facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




غرق عمان والمفهوم التاريخي لمعنى العاصمه


شحادة أبو بقر
06-11-2015 03:57 AM

بمعزل عما جرى غير مرة في عاصمتنا عمان جراء التساقط الغزير للامطار بإعتباره أمرا إجرائيا يتصل بالبنية التحتية والفوقية للمدن , وعطفا على موجة الإحتجاج الشديدة التي رافقت فيضانات الخميس بإعتبارها حالة متوقعة إجتماعيا , فإن النظرة الإستراتيجية إلى الواقع الشمولي للعاصمة عمان, يجب في تقديري أن ترقى إلى ما هو أبعد وأهم قبل فوات الأوان .

عمان التي تضاعف حجمها عشرات المرات خلال فترة زمنية قياسية جراء سوء التخطيط وغياب الحس العلمي في ظل نكبات افرزت هجرات عدة , إلى جانب هجرات داخلية افرزها سوء التخطيط المدني ذاته , يجب ان لا تكبر اكثر مما كبرت حتى الآن , وإلا فسوف يأتي زمن تصبح عمان فيه هي الاردن كله , مع ما يرافق ذلك من معضلات وتحديات سيكون الفيضان الناجم عن مطر لساعة او ساعتين أقلها .

تاريخيا , إرتاحت الدول التي أدركت المفهوم الحقيقي للعاصمه , وكيفت خططها التطويرية المدنية العمرانية إقتصاديا وإجتماعيا وحتى سياسيا , وفقا لذلك المفهوم المستند إلى ركائز عدة منها ,

اولا

العاصمة مدينة ذات رمزية سياسية اكثر منها أقتصادية وإجتماعيه , فهي مركز قيادة الدولة وحاضنة سلطاتها العليا وقيادات جيشها وقواها الامنيه , وهي مقر السفارات والمصرف المركزي او ما يسمى شيخ البنوك , وأية مرافق رسمية عليا ذات خصوصية تفرض تموضعها في العاصمة دون سواها من حواضر الدوله , وما عدا ذلك , فوجوده في رحاب العاصمة هو لزوم ما لا يلزم إلا عند من لا يحسنون اصول التخطيط بعيد المدى .

ثانيا

في ضوء ما سبق , تصبح العواصم مدنا صغيرة قياسا بغيرها , لها خصوصياتها الثقافية وحضورها السياسي الواضح اكثر من أي حضور إقتصادي او إجتماعي , وتقل فيها مرافق المهن والحرف والتجارة إلا في حدود ما يكفي سكانها وزائريها .

ثالثا

وفي ضوء ما سبق كذلك , يغدو من السهل جدا تشغيل الحياة العامة في العاصمة وصيانتها والحفاظ غلى خصوصياتها , على ان يترافق ذلك وطنيا مع تكثير المدن الأخرى , والحرص على ان تكون كذلك مدنا صغيرة في حجمها , فالمدن الصغيرة الاكثر عددا , افضل سياسيا وامنيا وتنافسيا وإجتماعيا وتتيح تمازجا شعبيا افضل بكثير مما تتيحه المدن الكبيرة الاقل عددا وتعدادا سكانيا وتجاريا وصناعيا وحرفيا وسوى ذلك من مرافق عامه .

من واقع عاصمتنا الكريمة عمان , نلحظ بيسر ان عمان قد قضمت سائر اخواتها, وغدت المكان الوحيد الجاذب للاردنيين من كل الاطراف , فهي أم السياسة والاقتصاد والثقافة والمهن والوظائف والبنوك والاحزاب والمنتديات والحرف والطبابة والنقابات والمجالس والجامعات والمطاعم والمقاهي والفنادق ودور السينما والجمعيات والورش والصناعات وكل انواع الخدمات , اي بإختصار كل شيء فيها وهي كل شيء , ولا يلام احد من المواطنين خارج نطاق المسؤوؤلية الرسمية بشيء من هذا , فالناس تبحث طبيعيا عن رزقها وذاتها عند تزاحم الاقدام .

ويتعدى الامر واقع المرافق والخدمات إلى ما ابعد , فالوزراء مثلا من سكان عمان او هم عمانيون حتى لو كانت مساقط رؤوسهم من مدن وبلدات اخرى , وكذلك كل او معظم الاعيان والنواب والامناء العامين والمديرين العامين والسفراء وامناء الاحزاب والنقباء وكل او معظم الرؤساء ايا كانت المرافق العامة التي يرأسون , ومن لم يكن من قاطني عمان منهم حتى الآن , فهو بالضرورة يفكر ويسعى حثيثا للإنتقال إليها , ولست اعرف سيارة حكومية ذات رقمين او ثلاثة تعود نهاية دوام كل يوم إلى محافظة إخرى إلا ما ندر وربما من النواب الذين ما زالوا قاطنين في محافظاتهم , وما ينطبق على القطاع العام , ينطبق كذلك على القطاع الخاص تماما , فانا لا اعرف رئيس مجلس ادارة بنك او مديرا عاما

لبنك او شركة كبرى او صغرى يقطن محافظة من محافظاتنا الاحدى عشرة بإستثناء عمان , كما لو كانت الزرقاء او الطفيلة او عجلون او حتى العقبة من اصقاع اخرى مع ان ابعد مسافة لمدينة عن عمان لا تتعدى ساعتين او ثلاثا او حتى اقل , فنحن نترك ناسنا في المحافظات القريبة وكلها قريبة لاقدارهم كما لو كانوا ليسوا منا ولا نحن منهم .

بإختصار نحن وطنيا وإستراتيجيا بمسيس حاجة لإعادة نظر شاملة في هذا الواقع الذي يجعلنا جميعا ومن العقبة إلى عقربا , نخرج عن طورنا ونتبادل الإتهامات وربما الشتائم كلما اكرمنا الكريم برشة مطر , وسقى الله ايام زمان عندما كان المطر والثلج الغزير ينهمر لايام عديدة دون ان نعرف ان هناك دفاعا مدنيا واسعافا وانقاذا او حتى ان هناك سلطات مسؤولة عن احوالنا وسلامتنا , والله من وراء القصد .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :