facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




وسائل الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة .. بين التقييد والإطلاق


د. جهاد الجراح
04-02-2016 05:58 PM

لئن كانت النظم البرلمانية تقوم على التعاون و التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, فإن التوازن يكفله حق البرلمان في الاقتراع بطرح الثقة بالوزارة وتحريك المسؤولية السياسية للوزارة امام البرلمان , وحق السلطة التنفيذية في حل البرلمان واجراء انتخابات جديدة , واما التعاون , فيعني وجود اتصال بين هاتين السلطتين , واهم مظاهره حق الوزراء في الدخول الى البرلمان والاشتراك في جلساته ومناقشاته , وحق الحكومة في تقديم مشاريع القوانين الى البرلمان , وحق دعوة البرلمان الى الانعقاد أو تأجيله وتعد الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية نتيجة طبيعية لمبدأ الفصل بين السلطات , ولكن هذا الفصل ليس المقصود به الفصل المطلق بل فصلا متداخلا مشربا بروح التعاون الذي يجعل من كل سلطة رقيبا على اعمال السلطة الاخرى.
والأصل أن السلطة التشريعية في الأنظمة الديمقراطية النيابية يتولاها برلمان منتخب من الشعب وان مهمة هذا البرلمان يبينها ويحددها دستور الدولة , فالبرلمان يقوم بوظيفة تشريعية مؤداها سن القوانين , والى جانب ذلك يقوم بوظيفة الرقابة على اعمال السلطة التنفيذية.
ويشير التاريخ الدستوري للانظمة الديمقراطية النيابية , الى ان الوظيفة الرقابية أسبق في نشأتها من الوظيفة التشريعية , ذلك أن البرلمانات قامت في اول عهدها للموافقة على الضرائب التي يحتاج اليها الحكام , وتطور ذلك تدريجيا الى ان اصبح للبرلمان حق الرقابة الكاملة على الشؤون المالية للدولة.
وإن أهمية الرقابة البرلمانية تنبع من افتراض مؤداه ان السلطة التشريعية تمثل الشعب , واذا صح ما سبق , فانه يصح ايضا ان الرقابة البرلمانية تمثل الثقل الشعبي للدولة تفويضا ومحاسبة , ويبنى على ما سبق ان نقطة البدء في الاصلاح السياسي لاي دولة هي تفعيل الدور الرقابي للبرلمان , وبقدر جدية هذا الدور واحترامه من جانب الحكومة , وحرص الأخيرة على الاستجابة لما يطرحه اعضاء البرلمان من مقترحات ومشكلات وانتقادات وتساؤلات , بقدر التطور الديمقراطي التي تنعم به وتحققه الدولة.
وأما مدى الرقابة البرلمانية فلا خلاف بين الفقهاء على خضوع كافة الاعمال الصادرة عن السلطة التنفيذية للرقابة البرلمانية , ولا محل للتمييز بين العمل السياسي والعمل الاداري فالبرلمان يراقب السياسة العامة للحكومة ويبحث مدى سلامة القرارات والاجراءات الوزارية المختلفة, سواء تلك التي يتخذها الوزراء داخل وزاراتهم او تلك التي يتخذونها لتنفيذ برامج الحكومة, وليس فقط من حيث مطابقتها للقانون, بل ايضا من حيث ملاءمتها للظروف التي صدرت بها, ومدى توافقها مع الصالح العام.
وعلى ضوء ما سبق فانه يمكن القول ان الرقابة البرلمانية للحكومة تعني سلطة فحص الاعمال التنفيذية لمعرفة مدى سلامتها ومشروعية تنفيذها, وبخلاف ذلك تقديمها للمساءلة السياسية وقد يكون المسؤول الحكومة بأسرها او احد وزرائها.
ومن الوسائل الرقابية التي اقرها الدستور الاردني نجد حق السؤال وحق الاستجواب , بالاضافة لوسائل الرقابة المقننة في النظام الداخلي لمجلس النواب ومنها: حق الكلام , المناقشة العامة, الاقتراح برغبة , المذكرات النيابية.
ويعد السؤال احد الوسائل الرقابية المنظمة دستوريا في المادة 96 , كما عرفته المادة 125 من النظام الداخلي لمجلس النواب بانه استفهام العضو من رئيس الوزراء او الوزراء عن امر يجهله في شأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصهم أو رغبة في التحقق من واقعة وصل علمها اليه أو استعلامه عن نية الحكومة في أمر من الأمور.
ونلاحظ هنا أن المادة 96 من الدستور قصرت حق توجيه السؤال الى الوزراء بينما النظام الداخلي لمجلس النواب وسع هذا الحق بأن شمل حق توجيه السؤال ايضا الى رئيس الوزراء.
والسؤال يعتبر وسيلة رقابية دستورية جدية لمراقبة الحكومة , لانه يتيح لعضو البرلمان الاستفسار عما غمض عليه من تدابير واجراءات حكومية , بالاضافة انه يمكن النائب من جمع المعلومات الضرورية لاداء المهمة التشريعية والرقابية , بل و تزويد الراي العام وكشف الحقائق أمامه وبالتالي توجيه نظر الحكومة الى مخالفات معينة لاستدراكها.
ولعل الأهمية الأبلغ للسؤال تكمن باعتباره بداية لوسيلة رقابية أكثر خطورة وهو الاستجواب, حيث أعطى المشرع في المادة 129 من النظام الداخلي لمجلس النواب الحق للنائب الذي وجه السؤال عند عرض الجواب , ان يحول السؤال الى استجواب , كما أجاز المشرع في المادة 132/ب من النظام الداخلي لمجلس النواب , تحويل السؤال الى استجواب ايضا , اذا لم تجب الحكومة خلال مدة شهر من ورود السؤال اليها. ويعد الاستجواب اهم واخطر وسائل الرقابة البرلمانية بالنسبة للنائب في مجلس الأمة الأردني بالنظر الى انه ينبع من حق النائب في اتهام الحكومة ومساءلتها في مجموعها او محاسبة احد اعضائها عن تجاوزات او اخطاء معينة تم ارتكابها , بحيث يثبتها مقدم الاستجواب امام البرلمان بهدف تحريك المسؤولية السياسية في مواجهة الحكومة او احد وزرائها.
ولم يظهر حق الاستجواب الا في دستور 1952 وذلك في المادة 96 منه , وقد عرفته المادة 133 من النظام الداخلي لمجلس النواب بأنه محاسبة الوزراء او احدهم على تصرف له في شأن من الشؤون العامة.
وتأتي أهمية الاستجواب كأداة للمساءلة السياسية الفاعلة من كونه ليس حقا شخصيا – كما هو الحال في السؤال – للنائب الذي تقدم به , حيث اجاز النظام الداخلي لمجلس النواب أن يعطى الكلام لمن شاء من النواب لمناقشة موضوع الاستجواب ( المادة 135/د ) , بل وأكثر من ذلك أجاز النظام لأي نائب آخر أن يتبنى موضوع الاستجواب (مادة 135/ه) , وبالتالي يصبح استجوابا آخر من نائب آخر.
أما ما يمنح الاستجواب الأهمية الأكبر باعتبار ما يرتبه من أثر دستوري وهو المسؤولية السياسية , والتي قد تكون ضد أحد الوزراء لتحريك المسؤولية الفردية , أو عن طريق اثارة المسؤولية الجماعية للوزارة , وكل ذلك بطلب طرح الثقة بالوزير او بالوزارة , مع مراعاة أحكام المادة 54 من الدستور.
ويتضح لنا بجلاء من كل ما تقدم أن اهمية الاستجواب تتمثل بالنظر لما يمكن ان يترتب عليه من مسؤولية سياسية للحكومة تتمثل بطرح الثقة بها او بأحد وزرائها , وبالتالي فهو وسيلة يلوح بها النواب لإبقاء الحكومة على المسار الصحيح , فالاستجواب ليس هدفا بحد ذاته الا اذا نتج عنه الادانة , عملا بقاعدة المتهم بريء حتى تثبت ادانته , وعليه فإن الجدل الذي اثير مؤخرا حول امكانية استجواب رئيس الوزراء من عدمه هو جدل حول الوسيلة والآلية لا حول الهدف , اذ لا خلاف حول مسؤولية الوزير المختص فرديا , أو مسؤولية الوزارة في مجموعها بنتيجة الاستجواب , وكل ذلك طبقا لما يراه النائب.
اما من حيث الآلية لاستخدام هذه الوسيلة وهل يمكن ان تمارس تجاه رئيس الوزراء ام لا, فانه يمكن القول ان رئيس الوزراء ليس محصنا وانه يمكن استجوابه استنادا لما يلي:
اولا: لقد اناط المشرع الدستوري السلطة التنفيذية بجلالة الملك , ويتولاها بواسطة وزرائه وفق أحكام الدستور ( المادة 26 من الدستور ) , وواضح ان المشرع لم يفرد نصا خاصا لرئيس الوزراء , وان ذلك يعني بجلاء ان رئيس الوزراء مشمول بتعبير الوزراء.
ثانيا: اشترط المشرع الدستوري ان لا يلي منصب الوزارة الا اردني لا يحمل جنسية دولة أخرى ( المادة 42 من الدستور ) , وهنا ايضا لم يفرد المشرع نصا خاصا لرئيس الوزراء , وأنه لا يمكن القول ان هذا الشرط مطلوب من الوزراء وغير مطلوب من رئيس الوزراء , وبالتالي فان ذلك يعني ضمنا ان رئيس الوزراء مشمول بذلك.
ثالثا: حينما نص المشرع الدستوري على ان اوامر الملك الشفوية او الخطية لا تخلي الوزراء من مسؤوليتهم , لم ينص المشرع على لفظ رئيس الوزراء , وبالتأكيد فان ذلك لا يعني استبعاد رئيس الوزراء من حكم هذه المادة.
رابعا: حفاظا على نزاهة منصب الوزارة , فان المشرع الدستوري حظر على الوزير ان يشتري او يستأجر شيئا من أملاك الحكومة , او ان يكون عضوا في مجلس ادارة شركة ما (المادة 44 من الدستور) , وهنا ايضا المشرع لم يذكر رئيس االوزراء, فهل يجوز ذلك للرئيس بالرغم من حظره على الوزراء!
خامسا: احال المشرع الدستوري تنظيم كلا الاسئلة والاستجوابات البرلمانية في المادة 96 من الدستور , الى النظام الداخلي لعضو البرلمان , ونلاحظ ان المادة 125 من النظام الداخلي لمجلس النواب نصت صراحة على جواز توجيه السؤال الى رئيس الوزراء او الوزراء.
سادسا: اذا وجه السؤال الى رئيس الوزراء بناء على المادة 125 من النظام الداخلي, واستخدم النائب حقه في تحويل السؤال الى استجواب استنادا الى نص المادة 129 من النظام الداخلي, فهل يمكن القول ان هذا الاستجواب غير دستوري!
سابعا: اجاز المشرع الدستوري لرئيس الوزراء ان يلي منصب الوزارة , كما هو حاصل مع دولة الرئيس حاليا , حيث يحمل حقيبة وزارة الدفاع , وبالتالي فهو وزير.
ولكن.... وبالرغم مما سبق , هل تقتضي الحصافة اتباع سياسة حرق المراحل وان توجه الاسئلة او الاستجوابات على اطلاقها لرئيس الوزراء؟
ان القول بذلك امر فيه غلو ولا يستقيم , كما انه لا يخدم المصلحة التي من أجلها قررت هذه الوسائل الرقابية على الحكومة , وذلك استنادا للأسباب التالية:
أولا: فرق المشرع بين رئيس الوزراء وبين الوزراء وبين مجلس الوزراء في التعبير وفي المسؤوليات , كما اوجب تعيين صلاحيات كل منهم بأنظمة خاصة (المادة 45/2 من الدستور).
ثانيا: أوجب المشرع الدستوري على رئيس الوزراء ان يتقيد بمبدأ المشروعية وان يتصرف بما هو ضمن صلاحياته واختصاصه , وان يحيل ما يخرج عن اختصاصه على مجلس الوزراء, وبالتالي فان له صلاحيات محددة.
ثالثا: ومن حيث المسؤولية امام مجلس النواب , فان مسؤولية رئيس الوزراء هي من حيث المبدأ مسؤولية مشتركة عن السياسة العامة للدولة , والاصل ان الوزير هو المسؤول امام مجلس النواب عن اعمال وزارته ( المادة 51 من الدستور).
رابعا: ان مقتضى حسن النية هو الذي يجب ان يسود العلاقات القانونية بشكل عام ومنها العلاقات الدستورية , وتطبيقا لذلك فان المشرع حينما نص في المادة 125 من النظام الداخلي لمجلس النواب على جواز توجيه السؤال لرئيس الوزراء , افترص ان هذا السؤال عن امر غامض يجهله النائب , وقيد المشرع هذا الافتراض بأن يكون السؤال في شأن من الشؤون التي تدخل في اختصاصاتهم , ولا شك ان الوزير هو المسؤول و المختص الاول في شؤون وزارته , وهذ ما نصت عليه صراحة المادة 47 من الدستور , وبالتالي فان توجيه السؤال مباشرة الى رئيس الوزراء يعد قفزا عن الحلقة الادرى بالجواب وهو الوزير المختص , وان ذلك يعد كمن يلجأ الى محكمة الاستئناف قبل محكمة البداية.
وبعد عرض كل ما سبق يمكن القول انه يجوز توجيه السؤال والاستجواب لرئيس الوزراء وفق إلضوابط التالية:
اولا: ان يكون السؤال او الاستجواب مما يدخل ضمن صلاحيات رئيس الوزراء سواء بصفته وزيرا - اذا كان يحمل حقيبة - او بصفته مسؤول بصفة مباشرة عن احدى الدوائر او المؤسسات الحكومية المرتبطة به.
ثانيا: اذا كان السؤال او الاستجواب حول السياسة العامة للدولة او الحكومة.
ثالثا: ان استجواب اي وزير لا يحول ولا يحصن رئيس الوزراء من المسؤولية السياسية عن اعمال تلك الوزارة , وبالتالي يمكن طرح الثقة بالوزارة في مجموعها بما فيها رئيسها او بالوزير منفردا.
*قسم القانون المقارن
جامعة العلوم الإسلامية

الراي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :