facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




داعش تتمدد .. يجب ان ننتبه .. !


حسين الرواشدة
12-11-2015 02:35 AM

يتعرض الافراد في المجتمعات – مهما اختلفت تجاربهم – لموجة من الهجرات القصرية او الذاتية: ثمة من يهاجر الى الماضي للبحث عن ملاذات آمنة، وعن هوية يخشى عليها او يفتقدها، وثمة من يهاجر الى الحاضر والمستقبل ، بالاستناد الى التاريخ او بدونه، لكن ما حدث بالنسبة لمجتمعاتنا كان شيئا آخر، فقد ضاعت بوصلة الهجرة – خاصة للشباب- بين ماضٍ مختلف عليه، وتاريخ مليء بالامجاد الحقيقية والاخرى المزورة، وبين حاضر مزدحم بالازمات والجراحات والالآم، ومستقبل مجهول وملغوم ومخيف ايضا.

في هذه المرحلة الصعبة التي نمر بها، اعتقد ان بعض شبابنا قرروا الهجرة للتطرف باعتباره الطريق المتاح وربما الافضل، ليس لانهم تصوروا بانه طريق النجاة، وانما للاحتجاج والنكاية والانتقام، لا يمكن بالطبع تحديد عنوان واحد “للتطرف” لكن ربما تمثل داعش اخطر عنوان دال وصادم ايضا، لا يتعلق خطر”داعش” هنا بقوة التنظيم فقط، وانما بالفكرة التي اعتمدت التوحش عنوانا لها، وفكرة التوحش وان انتسبت الى داعش الا انها ليست غريبة عن حقيقة الانسان الذي يملك اكبر مخزون من الشر القابل للانفجار متى توافرت له الظروف السيئة ،واذا كان ثمة روايات وشكوك حول صناعة التنظيم واهدافه والجهات التي تموله ، فان “الفكرة “ ولادة طبيعية انتجتها ظروف معروفة في مجتمعات عانت من التوحش، ثم اصبح لديها قابلية لممارسته.

نحن اذا كمجتمعات ودول نتحمل مسؤولية انتاج “التوحش”، واذا كانت داعش كفكرة جسدت اسوأ ما لدى الانسان من رغبة في القتل والانتقام والقسوة، فانها يمكن ان تتمدد في اي مكان يحتضنها او يتفاعل معها ، كما يمكن ان تجذب الاشخاص المرضى الذين يشعرون انها تجيب على اسئلتهم، او تتناسب مع طموحاتهم ، او تفتح امامهم فرصة للخروج من حالة اليأس او الخوف او القهر التي يعانون منها.

بشكل اوضح ، لدى كل فرد او مجتمع “قابلية” ليكون قديسا او مجرما ، ومع ان الانسان في الاصل مسؤول عن خياراته الا ان الحقيقة هي ان هذه الخيارات غالبا مرتبطة بالبيئة والظروف التي تحيط به ، ولو استعاد احدنا ذاكرته الان لوجد انه في مرحلة ما من حياته تعرض لامتحان صعب وكان يمكن ان يجعل منه مشروع مجرم او على الاقل شخص انتقامي، ويمكن ان يحدث العكس لو وجد فرصة افضل دفعته لكي يبدع ويتبوأ افضل المواقع.
السؤال : هل اصبحت ( داعش) تشكل خطرا على بلدنا؟ ثم هل يجب ان نشعر بالقلق من تمددها؟

لا يتعلق هذا السؤال بحادثة معينة، وانما بما يجري من تحولات كبيرة في مجتمعنا، اهمها اتساع خارطة التطرف بانواعة والجريمة باشكالها والعنف المفاجيء وغير المفهوم احيانا.

قد نختلف على ( نسبة) حجم الخطر و على مصدره وعلى ما وفرناه من امكانيات لمواجهته، لكن لا يمكن أن نختلف على ( وجوده) و على ضرورة الانتباه اليه ووضع ما يلزم من ( خطط: أولا للوقاية منه ،وثانيا لمنعه من الوصول الينا أو التمدد داخل مجتمعنا.

هنا يجب أن نفرق بين مسألتين: احداهما ( خطر) التنظيم سواء أكان مصدره من وراء الحدود أو من داخلها، و الثانية خطر ( الفكرة) ومدى قدرتها على التوسع و الجذب و الاستقطاب، أو بشكل أدق، إمكانية ( توطنها) في المجتمع و قابليتها للتغلغل وايجاد ما يلزمها من حواضن اجتماعية و ملاذات آمنة.

اعتقد أننا حتى الآن لا نملك اجابات واضحة تماما على مثل هذه التساؤلات و الافتراضات، ربما يكون لدينا اجابات ومعالجات أمنية، وهذه - بالطبع- ضرورية، لكنها لا تكفي وحدها لمواجهة التطرف، خاصة حين يكون منتجا للعنف ، صحيح ان لدينا استراتيجية لمواجهة التطرف ( لم تشهر بعد) وصحيح ان بيئاتنا الاجتماعية ما تزال تحتفظ بمزاج معتدل، لكن الصحيح ايضا ان كل ذلك لا يكفي، فقد اصبحنا امام تهديد جدي من التنظيم والفكرة على حد سواء، ولعل اخطر ما يتعلق بفكرة التطرف التي يتبناها التنظيم أنها خرجت من تحت لافتة ( الدين) وانتسبت اليه، و بالتالي فإن مواجهتها تحتاج الى مزيد من الدقة و الحكمة، ناهيك عن الفهم الحقيقي ( للتربة) التي خرجت منها والظروف التي افرزتها، وبالتالي تعهد هذه الجذور بالمعالجة بدل المسارعة الى (قص) الفروع فقط.

لا بد ايضا ان ننتبه الى اننا نعيش في عصر “مجتمع الفرجة” حيث يتولى الاعلام تشكيل توجهاتنتا وافكارنا ومزاجنا العام على اساس الصورة لا الحقيقة، وبما يتناسب مع ما نسمعه ونراه لا ما نعقلة او نقتنع به، وبالتالي فان التوحش الذي نراه اصبح جزءا من حياتنا ويمكن ان يكون مقبولا ومستساغا لدى بعض الذين يعانون من نقص في الوعي او من زيادة قي ارتفاع منسوب القهر او من رغبة بالمغامرة والانتقام، وهؤلاء في الغالب من فئة الشباب الذين تسحرهم الصورة اكثر من الكلمة.

كما يجب ان ننتبه الى ان مهمة حماية الشباب من التوحش او “ترويض” الوحش داخلهم لا تتحقق بالاستفزاز والدعوات والرغبات وانما بالافعال والقناعات والسياسات، سواء تعلقت بمواجهة اخطاء السياسة والاقتصاد او بتصويب مسارات الفكر الديني والتعليم والثقافة، وهذه تحتاج الى تفاصيل نعرفها جميعا، لكننا للاسف لم نجرؤ بعد على وضعها في سياق نقاشات عملية جادة.. ناهيك عن تنفيذها في الميدان.

الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :