حضرت أم محمد والبالغة من العمر 60 عامـاً إلى إحدى عيادات الطوارئ مصابة بالرجفة والخوف الشديد، وكانت بحالة اكتئاب شديد، نتيجة توقف طبيبها عن إعطائها حبوب الفاليوم (VALIUM) المهدئة، والتي تتناولها منذ عشر سنوات بعد نجاح عملية ورم حميد في الدماغ ، ولكن أحد مضاعفات هذه العملية هو إدمانها على تناول هذا المهدئ يومياً.
أم مروان مدمنة على عقار الستيلنوكس ( Stilnox ) ، وقد تعدت مستوى جرعتها اليومية، وقد بدأت بتناوله قبل 7 سنوات، بعد وفاة زوجها واعالتها لثلاثة أطفال أصبحوا الآن في سن المراهقة، لأن مصاعب الحياة قد هجّرت النوم من عيونها، مما دعاها الى البدء في استخدام هذا العقار، وأصبحت متعلقة به بحيث أصبح صديق حياتها الأول.
إن هذه الأدوية تتبع لعائلة البينزوديازيبينات (Benzodiazepines)، والتي لها أهمية كبيرة جداً في حياتنا، حيث يتم إعطائها للمريض قبل العمليات الجراحية لتهدئته وزيادة فاعلية أدوية التخدير ، كما أنها تعطى في حالات الخوف المرضي ، أو اضطرابات النوم ، ولعلاج بعض الأمراض النفسية.
وهناك احصائيات عالمية مفادها أن 5 - 7 % من المواطنين في العالم لديهم إدمان على المسكنات والمهدئات وهذا يعود إلى سوء استخدام هذه العقاقير ، وسهولة الحصول عليها بدون وصفة طبية ، لذا يتوقع العلماء بأن نسبة المدمنين أعلى من هذه الأرقام لعدم وجود إحصاءات دقيقة لذلك ، كما وتبين أيضاً أن أخذ هذه العقاقير لمدة ثلاثة أشهر أو أكثر يعني الإدمان عليها ، إذ يصبح التخلص منها صعب جداً ويحتاج الى عناية ورعاية اخصائيي علاج الإدمان . لأن الوصول الى مرحلة الإشباع تتطلب زيادة الجرعات بشكل مستمر مما يجعل الخطر كبيراً وإمكانية الإدمان سريعة ، بالإضافة إلى وجود بعض الناس الذين يشعرون بالنشوة عند تناول هذه العقاقير، و يعتقدون بأنهم يكافئون أجسامهم عبر تناولها وهذا ما يجعل التعلق النفسي أكبر من التعلق الجسدي.
إن إصلاح هذا الوضع يتطلب التعاون التام بين الأطباء ، وشركات التأمين الصحي، وشركات انتاج العقاقير لتقديم التوعية لأفراد المجتمع للإبتعاد عن الإدمان على هذه العقاقير، والمطلوب من مؤسسات الرقابة الحكومية هو النظر بجدية لهذه الظاهرة والتي تشكل خطراً على صحة الناس وربما صحة الآخرين .