facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




مهرجان استثمار الأنقاض


سناء المعايطة
27-06-2008 03:00 AM

لم أتوقع يوما أنني سأكون بين صفوف المعارضين لأي حراك ثقافي مهما كان نوعه، حتى لو كان كتلك الإصدارات التي تنوء بأفكار مستوحاة من زفيرالشيطان وأعوانه. لم تساورني أبدا رغبة في انتقاد حرية التعبير لأحدهم ،طالما أنها مدموغة بقناعات و إسهابات مؤلفها .ولم أكن سأعارض أي تظاهرة فنية لها مروجوها ومرتادوها - مهما كان إسفافها- طالما هم أهل لها وصانعوها. لأن صدف وعارضت فلن يكون ذلك بدعوى القائل خالف تعرف فقط ولا من أجل تسجيل مواقف بطولية، ولن تكون فرصة لأستعرض مكنوناتي الدينية وممتلكاتي لإرث ثقيل من العادات والتقاليد، وللتذكيرفقط ، فان عدم اعتراضي على تلك المظاهر الثقافية لا يعني بالضرورة ممارستي لها وتأييدها ،بل لأن إيماني المطلق بالحرية يدعوني لأن أتقبل الآخر طالما عرفت حدودي وعرف الآخر حدوده.

للأسف، أنا اليوم أقف بين صفوف الرافضة لولادة عسيرة تتمخض عن تظاهرة فنية أطلق عليها اسم (مهرجان الأردن) ، وأقول للأسف ،لأن قراري بالرفض جاء منوطا بتراكمات عديدة أهمها بالنسبة لي التعدي على حدودي وهويتي كأردنية وإلصاق اسم عزيزعلى قلبي وقلوب الأردنيين جميعا بتلك التظاهرة. حقا لا أجد سببا وجيها للتسمية، قد يكون الزج باسم الأردن حيلة بهلوانية أراد أن يلعبها حاوي في بداية طريق الإحتراف والمراوغة، أو ربما كان اقتراحا عبثيا لمراهن لم يبرع بعد في أصول المراهنة والمقامرة، أو زج باسمه مستثمر مبتدئ ما زال يحبو خطواته الأولى في ألف باء الإستثمار على أصوله، ومن يدري من زج باسم الغالي في هذا المهرجان الذي لم يزل حملا سقيطا خارج الرحم وبين الأحشاء .

كما علمت، فان ميزانية (مهرجان الأردن) كبيرة جدا، نجاحه منوط إما بحضور واسع لشعب الأردن وضيوفه، أو المزيد من المديونية. المنظمون والمروجون ما زالوا خلف الكواليس تحوم الشكوك حولهم، فهم لم يسقطوا اللثام عن هويتهم بعد وربما لن يسقطوه أبدا، ومن نحن لنستبيح ملامحهم، فنحن المغيبون دائما عن أي شئ وكل شيء، واللثام يلفنا بين ثناياه فلم نعد نعرف إن كنا خارجه أم داخله.

في الوقت الذي تتلون فيه غيوم الوطن الناصعة وتصبح مرتعا خصبا لمماحكات العنصرية المقنَعة، وعندما تصبح سيادة الوطن موضوعا شيقا للتابلوهات الصفراء، و مقدرات الوطن - كما نسمع من هذا وذاك- معروضة برسم البيع ومشروعا للمزاودة، ليس بالظرف المختوم بل علانية، وحين يكبلنا الأسى عندما نسمع عن مؤتمرات عربية تعقد على أرض عربية تخشى من هويتها فتدعو نفسها بالشرق أوسطية ، وبين هذا وذاك تصريحات تأتي من فلان فقط لتنفي ما قاله علان ليس إلا،و نحن اليوم بأمس الحاجة لمن يطمئننا ببراهين وأدلة دامغة لدحض أي مؤامرات أو مساومات أو حتى ملابسات تحمل في طياتها ما تحت الأرض وما عليها. في وسط كل هذه الضبابية المنظَمة، يأتي هذا المهرجان، كحل أو كبديل أو كمشروع استثماري، لآ أدري ولكنه بالتأكيد زاد في كثافة الغشاوة المحيطة بنا لنتوه أكثر في ضبابيتها.

من قال إن الشعب الآن وفي مثل هذا الوقت يتوق إلى الترفيه عن نفسه ؟ وحتى لو تهورهذا الشعب المغلوب على أمره ـ رغما عن ضبابية الأجواء ـ وأراد أن يروح عن نفسه فمن اقترح أن تكون أدوات الترويح طربا ورقصا ومجونا؟ من ذا الذي سيطرب ويرقص وأسعار السلع تنام بهامش ربح وتصحو على أضعافه؟ وأسعار المحروقات والكهرباء إن نفذت من حر الصيف ولهيبه فبالتأكيد فأنها لن تنفذ من شتاء سيمر عصيبا على العديد من الأسر الأردنية الكريمة.

أعود وأتساءل مرة أخرى ، من ذا الذي اقترح أن يسمى المهرجان بمهرجان الأردن؟ وكأن هذا الإسم ملك لأحدهم، يتصرف به كما يشاء، فليطلقوا على مهرجاناتهم ما شاءوا من الأسماء وما أحبوا، فقط دعوا لهذا الإسم خصوصيته، دعوه ليكون عنوانا للشرف ومواقف الرجولة والبطولة، دعوا اسم هذا البلد ليرتبط بحسن الضيافة والكرم، دعوا هذا الاسم ليرتبط بالفخر والعز والشهامة!!

أنا أعلم بأننا لن نستطيع ايقاف المهرجان، ليس لعدم مقدرتنا على ذلك بل ربما لإننا لم نتعلم بعد كيف يمكن أن نكون يوما حجر عثرة في طريق استثمار لأحدهم. مساكين مروجو هذه الحفلات وسماسرتها فالعوز والشح يعتريهم تماما كما يعتري مساكين الوطن وفقرائه ،كان الله في عونهم، فربما يثقل كاهلهم عبء الحلال والحرام كما يثقل كاهل إمام مسجد يتسحب من فراشه في كوانين الشتاء ليؤذن للفجر في موعده، لربما كانت ذممهم معلقة بين عيونهم كما تعلق الإيقونات في كنائس عجلون والفحيص من يدري، وإلا مالذي جعلنا نثق بهم أو نشفق عليهم ونضع اسم أغلى ما نملك بين أيديهم.

قد لانملك القدرة على إيقاف المهرجان الذي ليس لنا به ناقة ولا جمل وكل ما نملكه هو هذا الإسم الطاهر الذي زج به زورا وبهتانا في صفقة خاسرة، فلنطالب على الأقل بتغيير اسم المهرجان وليكن اسمه ما كان وسأقترح عليهم بتسميته مهرجان استثمار الأنقاض.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :