facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فيما "اللايكات" تتوالى


بسمة النسور
13-02-2016 04:29 PM

بعد بحثٍ مضنٍ، استغرق جملتي العصبية برمتها، عثرت على نظارتي الطبية، مثبتة فوق رأسي. تأكدت أن الوقت قد حان رسمياً للاستعانة بخبرات الأطباء، على الرغم من مقتي الشديد لهم، كون أن عدداً كبيراً منهم بلا ضمير، وهم يتمنون لنا أسوأ الشرور بطبيعة الحال. سوف أثبت وجهة نظري، قبل أن يحتد أي منكم. قولوا لي بربكم: كيف يمكن أن نثق بشخصٍ، يرتدي مئزراً أبيض، ويحقق معنا بلهجةٍ باردةٍ خاليةٍ من أي تعاطف من وراء مكتب صقيل في مكان يفوح بروائح المطهرات النفاذة، ويعتبر أوجاعنا مجرد ملفات في خزانة عيادته، وهي مصدر رزقه الوحيد. بمعنى أنه لو تخيلنا برهةً أن الأمراض كلها اختفت من وجه الدنيا، على نحو سحري مباغت، سوف ينخرب بيته حرفياً، ثم يجول في الشوارع متسولاً، بذقن غير حليقة وهيئة رثة.
بلغت أعراض حالة التوهان والشرود الذهني ذروتها، حين انتابني غضب شديد، لعدم استجابة ماكينة الصرف الآلي الواقفة بثبات في واجهة المول الفاخر، وقد حردت وانطلقت أزرارها بعصبية. استنكفت، ولم تجد علي بسخاء محايد بتلك الأوراق اللعينة التي تجعل الحياة أكثر سهولة. حدث ذلك، على الرغم من أنني قد وضعت في المكان المحدد بطاقة المركز الرياضي، بلغت المسألة حداً خطيراً، حين حاولت جاهدة فتح باب سيارة مرسيدس سوداء، تصادف وقوفها بالقرب من سيارتي الهونداي السوداء التي لا تتشابه مع المرسيدس الفارهه سوى باللون. المهم قدر الله ولطف، ولم يتم القبض علي بتهمة محاولة سطو فاشلة، على سيارة أحدهم، وقد هرع نحوي راكضاً ناقماً، يحمل في يديه أكياس تسوق، أظن أن أحدها يحتوي على شوكولاتة باهظة الثمن، فيما كرشه يهتز أمامه بانفعال، إلى أن أدرك الالتباس الذي وقعت فيه، فابتهج على نحو مبالغ به، وأحسست مقداراً من الشماتة في عبارته التي قصد بها تهوين المسألة علي، ما فجّر أحقادي الطبقية دفعة واحدة، تمنيت لحظة لو أهشم زجاج سيارته وأهرب، بعد أن أسمعه ما تيسر من الشتائم غير اللائقة.
واساني أصدقاء كثر، حين سردت الحادثة على صفحتي في "فيسبوك"، وأكد معظمهم أنهم يعانون من هذه الأعراض، المرتبطة بنمط الحياة المتسارع المتوتر والمثير للخيبة في معظم الأحيان. هدأت مخاوفي قليلاً. تأملت، طويلاً، في قدرة التعاطف الإنساني على تعزية الروح الحزينة والتخفيف من حدة هواجسها. حاولت مراراً الابتعاد عن "فيسبوك" وطرقه المتعرجة، غير أنني، كأي مدمن قليل الحيلة، عدت هذا الصباح بالذات، استعرضت دفعة جديدة من طلبات صداقةٍ، وردتني من بعض غريبي الأطوار، ذوي الأسماء المستعارة الطريفة ذات الدلالات المضحكة. تجاهلت، مع سبق الإصرار والترصد، طلبات أمير (اضلام)، أبو ضحكة جنان، عاشق صدام حسين، أسمراني اللون، قارئة الفنجان، ملك الظلام، قاهرة الأحزان. فرحت لورود اسم إحدى صديقات الطفولة ضمن القائمة نفسها، قبلت بها على الفور، وسرعان ما استولى علي الندم، وكذلك الحزن البالغ، لأن ما حدث، بعد تبادل التحيات والأشواق والحنين إلى كل ما مضى، والذكريات والأخبار، هو توقف الحوار عند ذلك الحد. عجزنا عن استكمال أي اتفاق متعلق بقضايا اللحظة الراهنة، بسبب انعدام المشتركات، وتقدم العمر، وتبدل الأحوال، مما أوقعني وصديقتي بالحرج، بعد أن احتدم الفضاء الأزرق بالطاقة السلبية، مبعثها خيبة أمل كل منا بالأخرى.
بعدها ساد صمت ثقيل، داريناه بالمجاملات وصور الوجوه المبتسمة. تابعت لقاءً متلفزاً، حاز مئتين وخمسين ألف متابعة في "تويتر" لممثلة هوليودية، ذات شهرة واسعة، قالت، في معرض ردها على سؤال المذيعة المزهوة بالمنجزات الحضارية للمدينة الناهضة، ردت، ببراءةٍ تامة، إن أكثر ما أثار إعجابها، في زيارتها الأولى لدبي، الصحراء وركوب الجمال. توقعت أن تقع المذيعة غير النبيهة في الارتباك، فتحث الضيفة على الإستدراك والإشارة بانبهار إلى مظاهر حضارية كثيرة، غير أنها لم تفعل. وانتهى اللقاء السريع بلقطاتٍ جميلة للممثلة الشهيرة، تمتطي الجمل السياحي المزين بالهودج المزركش، وتبتسم أمام الكاميرات في اختصارٍ غبي للمشهد، فيما اللايكات تتوالى.
العربي.





  • 1 بالهوا سوا 14-02-2016 | 12:49 AM

    اسألي الحكومه ليش


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :