facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




يتبرأون ويتهمون


عدنان الروسان
06-11-2015 12:30 PM

كلما ذهبت من هنا فرارا من جحيم أسواق الدنيا، إلى هناك حيث بقايا أريج الأردن القديم الذي اندثر أو كاد بفعل فاعلين، وتسلق متسلقين، أرى في القرايا ولاء وانتماء حقيقيين يطلان من عيون الناس دون أن ينطقوا بحرف ودون أن يدبجوا خطبا عصماء وقصائد شعر كما يفعل البعض في السرايا، تبدأ بسيدي ومولاي وتنتهي بخادمكم المخلص، ثم ما أن ينفض الحضور حتى ينتظر الخطيب أو الشاعر يوما أو اثنين أو ربما ساعة أو ساعتين فإذا لم يصل اتصال أو مرسال يحمل ثمن الخطبة العصماء أو القصيدة المجلجلة حتى يستل قلمه أو لسانه، أو يتربع في ديوانيته التي باتت تسمى في فقه المنافقين "مركز قوى" يحيط به بعض المتكسبين والمتشعبطين والمتفيهقين، فيصول ويجول في فقه المعارضة، ويغوص في أعماق ولائه وانتمائه ليعير الجميع به وكأنه بنى الوطن بيديه طوبة طوبة، أو كأنه حمل كل أثقال التاريخ الوطني على منكبيه، صار هناك أسواق كأسواق النخاسة للولاء والانتماء، وبات هناك نشرة كنشرة سوق عمان المالي لأسعار الولاء والانتماء، وفرضت مراكز القوى أجندتها التي باتت معروفة ومقروءة ومفهومة، وقبلنا ونحن أصحاب الحق أن يتعالى المتفيهقون على الصامتين الصابرين.

تجلس مع وزراء ومستوزرين، ومسؤولين ومتسولين على أبوابهم فلا تسمع إلا قرفا يسيل أمامك يسقط اللقمة من فمك إن كنت على طعام وتفسد وضوءك إن كنت على وضوء، ويزيد من حالة القرف أن نخباً محسوبة على الثقافة والفكر والفهم والإعلام والسياسة لا تلبث تصرخ في كل واد، وتهيم في كل شعب تسجل مواقف وتتعشى مع كل معاوية أو يزيد، وتصلي مع كل علي ثم تتمضمض بعرق الأردنيين وتعبهم وتتمسح بأهداب الهاشميين وتاريخهم، وتختبئ وراء عباءة الملك وتمارس كل أنواع العهر السياسي باسم الوطنية، وتقتنص كل الفرص باسم الولاء والانتماء، ثم تعبث بكل التعب الملكي والجهد الهاشمي، ثم تتبرأ من معاوية ويزيد وعلي، وقد تتهم الحسن والحسين وفاطمة بعدم الولاء والانتماء، ثم تستل خناجرها شرفا وتتبارى فيما بينها في معارك الشرف المفقود والزهد المردود، ثم بعد كل ذلك الهوس الوطني وبعد أن ينجلي الغبار نجد أن كل حروب داحس والغبراء الكلامية كانت تنافسا بين مراكز القوى الذين ما يزالون يمثلون نفس المسرحية منذ عهد طويل رغم أنها باتت ممجوجة، مذمومة لا تضحك أحدا ولا تمر على أحد.

يجب أن نعترف ونجهر بالقول إن مراكز القوى جلها إن لم يكن كلها لم ترتكب رذيلة واحدة هي الضحك على الشعب الأردني، وارتكاب مجازر أخلاقية وإنسانية ووطنية بحقه، ونستطيع أن نعدد العشرات على الأقل مما أكدته الوقائع وأثبتته المحاكم، ولكننا نعف هنا عن التفصيل حتى لا يأتي بعده مقص رئيس التحرير بالتعطيل، ونقول إنه إضافة إلى كل الخراب الذي أحدثه المخربون في بناء الوطن الأردني العظيم، فإنهم استغلوا تسامح مؤسسة الحكم، وعباءة الملك، وما تبقى من أبعاد عشائرية لوثوا اسمها بما يرتكبونه من فواحش سياسية...

اليوم الوطن بحاجة إلى شفافية كبيرة ووقفة صفاء يتخذ بها صاحب القرار قراره بأن الوضع لم يعد يحتمل غثاء صيادي المكافآت، وتجار الشنطة الذين باعونا "سمك لبن تمر هندي" وأوهمونا أنها خلطة "بتوخذ العقل"، ثم تبين لنا فيما تبين أنها شيء مسخ لا يستقيم لعاقل ولا يستوي للبيب، اليوم هذا الوطن لا يصلح آخره إلا بما صلح به أوله من الرجال العظام الذين كانوا يجلسون في مجلس النواب فتشعر بأن الرجال أكبر من الكراسي وأن النواب أعظم من المايكروفونان، وأن الأصوات تمثل أولئك الذين يطل الولاء والانتماء من عيونهم دون أن ينطقوا بحرف ودون أن يشربوا أنخاب الولاء والانتماء بكؤوس ذهبية وجلسات مخملية، لأن أولئك الذين تحدثنا عنهم، أولئك الأردنيون شربوا الولاء والانتماء في زبدية من صفيح ومن مياه آبار شيحان وأم قيس والسلط ومن جرون البادية العظيمة الصادقة ومن كل واد ولو كان غير ذي زرع من أودية الأردن وشعابها، والوزراء كان لهم وهرة بدون تكبر ولا ظلم، وكان الرؤساء شامخين قامات عالية، حينما تقف يتضاءل أمامها كل الصغار، تنظر إلى وصفي التل فتشعر أنك أمام رئيس حكومة متقشف، أحب الأردنيين " القبة الخنق " والبلوزة السوداء من وصفي وربما الكشرة أخذوها منه، وسيارة الجاكوار التي كانت قبل الرئاسة وخلال الرئاسة وبعد الرئاسة لم يتغير شكلها ولا لونها، كان يتنحنح فيحدث كل من في الجلسة من الفاسدين ولا يجرؤ على الكلام أو النفاق.

ربما آن الأوان أن نخفض السبابة التي تشير دائما إلى السقف في إشارة إلى فوق، وأن نؤشر بها إلى الذين لا يصطفون وراء توجيهات الملك ليعينوه على إتمام ما بدأ، وإنجاز ما يجب انجازه وأن ينهضوا عن مائدة الطعام فقد شبعوا حتى "انبعطوا" وتجشأوا حتى قرفوا هم من روائح أفواههم، وإذا كان إدخال الطعام على الطعام مفسدة فما بالك بإدخال الفساد على الفساد، لقد آن الأوان أن نأخذ جميعنا إجازة من السبات الشتوي الطويل الذي بتناه، ومن عقلية وطن بجمعة مشمشية، وأن نعود مواطنين لا مستوطنين، ومنتمين لا متمنين، وموالين لا مستمالين، آن الأوان أن يكون الوطن جزءا منا نحبه حب الذات والولد لا أن نعتبره صالة ترانزيت نمر فيها لضرورات السفر والتسوق.

دعونا نجير كل ولائنا وانتمائنا لنساعد في جلب الاستثمارات لبلادنا، ونقدم نموذجا " هونكونغيا أو سنغافوريا أو حتى ماليزيا " إن جازت التعابير، ولا ندع الجمل يميل على واحد لوحده يجوب الأرض شرقا وغربا ثم نقوم نحن بنعث كل ما تجمع كالتي " نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا " وياما نقضنا غزلنا وبعثرنا جهودنا وحافظنا على مراكز قوانا من أجل منصب أو شرهة، دعونا يا من أقسمتم على كتاب الله أمام الملك أن تخدموا الأمة، دعونا من الشرح المسهب لنسب التضخم ونسب النمو وتحسن الميزان التجاري، وتقلص العجز ووقف المديونية، نسمعكم فنظن أننا نتبلى عليكم وأننا في الجنة ثم نستفيق على ارتطامنا "بجورة أو مطب" مما أنعمت به علينا البلديات والوزارات، قفوا وراء التوجه الرسمي في ضرورة أن ننتبه للاستثمار ولننتبه "لما يسند نيرنا".

لا نكتب كما يظن بعض القراء سامحهم الله وكما نستشف من تعليقات البعض منهم متشفين ولا مرائين ولا محرضين ولا ناقمين ولا حاسدين، نحن أردنيون ما نزال رغم تحضرنا تملؤنا الجلافة دون حقد، وتتدفق في عروقنا دماء الصحراء سيولا هادرة وننتمي دون خوف ونوالي دون ذلة أو منة وندافع عن الوطن من شذاذ آفاق البزنس خوفا على الوطن والشعب والنظام.

اللهم اجعل هذا بلدا أمنا وارزق أهله من الثمرات، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :