" السَّيّـــــــــــــد القانــــون " بقلم : المحامي موسى الأعرج
18-12-2015 12:00 PM
- وُصفت الدولة منذ تاريخ وجودها بأوصاف عدة، وكانت هذه الأوصاف تتمحور حول من يمارس السلطة وكيفية ممارسة السلطة، واستقر الإجماع أخيراً على وصف الدولة بالقانون، فالدولة الحديثة هي "الدولة القانونية".
- القانون، أفرزته الضرورة الاجتماعية، بعدما عاش المجتمع الإنساني حالة الاستئثار الفردي بالقوة، الذي كان ينتج الفوضى، ومن رحم هذه الفوضى ولد القانون، بعد أن أدرك أفراد المجتمع، أن الحل هو في تعميم قوة القانون وليس في فرض قانون القوة.
- القانون، هذا "المخلوق العجيب"، بالرغم من أن إرادة المجتمع هي التي تصنعه، فإن البعض يجهله والبعض يكرهه، والبعض يخافه، والبعض يخالفه، ولكن الجميع عليهم أن يقبلوا بوجوده وبسيادته، لأنه ضروري ولازم لتنظيم واستمرار حياة المجتمع.
- ولأن القانون ضروري ولازم، ولا بدَّ من وجوده، فقد اكتسب صفة السيد غير المنازع في حُكْم المجتمع، وإذا لم يكن القانون هو السيد عادت حالة من الفوضى التي كانت سائدة قبل ولادة القانون.
- القانون، هذا السيد، الذي يعبَّر عن سيادته بـ "سيادة القانون"، لا يكفي القول نظرياً بأنه السيِّد، بل لا بد من ممارسة سيادته في حيز التطبيق، ولا يكفي أن يطبق، بل لا بد أن تكون القوة العامة، عند عدم الامتثال لحكمه، هي السند لتطبيقه.
- ولعل حالة غياب سيادة القانون، أخطر من حالة عدم وجود القانون (الفوضى)، لأن هذا الغياب نتاجه أن يكون البعض خارج سيادة القانون والبعض تحت سيادة القانون، وهذا البعض الأخير سيكون تواقاً حتماً للخروج على القانون، وعندها يعود قانون القوة ليحل محل قوة القانون.
- إن استعمال القوة العامة لتطبيق وتنفيذ القانون، هو استعمال لازم وضروري، يستند إلى إرادة المجتمع الذي صنع القانون، وهو استعمال لصالح المجتمع، الذي لا تحميه ولا تستمر حياته آمنة مطمئنة إلاّ بسيادة القانون، ولا سيادة للقانون إلاّ إذا كان مدعوماً بالقوة المخوَّل استعمالها بموجب القانون.