخر ، لكن لدي ثلاثة اعتبارات تدفعني لتوجيه النقاش حول الموضوع ( ليس من بينها اي علاقة او معرفة تربطني بالرجل)، الاعتبار الاول ان دائرة الجمارك تعتبر اهم “خزان” مالي محلي لخزينة الدولة، اذ يشكل ايرادها نحو 35% من الايرادات العامة (سجلت العام الماضي اكثر من مليار ونصف المليار دينار)، وبالتالي فان اية قضية تمسها يجب ان تحظى بما يلزم من اهتمام، ودقة وشفافية في التعامل ايضا،كما ان اختيار “اداراتها” وانصاف موظفيها يجب ان يوضع على سلم اولويات الحكومة، وان يطرح بوضوح امام الرأي العام، اما الاعتبار الثاني فيتعلق بملف “التعيينات في الوظائف العليا” وهو ملف مزدحم بالتجاوزات، وعلى الرغم من ان لدينا نظاما للتعيين في هذه الوظائف (صدر عام 2013) الا ان التزام الحكومات به ما زال مجالا للتساؤل ، واحيانا للتندر، هنا اذا جاءت استقالة اللواء القضاة من الجمارك في سياق الاحتجاج على الكيل بمكيالين في التعيين فانها تمثل صرخة جديدة يجب ان ننتبه اليها ، واتمنى ان توقظنا من “وحل” الاستغراق في المحسوبيات على حساب الكفاءة ، او في المحاصصات على حساب العدالة.

يبقى الاعتبار الثالث وهو الاهم – في تقديري - ، فقد اثارت حادثة الانفجارين في جمرك عمان تساؤلات كثيرة ما زالت معلقة بلا اجابات ، ولان خبرة المواطن في تشكيل اللجان وصداها في ذاكرته تدفعه دائما الى الشك بجدواها وما ستفضي اليه من نتائج ، واحيانا الى الاحساس بالخيبة من مجرد انتظارها ، فان واقعة احالة مديرين الى التقاعد في غضون ايام قليلة ، مهما اختلفت المبررات والسياقات ، ايقظت داخل المواطن تساؤلات اخرى مشروعة حول ما يجري داخل الجمارك ، وهي بالمناسبة اسئلة قديمة متجددة ، سبق ان تردد بعضها على ألسنة النواب ( احدهم سأل عن السلفة التي تقتطع من الجمارك لحساب رئاسة الوزراء، آخر سأل عن سبب عدم افصاح الجمارك عن ايراداتها بشكل دوري وواضح) ناهيك عن احتجاجات واعتصامات سبق ونفذّها موظفون من الدائرة قبل نحو عامين ، وبالتالي فان ما يجري في الجمارك لا بد ان يحظى بالدراسة والتدقيق ، ناهيك عن المكاشفة والمعالجة ايضا.

يبقى لدي اعتبار رابع اسجله على الهامش ، وهو يتعلق بضرورة اعادة الاعتبار لاخلاقيات الوظيفة العامة واحترامها ، صحيح ان مديري الجمارك اللذين احالا نفسيهما على التقاعد قدما نموذجا طيبا في الالتزام بهذه الاخلاقيات حينما انسحبا بهدوء ولم يثيرا اية جلبة كما يفعل آخرون، لكن الصحيح ايضا ان من وجب الحكومة ان تتعامل باحترام مع كل من يتبوأ مثل هذه المواقع ،سواء عند التعيين او عند التقاعد او انهاء الخدمة ، واعتقد ان اسوأ اهانة يشعر بها الموظف العام هي تقديمه كبش فداء عند اية مشكلة ، او ان يسمع خبر اقالته من وسائل الاعلام او ان يتجاوزه من هو اقل منه خدمة وخبره الى المقعد الاول..

كل ما اتمناه ان تضع الحكومة الحقائق امام الناس ، وان تتعامل معهم بمنطق الصراحة والمكاشفة ، وان تحترم ذكاءهم ايضا ، ليس في قضية الجمارك فقط وانما في كل القضايا التي تهمهم وتشغلهم.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :